القدس المحتلة / سما / ذكرت صحيفة "يديعوت احرونوت" ان إجتماعاً يضم كلاً من وزيرة القضاء الاسرائيلي تسيبي ليفني، ووزير الجبهة الداخلية يتسحق اهارونوفتش، والمستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية، يهودا فاينشطاين ومسؤولين في جهاز الامن العام "الشباك" لمناقشة طرق التصدي لممارسات "دمغة الثمن" . وتضيف الصحيفة ان هذا الاجتماع يأتي في اعقاب الارتفاع الملحوظ في الاعمال العدائية التي يقوم بها المستوطنون ضد الفلسطينيين في الاراضي المحتلة، وإنتشار الظاهرة لتشمل ممتلكات الفلسطينيين داخل الخط الاخضر، خصوصا بعد مصرع احد مستوطني يتسهار قبل نحو اسبوعين على حاجز زعترة . وسيدرس الاجتماع إمكانية تشديد الاجراءات ضدد ممارسي هذه الاعمال، بالإضافة الى اصدار اوامر للابعاد عن الضفة الغربية، او تقديم لوائح إتهام ضدهم، كما تنظر النيابة العامة في إتخاذ إجراء يمنع المتهمين من لقاء محاميهم كما هو معمول به مع المعتقلين الفلسطينيين . بالإضافة الى ذلك تسعى النيابة الى تجفيف مصادر تمويل هذه الاعمال الارهابية، كما حصل من خلال سحب الدعم السياسي عن مستوطنة يتسهار، والتي تعتبر قاعدة لتصدير الاعمال التحريضية في اوساط المستوطنين . وتشير مصادر قضائية اسرائيلية، ان المحكمة العليا إتخذت في الآونة الاخيرة قراراً إستثنائياً ايدت بموجبه موقف النيابة العامة بمنع ثلاثة من المتهمين بحرق سيارة احد الفلسطينيين في بلدة الظاهرية من مقابلة محاميهم، الامر الذي يشكل وفقاً للصحيفة سياسة جديدة للمحكمة العليا والنيابة العامة في اسرائيل تجاه ممارسات "دمغة الثمن" ضد الفلسطينيين ومساواتها بالاعمال "الارهابية" التي يقوم بها الفلسطينيون. حسب تعبير الصحيفة. وفي ذات السياق تعمل وزارة المعارف الاسرائيلية بالتنسيق مع جهاز الامن العام "الشاباك" على إعداد دورات تعليمية وتثقيفية لأفراد "دمغة الثمن" لثنيهم عن ممارسة الاعمال التي يقومون فيها، وإقناعهم بالتراجع عن مثل هذه الممارسات . الى ذلك كشف تحقيق صحفي، أجراه حاييم ليفنسون، ونشر في صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية، خبايا النشاط الإستيطاني في الضفة الغربية، وحجم الدور الذي تقوم به جمعية "أمانا" الاستيطانية في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية عبر التزييف، استنادا الى تسلحها بالحصانة القانونية، والدعم من الحكومة الإسرائيلية لقاء الحفاظ على بقائها واستمراريتها، ما يشكل نسفا لامكانية التوصل الى حلول سياسية. ويتناول الكاتب في تحقيقه كيف يتم "الجمع بين الايدولوجيا والجشع"، وكيف تدار سياسة "التعامي" التي تمارسها السلطات الاسرائيلية الرسمية ما ادى لزيادة البناء الاستيطاني "غير الشرعي او غير الرسمي" وكيف يُستعاضُ عن معاقبة ومحاكمة متجاوزي القانون، توفير الحماية لهم، والتعاون معهم، وحتى تقدم التعويضات لهم على نطاق واسع. ونظرا لما تضمنه التحقيق من معلومات وتفاصيل حول الآليات التي تحرك الاستيطان، نشرت صحيفة "القدس" الترجمة الكاملة لهذا التحقيق الذي جاء تحت عنوان "المنظمة وراء البناء غير القانوني في البؤر الاستيطانية في الضفة الغربية" وهذا نصه: من الناحية النظرية، يفترض بالادارة المدنية وقوات الجيش الإسرائيلي، المسؤولين عن قضايا البنى التحتية وانفاذ القانون، النهوض الى العمل، بسبب أعمال البناء الجارية على إقامة ست وحدات سكنية جديدة في البؤرة الإستيطانية العشوائية "ماتسبيه داني"، الواقعة على بعد 10 كم الى الشرق من مدينة رام الله. وأقيمت البؤرة قبل 15 عاما، وهي تدخل مراحل تطورها الأخيرة، بعد مدة من اقامة المستوطنين في مقطورات وهياكل واهية، وكل الترتيبات الترقيعية. ووفقا للصلاحيات وسلم الأولويات التي رصدتها لنفسها، يفترض بالإدارة المدنية هدم الأبنية الجديدة. وبعدها تأتي الأبنية غير المسكونة في الدرجة الثانية، على قائمة مهام الإدارة المدنية (أولا يأتي تنفيذ أوامر المحاكم)، استنادا الى التوجه بأن هدم الأبنية المسكونة، يولد مأساة إنسانية، وجلبة سياسية. لا تحبسوا أنفاسكم بانتظار هدم المنازل الجديدة. فلقد شيدتها "أمانا" الجمعية التعاونية التي يترأسها زئيف هيفر (زامبيش) البالغ من العمر 59 عاما، ويعتبر أحد القياديين في المشروع الاستيطاني الجاري في الأراضي الفلسطينية. وهو أيضا عضو المنظمة اليهودية السرية المسلحة، التي تنشط في الأراضي الفلسطينية منذ ثمانينات القرن الماضي. وبنيت المنازل في "متسبيه داني"، وفقا لأحد النماذج الأساسية التالية لأمانا: "عندما تبني في أرض اسرائيل، فأنت لا تنشغل في الجماليات العمرانية". وهناك نوعان من البؤر العشوائية في الأراضي الفلسطينية: الأولى خاضعة لإشراف هيفر - على ما يبدو تحظى بالحماية القانونية الكاملة - والأخرى التي يقيمها المستوطنون، الذين يطلقون على أنفسهم "شباب التلال". ولدى وصول مفتشو الإدارة المدنية الى بؤر هيفر لتسليم أوامر الهدم، لا يأبه المستوطنون كثيرا، حيث يستمر الإستيطان بدون هوادة، ويتوقف فقط بأوامر المحكمة العليا الإسرائيلية، هذا إذا صدرت تلك الأوامر. هكذا يعمل النظام، ويدان