توزعت مخيمات الفلسطينيين في سورية، في المحافظات السورية كافة، وعاش سكانها في أجواء مريحة من الناحية القانونية والاجتماعية والاقتصادية، الأمر الذي أسهم في تطوير حياتهم ومن الأوجه كافة، بما فيها السياسية.اندمج الفلسطينيون في سورية في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وشاركوا في العمل المسلح للفصائل الوطنية الفلسطينية المسلحة، لكنهم وفي مخيماتهم عاشوا حياة مستقرة نسبياً، ولم يدر في أذهانهم، بأن أياما صعبة للغاية ستمر عليهم. لم يدر في خلد أحد، بأن هجرة جديدة قاسية للغاية ستطالهم.حدث ما حدث، وما حدث لم يكن حدثاً استثنائياً أو غير متوقع، ذلك أن المخيمات الفلسطينية في سورية، كافة، هي جزء من الأرض السورية، ما يحيط بتلك المخيمات هو نسيج سوري، بل ان ثمة تشابكات ديمغرافية، حدثت بين السكان السوريين وبين جموع اللاجئين في المخيمات الفلسطينية لدرجة بات معها مخيم اليرموك، مخيماً فلسطينياً تبلغ نسبة السوريين فيه زهاء 70% إضافة إلى ذلك، فإن اللاجئين، الذين ولدوا في الديار السورية ونشؤوا وترعرعوا فيها، تشكل أجيالاً متعاقبة منذ 1948 وحتى الآن.ما حدث في المخيمات الفلسطينية في سورية، لم يشكل مفاجأة ولا حدثاً استثنائياً أو شاذاً، بل كان محصلة لتراكمات عميقة منذ قرون.. نتيجة التشابكات بين الشعبين السوري والفلسطيني، خاصة في فترات ما قبل 1920، حيث كانت فلسطين، هي سورية الجنوبية، وبعد ذلك ومع نشوء الوطنية الفلسطينية، لم ينفصل النضال الوطني الفلسطيني عن النضال الوطني السوري. تمازجت القيادات، وتشابكت اليهود، ولم يكن مستغرباً أن يكون في فلسطين، قادة سوريون، عسكريون وسياسيون على حد سواء.ما يحدث في التجمعات الفلسطينية في سورية، هو أمر مرعب ومخيف للغاية. هنالك نسبة من الدمار عالية، ومن الشهداء عالية، واللاجئون الفلسطينيون في دول الشتات الجديدة ـ القديمة: الأردن، مصر، تركيا، لبنان، لا صفة قانونية لهم، يهيمون على وجوههم ولا يوجد راعٍ ولا معيل، الأزمة المالية وكل أزمات اللاجئين الفلسطينيين في سورية، تتفاقم، وتنذر بأبشع النتائج، ولا يمكن حلها بتبرعات فردية من هنا أو هناك.المسألة تحتاج إلى علاج شامل وعميق وجدي ومتشعب. المسألة تحتاج إلى جهود السلطة و م.ت.ف، للتوجه دون إبطاء تجاه مؤسسات العمل الدولي الإنساني، كالصليب الأحمر وخلافه، لحصر أعداد اللاجئين في دول الشتات الجديدة، وتحديد متطلباتهم، ومن ثم الاتصال بالدول المضيفة، لبنان، مصر، تركيا والأردن، لتأطير حالتهم القانونية، ذلك أن هجرتهم جاءت قسراً وبالإكراه. وكذلك الالتقاء الدائم، بهم وبممثليهم، من لدن السلطة وم.ت.ف للاطلاع المباشر على أحوالهم، وتأمين كل ما يمكن تأمينه من أجل حياتهم وبقائهم.