خبر : في مصر يخلطون بين " حماس " وفلسطين ..غسان زقطان

الإثنين 20 مايو 2013 09:46 ص / بتوقيت القدس +2GMT
في مصر يخلطون بين " حماس " وفلسطين ..غسان زقطان



هناك خلط واضح في وسائل الإعلام، المصرية على وجه الخصوص، بين " فلسطين " و " حماس "، بين فلسطين بمرجعياتها التاريخية وصورتها في المخيلة العربية والمصرية تحديدا، وبين التعبيرات السياسية التي تنشأ في سياق مسيرة المشروع الوطني الفلسطيني وعلى أطرافه أو في مواجهته، حماس على سبيل المثال.وهو خلط، وان بدا، عفويا وطارئا ومؤقتا في ظاهره، الا انه في مستواه الأعمق يؤشر على انحدار الأداء السياسي والثقافي الذي تعاني منه النخب الثقافية في فلسطين ومصر، على حد سواء ، ويعكس الارتباك الذي يحيط بالنخب العربية في مواجهة التحولات والظروف الجديدة التي تدخلها المنطقة العربية.لقد تشكلت خلال العقد الأخير شبكة جديدة من التحالفات لعل أهمها بداية ترابط حلقات الإخوان المسلمين في المنطقة المحيطة بفلسطين، وتجسير البنى التنظيمية للجماعة وتوزيع العمل فيما بينها، وهذا يشمل بطبيعة الحال العلاقات الوثيقة بين فرعي الجماعة في مصر وفلسطين، غزة على نحو خاص الخاضعة لحكم حماس .سأضيف الى ذلك الأداء الاستفزازي الذي يفتقر الى الحكمة لبعض رموز " حماس " ودعمهم المطلق والمعلن لحكم الإخوان في مصر الذي وصل حد تنظيم احتفالات النصر في شوارع القطاع لمناسبة فوز " محمد مرسي "، بما يعنيه هذا من استعداء غير مبرر ومجاني للشارع المصري المعارض لحكم الإخوان، وهو ما لا يعكس بأي نسبة رأي الشارع الفلسطيني ويقترب من تزوير الواقع الشعبي الفلسطيني.يرى " الإخوان " الفلسطينيون أن وصول "أخوان " مصر الى سدة الحكم في مصر هو استكمال لسيطرتهم على قطاع غزة، وامتداد طبيعي لقوتهم، ما يمنحهم حرية التصرف والحركة، منطلقين من عدم إيمانهم بالدولة الوطنية المدنية، وهي وجهة نظر تصطدم الآن بمؤسسات الدولة المصرية الراسخة، وهي أزمة قيادة الإخوان في مصر أيضا، التي تواجه مؤسسة القضاء بينما تصطدم حماس بصلابة المؤسسة العسكرية التي يبدو انها لن تتهاون في موضوعة الأمن القومي المصري.ما يحدث هو استثمار هذه الأخطاء، التي تصل حد الحماقة، واستثمار تحالف حماس مع اخوان مصر لزج فلسطين في الشأن المصري الداخلي وتحريض الشارع المصري الغاضب، بوعي وبدون وعي، واطلاق اسم " حماس" على كل فلسطين. كل هذا في غياب أي دور او جهد من منظمة التحرير أو من " النخب" الفلسطينية والمصرية لمواجهة الظاهرة التي أخذت ابعادا مثيرة للقلق. هذه النخب التي استرخت تماما خلال العقود الأربعة الأخيرة وهرمت في سياق الشروط التي اوجدتها انظمة الحكم والمآلات التي وصلت اليها الدولة الوطنية العربية، والاتكاء على تقسيم العمل السياسي وتوزيع قطع الديكور على المشهد، دون ان تنتبه، في عزلتها ورضاها المطلق عن نفسها، للذي يجري على الأرض وفي الشوارع والساحات، التي توقفوا عن النظر باتجاهها أو تذكرها أو المشي فيها بسبب الكسل وأمراض الشيخوخة.