بالشكر الى الروابط الوثيقة والواسعة التي تربط هيفر، مع سلطات الدولة. فعلى سبيل المثال، ورغم أنه يكرس جل نشاطه للبناء الاستيطاني "غير الشرعي او الرسمي"، التقى لمرتين بوزيرة العدل تيسبي ليفني، وعلى النقيض من ذلك، فإن البؤر غير الخاضعة لاشراف هيفر، تكون باستمرار معرضة للهدم ولزيارات الشرطة المتكررة. وبالطبع، فان بؤرة "متسبيه داني" ليست وحيدة، حيث تمتلك "أمانا" حاليا المئات من المقطورات، والعشرات من المواقع الإستيطانية غير المرخصة رسمياً. وفي الماضي، بنت المجموعة الآلاف من الوحدات بدون تراخيص، ومنذ ذلك الحين، تم اضفاء الطابع القانوني على قسم منها، ولا يكترث أحد بالأخرى. ومكتب مدعى عام الدولة على دراية كاملة بذلك. ومن خلال تصفح سريع لموقع "أمانا"، يتكشف حجم البناء الاستيطاني غير القانوني، فهي (جمعية امانا)، عادة ما تقوم بالمشاريع غير القانونية التي لا يأبه بها المقاولون الآخرون. وكشف تحقيق "هآرتس" الدور الذي يلعبه هيفر في البناء غير القانوني على نطاق واسع، ما يثير الاسئلة حول قدراته الواثقة في تجنب العقاب. حضن رفاق تأسست "أمانا" عام 1978 كحركة غوش ايمونيم الاستيطانية، وسجلت كجمعية تعاونية، يقع مقرها في شارع "باران" في "راموت أشكول" بالقدس، والوزير الحالي للإسكان والبناء الاسرائيلي، أوري ارييل كان السكرتير العام لـ "أمانا" في ثمانينيات القرن الماضي.زئيف هيفر (يمين الصورة) والمتحدث باسم الجيش (في الوسط)، يؤاف مردخاي الذي شغل منصب رئيس "الادارة المدنية"زئيف هيفر (يمين الصورة) والمتحدث باسم الجيش (في الوسط)، يؤاف مردخاي الذي شغل منصب رئيس "الادارة المدنية" وتتم أنشطة الجمعية بشكل كبير عبر الشركة الفرعية المسماة "بنياني بار أمانا"، وطبقا لتقسيم العمل بين الاثنتين، فان "أمانا" تقوم بالتخطيط، والمبادرة بمشاريع البناء، وتدبير الاتصالات السياسية، والحصول على التراخيص أو القيام بتخطيط طرق تجاوز القانون، أما "بينياني بار أمانا"، فانها تقوم بالبناء الفعلي، الذي يجري معظمه في الضفة الغربية تقريبا، ومع بعض استثناءات المستوطنات المنعزلة، مثل "بار يوهاي" و"أور هاغانوز" في الجليل، وتجمعات المزارعين في غوش قطيف (الكتل الاستيطانية التي أخليت من قطاع غزة)، فكل أعمال البناء التي تقوم به "أمانا" تجري في الجانب الآخر من الخط الأخضر. وشغل هيفر منصب السكرتير العام لجمعية "أمانا" منذ عام 1989. ولد هيفر، واسمه الأصلي "فريدمان" في رامات غان، وانضم الى منظمة "غوش ايمونيم" المتطرفة في سن مبكرة، وفي السبيعينات من القرن الماضي، شغل منصب سكرتير المجلس الإقليمي لمستوطنة "كريات أربع" المقامة في مدينة الخليل. وكعضو في المنظمة اليهودية الإرهابية، حاول وضع قنبلة في سيارة الدكتور أحمد النتشة، أحد الشخصيات السياسية من الخليل، لكن نباح كلب، أرعب هيفر ومرافقيه، ما ادى بهم الى إخفاء القنبلة، التي اكتشفت لاحقا، وشكلت الدليل الذي مكن جهاز الامن الاسرائيلي "شين بيت" من الكشف عن التنظيم السري، حيث اعتقل هيفر عام 1984 وحكم عليه بالسجن 11 شهرا. ومثل جميع الأعضاء السريين، انتقل الى المركز بسبب خبرته. وفي شبابه، تبنى هيفر أفكارا متطرفة تجاه العرب، لكن بعد قضاء فترة محكوميته، تخلى عن طريق العنف، وانخرط في مهنة وظيفية تمتاز بروابط وثيقة مع السلطات. وبعد عام من استلام هيفر لمنصب سكرتير "أمانا"، تم تعيين ارييل شارون في منصب وزير الإسكان (في حكومة اسحق شامير)، وجاء مردود تحالف شارون- هيفر، لصالح الاستيطان، الذي ازدهر البناء فيه في فترة (1990 - 1992)، فشارون الذي اطلقت يداه لبناء المساكن، لتدفق المهاجرين من الاتحاد السوفياتي، استغل الفرصة لتعزيز الاستيطان، ووجد مع هيفر لغة مشتركة: فكلاهما ينظران الى نفسيهما كرجال عمليين، لا يملكون غير ازدراء المسؤولين والبيروقراطيين، والخبراء القانونيين على حد سواء. وتحت اشراف شارون، انخرطت "أمانا" في حملة بناء كبرى، كان من شأنها جعل المستوطنات حقيقة حياتية قائمة، يتعذر التراجع عنها. ولم تقطع العلاقة الدافئة بين شارون وهيفر، حتى أثناء فك الارتباط مع غزة عام 2005، عندما شعر المستوطنون بأن رئيس الوزراء شارون طعنهم من الخلف. وبقى هيفر لوحده على اتصال متواصل مع شارون، وكان يقول لأصدقائه ما يمكن تحقيقه يمكن تحقيقه وما لا يمكن، لا يمكن. براغماتي متطرف وباختصار، يعتبر هيفر رجل براغماتي متطرف، ولا يتجنب التعامل مع أحد على خلفية أيديولوجية أو أخلاقية، وكل شيء يقاس من حيث ما يمكن انجازه لصالح مشروع الاستيطان، وبهذا المعنى، ينتمي هيفر الى المدرسة القديمة: فهو يؤمن بأن "الحدود سترسم عند الحد الذي يصله المحراث"، وعلى النقيض من نفتالي بينيت، زعيم البيت اليهودي، الوزير في الحكومة الجديدة، فان هيفر لا يؤمن بأن المعركة على الضفة الغربية تقررها الدبلوماسية العلنية أو مصانع الخمور أو "اللايك" على الفيسبوك، وإنما فقط من خلال البناء على الأرض، فكل مسكن يبنى، وإن كان بشكل غير قانوني، سيجبر الحكومة على التمسك بقطعة أخرى من أرض اسرائيل. والشيء الوحيد الأيديولوجي من وجهة نظر هيفر: مقاطعة