خبر : العربي: ليبرالي أم إسلامي؟ ...د. خليفة علي السويدي

الإثنين 20 مايو 2013 09:48 ص / بتوقيت القدس +2GMT
العربي: ليبرالي أم إسلامي؟ ...د. خليفة علي السويدي



التقيته في إحدى الدول الغربية، وقد بدت عليه علامات الالتزام الإسلامي فقد أعفى لحيته، وقصر من سرواله التزاماً بالسُنة كما قال لي. هو يجسد لنا نمطاً من الأحزاب الإسلامية، التي ركبت موجة الجنسية الغربية، وهم في الوقت نفسه، لا يؤمنون بالديمقراطية التي أعطتهم حصانتهم الغربية ضد التحديات العربية ، مثل هذه الشخصيات تعجني، لأنها تمثل في تصوري تحدياً يستحق الدراسة للإفادة، فتقربت منه مبتسماً مسلماً ومتسائلاً عن هويته الفعلية، هل هو غربي، أم عربي؟ وما هي ثقافته: هل هي ليبرالية أم إسلامية؟ الاكتشاف الأهم في حواري معه يتلخص في تاريخه الحركي، قال لي: لقد نشأت ليبرالياً بل شيوعياً، وكان أبناء جيلي يضحكون على أهلهم لصيامهم رمضان أو ذهابهم للمساجد من أجل الصلاة، أستغفر الله، كنا، نمثل قمة الانحطاط والتفسخ الأخلاقي، فعندما كانت تمطر في موسكو كنا نفتح مظلاتنا. ومرت الأيام وبدأ تاريخ «الصحوة الإسلامية »، فكنا محظوظين أن الله تعالى اصطفانا لركوب هذا القطار، الذي مر سريعاً من دارنا، لكننا كنا نمثل طلائع الصحوة الإسلامية، فدخلنا في دين الله أفواجاً، وتحولنا من أهل الشِمال إلى أهل اليمين، عسى الله أن يغفر لنا جاهلية القرن العشرين التي كنا فيها، تفتحت عقولنا على تشرذم في أفكارنا، وانهزام في نفوسنا، فقد فقدنا الأمل في بلادنا، ولم نكن نرى أبعد من يومنا، لكننا وبنعمة ربنا أدركنا أن الدين هو نجاتنا، وأن فلاحنا يتلخص في هدي نبينا. وعندما ضاقت علينا بلاد العرب لجأنا إلى بلاد عدونا كي نعيد تنسيق صفوفنا، ونفتح صفحة جديدة من تاريخنا، ونعود بإذن الله إلى أوطاننا والمجد والعزة شعارنا. ولو أردت أن أسرد لكم الشعارات التي رفعها صاحبنا لما كتب غيري اليوم في صحيفتنا، لكن فيما قلت تمهيد لفكر بدأ يغزو دارنا وينتشر بين شبابنا. ففي منطقة الخليج العربي اليوم، نجد صراعاً كان خفياً، لكنه بدأ ينتقل من السرية إلى العلنية، وهو صراع الهوية التي عاشها صاحبنا ابن القضية الفلسطينية. فهناك تيار واضح المعالم يسمي أهله أنفسهم بتيار الليبرالية أو هكذا يوسمهم غيرهم، وهو تيار من تطرف من أهله، لا يرى للقيم مكاناً في حياته، لقد أعجبته الحياة الغربية بكل انفتاحها، وربما تفسخها الأخلاقي. لكنهم قد لا يجاهرون بهذه القضية تقديراً منهم للمرحلة الزمنية. وفي مقابلهم تيار إسلامي تطرف هو الآخر في رسم معالمه، أنكر كل مقتضيات الحضارة المعاصرة وكأن الإسلام جاء لعصر جمدت فيه البشرية في قرن من الزمن. فمن شاء دخول الجنة عليه بجنة جماعته أو حزبه فهم الفرقة الناجية وغيرهم «أمة هاوية». بين التيارين ضاعت أجيال في صراع حضاري بين الأصالة والمعاصرة، فهل بالإمكان أن تكون دولة عربية مسلمة لكنها في الوقت نفسه معاصرة؟ وهل نستطيع نحن العرب أن نقدم للعالم نموذجاً ناجحاً لا يتبنى الديمقراطية الغربية، التي قد لا تكون مناسبة للحياة العربية. وفي الوقت نفسه نحقق في دولتنا أقصى معاني التنمية البشرية، ونحترم الحقوق الإنسانية. وهل يستطيع الفرد المسلم أن يزاوج بنجاح بين دنياه وآخرته؟ ويرضي ربه دون أن ينتمي لجماعة متطرفة، أو فكر حزبي يحجر عقله، فيكون كالميت بين يدي مغسله.