الاعلام، فهو لا يجري المقابلات، ولا يعلق على التقارير، ولا يعير اي اهتمام لما يكتب عنه، ولحسن الحظ فإنني التقيت به قبل 3 سنوات، عندما نظم مجلس يشع للمستوطنات ايجازا للصحفيين بمناسبة رأس السنة، حيث توج ذلك بمقابلة مع هيفر، لم تنشر بالطبع. ونظمت المناسبة في خيمة كبيرة في وادي الأردن، مع طعام خارجي، ومضيف ارتدى زي الحاخام ابراهام، ووصل هيفر متأخرا وارتبك للحدث، وكان صامتا مثل شاب التلال أثناء تحقيقات الشين بيت، وغادر المكان بعد فترة وجيزة. وعلى نحو غريب، عزز فك الارتباط من غزة، من مكانته الحقيقية في مجلس يشع، وشكل الإخلاء، الخط الخاطىء بين نشطاء الجيل القديم، ممن أرادوا تربيع الدائرة، أي الاحتجاج على إخلاء غوش قطيف، وعدم تفكيك الدولة، والشباب الذين كانوا على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل الاستيطان، ما حرك عملية استبدال القيادة. وغادر المشهد الرؤساء القدامى لمجلس "يشع" ليخلفهم جيل جديد، وافتقرت القيادة الجديدة للخبرة، وقادها هيفر بسحره، وقصصه، وموازناته، وذكائه السياسي. وكما يفعل دائما، بقي خلف الأضواء، ليطير بمشروع الاستيطان بأيد واثقة. واضافة الى علاقات هيفر، شكل المال مصدر قوته، فهو رجل معتدل، وعادة ما يرتدي قميصا وحذاء بسيطين، ويعكس جسمه الرقيق عدم شراهته، وفضلا عن ذلك، يستثمر امبراطوريته المالية في البناء غير القانوني. وتقول المصادر القريبة من "أمانا" بأن هيفر وساعده الأيمن، الموالي له، موشيه يوغاف (أمين صندوق المنظمة) الوحيدين، اللذان يعرفان ما يجري في حسابات الجمعية، ويقدر أن "أمانا" تتمتع بدورة مالية سنوية تصل مبلغ 100 مليون دولار. المال الوفير ويكمن هذا المال الكبير في مستحقات "أمانا"، فكل شخص يعيش في اي من المستوطنات التي بنتها "أمانا" يدفعون ما بين 30 و 43 شيكلا شهريا (اعتمادا على الكيفية التي تعد فيها البؤر الاستيطانية)، وتقوم التعاونية بجمع المال من كل شخص يعيش في مستوطنة تابعة لأمانا، بصرف النظر عن حجم منزله، ويتم تحويلها الى صناديق "أمانا".الصحفي الاسرائيلي حاييم ليفنسونالصحفي الاسرائيلي حاييم ليفنسون ويشعر كثير من المستوطنين بالسخط ازاء هذا الترتيب، حيث أن "أمانا" لا تقدم لهم شيئا غير خدمات تطويرية إستيطانية غامضة، وبالنسبة للخدمات الملموسة، كالتعليم وجمع النفايات والصيانة وغيرها، يدفع المستوطنون في مقابلها الضرائب المحلية وضرائب الممتلكات، وتحافظ مستحقات "أمانا" التي تصل الى 5 ملايين شيكل سنويا على جهاز البناء، الذي يعمل على انعاش النشاط غير القانوني. وعندما يسأل المستوطنون "أين المال"؟ يقال لهم بأنه ضريبة تطوير أرض اسرائيل. ويفسر مصدر مقرب من "أمانا" كيفية عمل ذلك. وبناء على التقرير الذي أعدته المحامية تاليا ساسون عام 2005، حول البؤر الإستيطانية العشوائية، وما أعقبه من اصدار سلسلة من التوجيهات من قبل النائب العام مناحيم مزوز، لم يعد البناء غير الشرعي في الضفة الغربية، يحظى بالتمويل الحكومي، كما كان الحال في الماضي. ونادرا ما يقدم المقاولون على تنفيذ المشاريع غير القانونية، فهناك هامش ضئيل من الربح في هذه المشاريع الصغيرة، إضافة الى التهديد بالهدم من قبل الإدارة المدنية، حيث يخشى معظم المقاولين من خسارة المال، ولهذا فهم يتجنبونها، وتقوم بهذه المخالفة، الشركة الفرعية لأمانا (بنياني بار أمانا) التي تقوم بادارة المشاريع على قاعدة غير ربحية. وفي هذه الظروف، تنعدم الإمتيازات، لكن جيوب "أمانا" العميقة، قادرة على تنفيذ مشاريع الإسكان، وفي المناسبات النادرة، التي تقوم بها الإدارة المدنية بهدم الأبنية - كما كان حال المنازل التسعة في بؤرة أمانا عام 2006 - تقوم صناديق "أمانا" بتعويض المشترين. وتمتلك "أمانا" ما يكفي من القدرات الإقتصادية للقيام بالمشاريع المجمدة، ففي العامين الماضيين، أصدرت المحكمة العليا العديد من القرارات ضد البناء بعد الالتماسات التي تلقتها حول البناء غير القانوني. وتتعلق القضايا المثارة ببؤر: نيفي تزوف، وشيلو، وعوفرة، وتتضمن عوفرة مشروعا ضخما، يشمل العشرات من الوحدات السكنية، التي اوقف العمل بها في منتصف الطريق عام 2012، وتشخص هياكل الأبنية فارغة في مدخل المستوطنة القديمة، حيث تخسر "أمانا" ملايين الشواكل على المشروع. كما تعمل "أمانا" كمصرف لأغراض استيطانية، وتملك الجمعية صندوقا يطلق عليه "ياحد" (تعني سوياً)، يقوم بتوفير القروض بفوائد منخفضة، قد تصل الى 85,000 شيكل لغرض اضافة وحدة سكنية على بناء قائم، وهذه هي الطريقة السريعة لزيادة عدد السكان في المستوطنات، بدون اللجوء لأي بنك يشترط رؤية تراخيص البناء قبيل تقديم القروض. وبحسب "أمانا" فقد تم بناء 500 شقة بتمويل من الصندوق عام 2012، كما قدمت القروض لمئتي شقة أخرى. ويتيح المال لـ "أمانا" الحصول على مكانة قوية وسط الحركة الإستيطانية، ومع أن "أمانا" تشكل "الذراع الإستيطانية" لمجلس "يشع"، يدين الأخير بأموال طائلة لـ "أمانا"، وبعد فك الارتباط، بلغ عجز مجلس "يشع" 40 مليون شيكل، جراء القروض التي اقترضها من البنوك، وتضررت عملية جمع التبرعات لصالح مجلس "يشع" خلال فترة فك الارتباط، فجاء هيفر للانقاذ. وتتكون ميزانية المجلس من الأموال التي تحولها مجالس الضفة الغربية، إضافة الى مبلغ سنوي يصل 1,6 مليون شيكل من "أمانا"، وقدم هيفر لمجلس "يشع" 24 مليون دولار نقدا، لسداد الديون، وبدلا من سداد الديون، لن تقوم "أمانا" بتحويل القيمة السنوية، وتبدو الجمعية وكأنها مغلفة بالأموال. تقليل المخاطر كل شخص، حتى الملمين سطحيا بالأحداث في الضفة الغربية، يعي الانخراط العميق لهيفر و"أمانا" في البناء غير القانوني، ولا تنفي الجمعية هذا، وعلى النقيض منه، فانها وفي لقطة شريط فيديو دعائية على اليوتيوب (بالعبرية) تظهر عبارة "مستوطنات شرق شيلو"- عادة تتكون المستوطنات من سلسلة من البؤر القريبة من شيلو- الى جانب سكان يبتسمون، ويشرحون كيف بنوا بدون تراخيص. ومؤخرا جرى بناء العشرات من المنازل على التلال. ويقول شخص يقوم بدور ممثل "أمانا": "أحيانا يكون من القسوة الانخراط بذلك، لكن يمكنكم رؤية النتائج". ويظهر آخر يجلس طفل في حجره أمام المنظر الطبيعي في الخلفية، حيث يقول: "لكن هناك دائما مفاجآت وهدايا على الطريق، وأحيانا عندما تبدأ البناء تحصل على أمر فوري بالتوقف، وبعدها تأتي الهدية الصغيرة الثانية بقرار الهدم". ويضيف آخر: "هناك بعض المخاوف باحتمال ايقاف الشاحنات عن العمل، لكن العمل يتم في الليل، وأيام الجمع، وهناك دائما حيل للتقليل من المخاطر، وبالمناسبة تتم جميع الزيارات من قبل جميع الأشخاص، للتأكد من أن كل شيء على ما يرام.. فبدون الصعوبات، لن يكون الأمر ممتعا". لماذا اذا، عوضا عن مطاردة الريح في التلال، لا تقوم الدولة ببدء التحقيق الجنائي ضد "أمانا"؟ وتوصلت تحقيقاتنا الى أن مكتب المدعي العام، والشرطة الإسرائيلية، قاما بالتحقيق اكثر من مرة، لكن في كل مناسبة لاقوا استقبالا حارا من قبل "أمانا" كأصدقاء قدامى للعائلة، ولم تتم أعمال التحقيق الأساسية، مثل تفتيش مكاتب الجمعية، والتحقيق مع مسؤوليها أو استخدام التكتيات السرية. وأظهرت ملفات التحقيق المرتبطة بـ "أمانا" أن ذلك لم يكن ارتباكا روتينيا، فمن الواضح أن سلطات انفاذ القانون، لا تريد لمس هذه البطاطا الساخنة، الا اذا أجبرت على ذلك من قبل المحكمة العليا. والمرة الوحيدة التي أبدت فيها الدولة نيتها اتخاذ خطوات ملموسة كانت عام 2005، وأظهرت الوثائق التي اطلعت عليها "هآرتس" بأنه في تشرين ثاني من العام المذكور، وعقب شكوى تقدمت بها حركة السلام الآن، كتب نائب مدعى عام الدولة آنذاك، شاي نيتزان، لمدعى عام الدولة، للمهام الخاصة في منطقة الضفة الغربية ما يلي: "ملحق كتاب من السيد درور إيتكيس، نيابة عن حركة السلام الآن، يتعلق بنشاط حركة أمانا وشركتها الفرعية، بنياني بار أمانا، التي تبني وتبيع المنازل في منطقة الضفة الغربية في البؤر العشوائية".الموقع الالكتروني لجمعية "امانا" الاستيطانية التي يترأسها زئيف هيفرالموقع الالكتروني لجمعية "امانا" الاستيطانية التي يترأسها زئيف هيفر وجاء في الكتاب أن "البناء يتم بطريقة غير قانونية، وسنكون ممتنين اذا قمتم بالاطلاع عليه، وبداية نرغب في معرفة ماهية السلطات التي تعلم ذلك، والخطوات التي اتخذتها السلطات لمنع انتهاك القانون ووقف البناء، كما نطالب ايضا ردكم على التحقيق المطالب القيام به." وأجاب مكتب المستشار القانوني في منطقة "يهودا والسامرة" - الضفة الغربية- التابع لمكتب المحامي العام العسكري، بالقول: "لا نملك المعلومات الكافية المتعلقة بمؤسسة أمانا، وفي ذات الوقت، نرغب بالإشارة الى أن السكرتير العام للجمعية، السيد زئيف هيفر، يظهر بين الفينة والأخرى أمام لجنة الإشراف الفرعية، وخلال النقاشات التي شارك فيها، طالب اللجنة بالامتناع عن تطبيق قرارات الهدم، استنادا الى ادعاءات مختلفة، حيث أنه ينوي العمل على اضفاء الصفة القانونية على المنازل والأراضي المبتاعة، الخ". "المعلومات حول نشاط الحركة، في السياقات المرتبطة بالتخطيط والبناء، قد تكون مستقاة من الادعاءات التي وضعت مسبقا في اطار عمل الالتماسات المختلفة، وبالنسبة لسؤالك حول امكانية اطلاق الإجراءات القانونية، يتعين الملاحظة ان وحدة الإشراف سلمت الشكاوى الى الشرطة الإسرائيلية في الكثير من القضايا، ويبدو انه لو تعمقت الشرطة في تحقيقاتها في البناء غير القانوني، لكان بمقدورها توفير اجابة، حتى ولو كانت جزئية ازاء انتهاكات القانون في هذا المجال". وتعاملت الشرطة بعدم مبالاة، لكن في شباط 2007 اتخذ القرار بالمباشرة بتحقيق جنائي، وكانت الخطوة الأولى الواضحة، زيارة الموقع الألكتروني لأمانا، الذي تتحدث فيه الجمعية عن بنائها غير القانوني، وقام المحققون بذلك وحددوا جميع البؤر العشوائية التي تعرض فيه "أمانا" المنازل للبيع، حتى ان احد ضباط الشرطة، وهو اتسيك وايزمان، اتصل بقسم خدمات المستهلك، التابع لأمانا، وطالب بارسال بعض المواد له، على افتراض انها لقريب يعيش في الخارج ويبحث عن منزل، وبعد اسبوع، تلقى ظرفا يتضمن معلومات عن خيارات البناء (غير القانوني) في اماكن مختلفة: ايهيه، شوفوت راشيل، غفعات هاريل، شيلو وأمونا، غير ان الشرطة لم تقم بالخطوة المنطقية بدهم مكاتب "أمانا". ومثال آخر عن اهمال المحققين المتعلق بـ "أمانا" ففي 2004-2005، قامت الجمعية ببناء تسعة منازل على أراض فلسطينية خاصة، في بؤرة أمانا العشوائية، وأدى هدمها في الأول من شباط 2006، الى الاصطدام الأكثر خطورة لغاية الآن بين المستوطنين وقوات الأمن، حيث حاول المحققون تحديد ما اذا كانت "أمانا" مسؤولة عن البناء غير القانوني، وقاموا باعادة فحص ملف تحقيق يعود لعام 2004 حول البناء غير القانوني في "أمانا"، الذي اغلق لأن الشرطة لم تكن قادرة على اكتشاف هوية مالكي المنازل، وبحثوا في محضر لجنة الإشراف الفرعية التابعة للجيش، وتحدثوا مع ضباط الإدارة المدنية، وفي نهاية كل ذلك، كتب المحقق موشيه ماديوني: "يتعين الاشارة بأنه لم يعثر على أي ذكر لحركة "أمانا" أو شركة "بنياني بار أمانا" في الوثائق التي تحتويها الملفات المتعلقة بالبناء غير القانوني، وبضمنها محاضر اجتماعات اللجان الفرعية. ومع ذلك، لم يفكر المحققون من منطقة "يهودا والسامرة" في فحص الالتماسات في أرشيف المحكمة العليا حول هذا الموضوع، ففي الإلتماس رقم 1019 / 06، طلبت شركة "بنياني بار أمانا" عدم هدم الوحدات السكنية التي تمتلكها، وبتلك المرحلة، بعد معاناة الوحدة المركزية للشرطة من "أوقات عصيبة" في العثور على البناء غير القانوني، قررت السلطات تجاهل التحقيق الأكبر، والتركيز على المنازل الأربعة التي بنيت بدون تراخيص في مستوطنة بساغوت، على الأراضي المصادرة لأغراض عسكرية. التحقيق عبر الهاتف لغاية تشرين أول عام 1979، كان إجراء مصادرة الأراضي التي يمتلكها الفلسطينيون، يتم عبر إصدار الأوامر العسكرية، التي تنص على الحاجة اليها "لأغراض عسكرية" وبعدها يتم بناء المستوطنات عليها، وقامت المحكمة العليا بوقف ذلك، ولغاية هذا اليوم، يختلف الخبراء القانونيون حول ما يمكن عمله بالأراضي التي صودرت قبل صدور حكم المحكمة العليا، لكن الأمر كما هو، فلم يتم اصدار تراخيص بناء، غير أنه من غير الواضح في ملف التحقيق لماذا أسقطت التحقيقات الشاملة لصالح التركيز على اربع وحدات سكنية فقط. في آيار 2007، شرع المحققون بالتحقيق في قضية بساغوت، المقامة الى الشمال من القدس بالقرب من رام الله، وفي 10 آيار، التقى المحققون مع رامي زيف، الضابط الكبير في وحدة الإشراف التابعة للإدارة المدنية، وطبقا لمذكرة كتبها المحققون، أخبرهم زيف انه ينوي الإشارة الى الأبنية غير القانونية، وتقول المذكرة: "طالبنا زيف بعدم التقاط الصور عندما يكون بمعيتنا وهو يشير الى الأبنية، حيث تعين علينا القيام بذلك فيما بعد، خشية عدم الإضرار بعلاقاته وعلاقات العمل مع سكان المستوطنة". "وطلب زيف أيضا الادلاء بالشهادة في مركز الشركة، بعد الاشارة الى الأبنية، بخصوص عملية البناء غير القانوني المشار اليه. وقال رامي بأنه عند تلك المرحلة لا يرغب بالادلاء بشهادة، كونها غير ضرورية" علما أن زيف هو جزء من نظام تطبيق القانون. ولم يكن زيف المستفيد الوحيد من هذا التصرف الرقيق والحذر، فبعد أيام قليلة، استدعى المحققون العديد من الأشخاص، المقاول وبعض موظفي المجلس الإقليمي "ماتيه بنيامين"، لغرض المباشرة في التحقيق. وتنص احدى المذكرات في الملف: "في 17 آيار 2007، اتصل بمكتبي مازال انكونينا، رئيس مكتب الضفة الغربية، وقائد المنطقة، اللواء شلومي كاتبي، لاخباري بأن اربعة اشخاص ممن استدعو للتحقيق، قد تحدثوا مع قائد المنطقة، ورتبوا للحضور بعد العطلة". وأثناء التحقيق، ربط أحد المستوطنين "أمانا" بالمشروع وأقر بدفع المال للجمعية، وسئل الموظف ديناي اورنشتاين (وهو مهندس المجلس الإقليمي المسؤول عن الوحدات السكنية) عن موضوع التحقيق، وأبلغ المحققين "بأن يوجهوا السؤال الى أمانا". وعند هذه النقطة، (بعد كل الفحص والتحقيق وتجميع المعلومات)، اقتربت اللحظة الحاسمة، فقامت الشرطة بنصب شرك حول هيفر، من خلال جمع كل ما يلزم، لاستدعائه للتحقيق، ومواجهته بالحقائق ومعرفة دوره في الأحداث. وفي 14 تموز 2008، اتصل المحقق عيزرا ايشران بهيفر، وكتب ايشران في مذكراته: "تحدثت معه حول الوحدات السكنية الأربع التي بنيت بصورة غير قانونية في بساغوت، وقال انه يعلم بأمر البناء، لكن ليس لأمانا أي علاقة بذلك، وقيل له بأن لدينا تصريح من أحد الساكنين، الذي قدم رواية اخرى، ونفى هيفر ذلك، ووعد بفحص الموضوع مرة أخرى، وقدم إجابة منطقية ومسؤولة في غضون أيام قليلة".الاستيطان برعاية الجيش والحكومةالاستيطان برعاية الجيش والحكومة وكانت تلك نهاية التحقيق مع "أمانا"، وبعد عامين من اللقاءات والتحقيقات، استغرق الأمر محادثة هاتفية لتبرئة ساحة "أمانا"، ولم تهتم الشرطة باجراء تفتيش او جمع وثائق أو حتى الإلتقاء مع هيفر وجها لوجه، وبعد أيام قلائل، تابعت الشرطة التحقيق مع مالكي المنازل، لكنها أغفلت باستمرار أي أمور أخرى تثير الحيرة، ظهرت أثناء التحقيق، والتي تمهد الطريق للتحقيق الجنائي. ومن الأمثلة على ذلك، الرهونات، فمن الممكن الحصول على رهن لمنزل بني بشكل غير قانوني، ولا يوجد مكتب لتسجيل الأراضي في الضفة الغربية، وعوضا عن ذلك، يوجد "ترخيص" من المنظمة الصهيونية العالمية، ومن اجل خداع البنوك التي تقدم الرهونات، تسجل المنازل وكأنها متواجدة على ارض مخصصة للبناء القانوني، هذا في حين أنها من الناحية العملية متواجدة في مكان آخر، وفي هذه الحالة أيضا، قال مالكو الشقق، لأشران الذي زار مكاتب المنظمة الصهيونية العالمية، بأن الوحدات السكنية لم تكن موجودة على الأراضي التي حددتها المنظمة، وانما على بعد 350 م منها. وفي المذكرة المؤرخة في 20 أيلول 2008، أشار اشران الى أنه تحدث مع المهندس ايشاي بن شوشان، الذي كان يعمل مع المجلس الإقليمي "ماتيه بنيامين"، وطلب من الأخير ارسال وثيقة على بياض تتعلق بالموافقة من حيث المبدأ على البناء، ووعد بالقيام بذلك، وردا على سؤالي "لماذا موافقة المجلس من حيث المبدأ اذا تعثر وجود تراخيص للبناء، فأجاب: "من أجل الحصول على الرهن". وبعبارات أخرى، فمن الواضح أن المهندس أكد للشرطة بأن المجلس اعتاد على اصدار تراخيص بناء زائفة، حتى يستطيع الساكن تجاوز متطلبات الترخيص، وخداع البنك، والحصول على الرهن. ومن المعلوم أن ذلك أشبه بالحصول على شيء بطريق الخداع وتزييف وثائق الشركات. وعوضا عن ارسال شاحنة شرطة الى مكاتب المجلس، والتحقيق في خداع البنوك، كتب اشران مذكرة ارشفت كما ينبغي مع الملف. ويمكن ايجاد تفسير لهذا السلوك في تطورات القضية اللاحقة، ففي الحقيقة، اعتقدت الشرطة بأن الاتهام مبرر، وإن لم يكن ضد هيفر، فعلى الأقل ضد السكرتير السابق لمستوطنة بساغوت اميخاي غرينوالد، وأثناء اللقاءات الداخلية مع ممثلي مكتب مدعي الدولة، قال ممثل الشرطة بأن القضية مثيرة جدا، كونها شكلت قمة جبل الجليد للبناء غير القانوني في المناطق "الذي من أجله لا يعاقب أحد". ودرس مكتب ادعاء منطقة القدس القضية، وعلم المحامون بأن القضية تشكل قنبلة سياسية، تماما كما تعتبر أول ادانة للبناء غير القانوني في المناطق، وخلصوا الى ان الشكوك مدار التحقيق (التجاوزات والبناء غير قانوني)، لا تبرر التداعيات السياسية، وعليه، قام نائب مدعي عام الدولة، شاي نيتزان، بإغلاق القضية لقلة الأدلة. فقدان الذاكرة وشُخصَ هيفر بشكل بارز في تحقيق آخر، أجرته الشرطة الاسرائيلية في منطقة الضفة الغربية، حول البناء غير القانوني في حي أولبانا، الكائن في المستوطنة القديمة "بيت ايل"، ففي تشرين ثاني الماضي، هدمت الحكومة 5 أبنية تضم 30 شقة، بنيت على أراض فلسطينية خاصة في بيت ايل، وفي ذلك الوقت، بدا الأمر وكأن تلك الحادثة ستهدم أيضا حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الى حين قيامه بالتوصل الى تسوية، سمح من خلالها لـ "بيت ايل" ببناء المئات من المنازل كتعويض عما تم هدمه. وبدأت الشرطة التحقيق في البناء غير القانوني عام 2008، في ضوء الشكوى التي تقدم بها مالكو الأرض، اضافة الى المتطوعين من اجل حقوق الإنسان "يش دين". وهنا أيضا، كان الأمر سهلا أمام الشرطة، فقد أظهرت سجلات تسجيل الأراضي، بأن الأرض تعود لفلسطينيين، وكان المالكون، أدلوا بشهاداتهم امام الشرطة، والحقيقة التي لا جدال فيها أن المنازل بنيت بدون تراخيص، وقال الناشط الاستيطاني العريق يوئيل تسور، الذي يشغل ايضا منصب المدير التنفيذي لمركز "يشيفا بيت ايل"، وهي الشركة التي بنت المنازل، بأنه تلقى احدى قطع الأراضي من "أمانا" التي اشترتها قبل عدة سنوات، واكتشف فريق الشرطة بأن أوراق الشراء مزيفة، وهنا أيضا، كان الطريق ممهدا للتحقيق مع هيفر. ومع هذا، فمرة أخرى تعاملت معه الشرطة برفق، فقد استدعي للادلاء بشهادته كشاهد وليس كمشبوه، وفي الشهادة التي أدلى بها في حزيران 2009، قال هيفر: "أتعامل مع تطوير الاستيطان في أنحاء البلاد، وكذلك تفعل حركة "أمانا" التي أقف على رأسها، تتعامل مع مستوطنة بيت ايل، وشاركت في شراء الأرض من الفلسطينيين من أجل البناء في بيت ايل". وفيما يتعلق بالصفقة، قال "انها تعثرت، ولم تتقدم، وبقي العقد الأصلي في الخزانة، ما أصابنا بخيبة كبيرة". وقام المحققون بالضغط عليه "اذا كان الأمر كذلك، فكيف تم البناء على تلك الأراضي"؟ وعند هذه النقطة، أصاب النسيان هيفر، فالرجل الذي يسيطر على 80 مستوطنة، ويعلم كل التفاصيل المتعلقة بكل بؤرة عشوائية، والذي يتمتع بعلاقات مع كل مسؤول في الإدارة المدنية، عانى في تلك اللحظة من فقدان الذاكرة، فلم يتذكر اذا كان اعطى تسور الضوء الأخصر للبناء، ولم يتذكر فيما "اذا سألني أي شخص عن بدء البناء" وفقا لما قال، وأضاف: "لم أجد أي اتفاق بين أمانا ويوئيل تسور". ومرة أخرى، تركت الشرطة الأمور هناك، بدون التحقيق مع آخرين في "أمانا" أو تفتيش مكاتب الجمعية بحثا عن وثائق ذات صلة.الاستيطان في الضفةالاستيطان في الضفة وفي الحقيقة، لم يكن على الدولة الخروج عن طورها في البحث عن المكان الذي تورطت فيه "أمانا" في البناء غير القانوني: فالجمعية بعينها اعترفت مرارا أمام المحكمة العليا، بأنها تقف وراء البناء غير القانوني، وهكذا كانت القضية عام 2004 على سبيل المثال، عندما قدمت "أمانا" التماسا الى المحكمة العليا ضد هدم بؤرة غيفعات اساف، حيث اعترفت أنها هي التي قامت ببناء المنازل، ورفضت المحكمة ادعاءات "أمانا" ضد الأمر العسكري الخاص بهدم تلك الأبنية، غير أنه كان يتعين على الإدارة المدنية القيام بهدمها. وفي قضية أخرى، توجهت "أمانا" الى المحكمة بشأن المنازل التسعة التي بنيت في مستوطنة "عوفرة" على أراض فلسطينية خاصة، وما زالت هذه القضية قيد البحث في المحكمة العليا، وكررت الحالة نفسها في قضية بؤرة ميغرون، لكن لم يحفز ذلك الشرطة للتحقيق. وتظهر قضية عوفرة بكل وضوح نمط سلوك "أمانا"، فقد بنيت الوحدات التسع عام 2008 بدون تراخيص، وعلى أراض يملكها فلسطينيون، وفي معرض ردها، أعلنت الدولة أن معظم مستوطنة عوفرة تفتقد لتراخيص البناء، وبأن مصير الوحدات التسع سيتقرر مع مصير عوفرة نفسها، خلال الاتفاق السياسي المستقبلي مع الفلسطينيين. وفي نفس الوقت، أبلغت الدولة المحكمة بأن وزير الدفاع، "أصدر أمرا لتطبيق القانون من الآن فصاعدا" فيما يتعلق بجميع انتهاكات التخطيط والبناء في عوفرة، وبعد عام، لم يتبق أي شيء من وعود الدولة، وبدأ البناء في العشرات من الوحدات السكنية، وأمرت المحكمة بوقف العمل فقط، بعد تقديم التماس من قبل مالكي الأراضي الفلسطينيين، ومع هذا، لم تهدم المنازل قيد البناء. ومع انعدام الرغبة لدى النائب العام، فقضاة المحكمة العليا هم الذين حثوا على التحقيق في البناء غير القانوني، وخلال العامين الماضيين، أجري تحقيقان مع "أمانا"، ففي التماسات قدمت الى المحكمة العليا، طالبت حركة "السلام الآن" المحكمة بتطبيق قوانين التخطيط والبناء، والى توجيه النائب العام للمباشرة في التحقيقات الجنائية، وفي عام 2012، أمر النائب العام باجراء تحقيقين: أحدهما في مستوطنة "شيلو" والآخر في "نيفي تسوف"، والتحقيقات جارية منذ أكثر من عام. إتصالات جيدة على الرغم من وجع الرأس الذي تسببت به بؤر هيفر لسلطات الدولة، فعلى ما يبدو فان قوته آخذه بالتعاظم، فالدولة نفسها استخدمت "أمانا" لتنفيذ مشاريع مختلفة، وتصب أرباح الجمعية في البناء غير القانوني، وفي هذه اللحظة على سبيل المثال، تقوم شركة "بنياني بار أمانا" ببناء المنازل في "كاتزرين" في مرتفعات الجولان. ومنذ إخلاء مستوطنات قطاع غزة، فازت "أمانا" بالعديد من العطاءات التي أعلنتها الدولة لبناء وإدارة تجمعات في جنوب البلاد للذين اخليوا من غزة، وفي عام 2011، دخلت "أمانا" من الباب الأمامي للعطاءات، حيث أقامت مع وزارة تنمية النقب والجليل مديرية لتنظيم المجموعات الاستيطانية في تلك المناطق، وبدأ بنحاس واليرشتاين، الذي لا يعرف الكلل، والذي شغل في السابق منصب المدير العام لمجلس "يشع" بالعمل على تنظيم تلك المجموعات الإستيطانية. والمشاريع التي نفذت تحت "اسرائيل الصغرى" -المصطلح الذي يطلقه المستوطنون على المناطق داخل الخط الأخضر- تقدم مثالا آخر للقوة السحرية التي يتمتع بها هيفر في أوساط سلطات الدولة. ويقول موظف حكومي برتبة متوسطة "زامبيش هو الملك"، ولا يتوقف تشعب اتصالاته عند أي حد، فهو يتمتع باتصالات مباشرة مع المسؤولين والوزراء في الحكومة، ولا تنحصر علاقاته بمعسكر سياسي واحد، فلحظة تعيين تسيبي ليفني، في منصب وزيرة العدل، التقت في الكنيست مع هيفر بمعية الناشط الإستيطاني داني ديان، وكوزيرة مسؤولة عن المفاوضات مع الفلسطينيين، يتعين على ليفني أن تكون معارضة لهيفر، الذي يهدف الى بناء ما أمكنه من المنازل في الضفة الغربية لنسف المفاوضات. ويعي هيفر جميع مداخل وخارج النظام، ويعتبر خبيرا في استغلال اي شق أو ثغرة، في الأنظمة والقوانين، وشعاره كما قال لرفاقه خلال اجتماع في عوفر العام الماضي، هو العمل "بجهد وأخلاق وفكر ومكر". وعلى سبيل المثال، كشف تحقيق هآرتس بأن "أمانا" وبخلاف جميع المقاولين الآخرين، لا تدفع ضريبة شراء على المنازل التي تبيعها، ومع أن "أمانا" تبيع المنازل مثل بقية الشركات، إلا أن واحدة من الضربات الذكية لهيفر، هي القيام بتصنيفها على أنها إستيطان أراض وفي التحليل النهائي، لا تملك "أمانا" أراض خاصة بها، وفي أفضل الأحوال أراضي "قسم استيطان الأراضي" التابع للمنظمة الصهيونية العالمية، التي تتلقاها من الإدارة المدنية، وفي حالات اخرى، يتم البناء على أراض مملوكة للفلسطينيين، وطبقا لأمانا، فهي لا تملك الأرض، وانما تقوم بحمايتها للآخرين (شركة اسكان)، ولهذا تعفى من دفع الضرائب، وينتج عن ذلك خفض تكاليف البناء التي تكون أقل نسبيا. وبهذا، فان هيفر قادر باعجوبة على تجنب دفع التكلفة الجنائية لأنشطته، اضافة الى تكاليفها الإقتصادية، وتعود ملكية المنازل المتحركة في ميغرون لجمعية "أمانا"، وعند اخلاء ميغرون في أيلول 2012، كان يتوجب على الإدارة المدنية تدمير المقطورات، أو اخذها الى موقع قريب من بيت ايل، حيثما يجري تخزين كل المعدات التي تستخدم في البناء غير القانوني، والتي تبدأ من جرار الفخار التي تباع على قارعة الطريق بدون ترخيص، وتنتهي بالجرارات. ويتعين على المالك دفع مبلغ 10,000 شيكل لاسترجاع كل منزل متحرك، لغرض تغطية تكلفة الشحن التي تكبدتها الدولة، لكن ضمن الاتفاق على الإخلاء الهادىء لميغرون، هيأ هيفر لنفسه هدية صغيرة أخرى: فبدلا من قيام الدولة بتدمير المنازل المتحركة، جرى نقلها الى قطعة أرض قريبة على نفقة الدولة، وبعدها نقلت الى مكان آخر، وبهذا وفر هيفر 500,000 شيكل، "والشكر عائد الى كرم مسؤولي وزارة الدفاع الاسرائيلية". وكان هيفر استأجر بعض المنازل المتنقلة من الدولة، وخلص تحقيق هآرتس الى أن "أمانا" لا تدفع للدولة قيمة الإيجار البالغ 300 شيكل شهريا لقاء المنزل المتحرك الواحد، فهذه تجارة مربحة، حيث تقوم "أمانا" بتأجير المقطورة بمبلغ يتراوح بين 800 الى 1000 شيكل في الشهر، وقبل عام، قررت وزارة الإسكان والبناء، بأن الوقت حان لـ "أمانا" لتبدأ بدفع الرسوم، لقاء المنازل المتنقلة البالغ عددها 400 والموجودة في حوزتها. وخرج هيفر بمقترح مدهش، حيث سيحصل على مخصصات موازنة لصالح مديرية البناء الريفي التابعة للوزارة، وفي المقابل تقوم الوزارة بشطب ديون الاستئجار، لكن رئيس المديرية أوسنات كيمخي رفض العرض، وما زالت المفاوضات جارية حول مسألة دفع الديون.الموقع الالكتروني لجمعية "امانا" الاستيطانية التي يترأسها زئيف هيفرالموقع الالكتروني لجمعية "امانا" الاستيطانية التي يترأسها زئيف هيفر وهناك مجموعة واحدة (اليمين المتطرف) كانت في قضية زئيف هيفر، خلال السنوات القليلة الماضية، فمنذ فك الارتباط بغزة عام 2005، شكل لهم ما أشبه بقطعة القماش الحمراء، فبرأيهم، أثبت فك الارتباط ان المنزل في أرض اسرائيل لا يمثل أكثر من 5 دقائق من عمل جرافة، ويعتقدون ان السبيل لاستيطان الأرض، يأتي من خلال ردع السلطات، فالتسويات لا تمثل خيارا، فإذا نظرت الدولة الى المستوطنين على أنهم طيعيين عندما يتعلق الأمر بإخلاء منزل، فهي ستتقدم لهدم مستوطنة بأكملها. وفي السنوات الأخيرة، نظمت المظاهرات ضد هيفر خارج منزله في كريات اربع، وقرر أخيرا الانتقال الى بؤرة جيفعات هأفوت، وهناك ايضا، شيدت المنازل بدون تراخيص، وبعضها الآخر أقيم على أراض فلسطينية خاصة. وفي العام الماضي، أثناء الكفاح على حي أولبانة في مستوطنة بيت ايل، قام بعض الصبية بإعطاب عجلات سيارة هيفر، وسكبوا الدهان على زجاجها، عندما كان يلتقي مع وزير حماية البيئة حينها جيلعاد إردان في محاولة للتوصل الى تسوية بشأن الإخلاء، وبعدها، جرى تنظيم اجتماع تأييدي لهيفر، حظي فيه بتأييد عارم، لدعم قيادته في بناء منازل المستوطنين. ومع هذا، لم يحظ بالترحاب في البؤرة، وتوقف مستوطنو ميغرون عن دفع مستحقات "أمانا" حتى قبل الإخلاء، وبالنسبة لـ "أمونا"، البؤرة الثانية على طريق الهدم - أقيمت في موقع بؤرة سابقة هدمت عام 2006، وأعطت الدولة مهلة لهدمها تنتهي في 15 تموز - فقد أبلغه المستوطنون هناك، اضافة الى مجلس "يشع"، بأنهم سيتخذون جميع القرارات اللازمة بأنفسهم. وقال المتحدث باسم وزيرة العدل تسيبي ليفني: "منذ تقرر تعيين تسيبي ليفني وزيرة للعدل، التقت مرتين مع ممثلي المستوطنين، وبضمنهم داني ديان، وآفي رويه، وزئيف هيفر، لغرض مناقشة ظاهرة جباية الثمن (في إشارة الى المضايقات التي يقوم بها المستوطنون ضد الفلسطينيين)، استنادا الى التفاهم بأنهم - قادة المستوطنين - لا يقبلون بهذه الظاهرة ويعتقدون أنها تشكل خطرا على الديمقراطية، وستقوم وزيرة العدل باللقاء مع كل من تراه مناسبا للقيام بعملها". ويقول مكتب النائب العام: "لا توجه الاعتبارات السياسية مكتب النائب العام للدولة، لذلك، ولا احد محصن من الإجراءات الجنائية، وجميع القضايا التي اغلقت في السابق، أغلقت لأسباب حقيقية، وشارك المدعي العام بالعديد من النقاشات حول تطبيق القانون الجنائي على انتهاكات التخطيط والبناء في الضفة الغربية، ولتعزيز انفاذ القانون في هذا المجال، أوصى وزير الدفاع بتطوير الوحدة المعنية بالإشراف على البناء في الضفة الغربية، ومنحها الصلاحيات والسبل الضرورية للتحقيق في الانتهاكات من هذا النوع". وأبلغت وزارة الدفاع وزارة العدل بأنه تم فحص توصيات النائب العام وأن الاحتمالية التي أخذت في الاعتبار هي تعزيز وحدة الإشراف التابعة للإدارة المدنية، وتدريب طواقمها للقيام بالعمل المقترح، وان الشكوى التي وصلت وزارة العدل والمتعلقة بالبناء الذي تنفذه "أمانا"، قيد البحث في هذه المرحلة. وتقول شرطة منطقة الضفة: "وفقا للقانون، فإن مسؤولية التحقيق والتعامل في تطبيق قوانين البناء في المنطقة، تنحصر فقط بالإدارة المدنية في الضفة الغربية، وفيما يتعلق بالتحقيق المذكور، بناء على طلب النائب العام شاي نيتسان- الذي كان آنذاك مسؤولا عن المهام الخاصة- القيام بفحص الملف رقم 3581 / 06، فقد فتح ارتباطا بانتهاك الأمر القانوني، ويجري التعامل معه من قبل وحدة منطقة الضفة الغربية، وأغلقت القضية في شباط 2010 من قبل مكتب النائب العام لقلة الأدلة". وقالت الوحدة الوطنية لتحقيقات الاحتيال: "التحقيقات المذكورة ما زالت جارية من قبل الوحدة الوطنية لتحقيقات الاحتيال، لهذا فنحن لا ننوي التعليق على التفاصيل المتعلقة بها". وصرح متحدث باسم وزارة الاسكان والبناء: "هنا نحو 400 بناء موزعة في عدة مستوطنات، ولا يوجد اتفاق بين أمانا و/ أو اي مجموعات أخرى بخصوص استخدام الأبنية والدفع مقابلها، ويقوم فريق وزاري يتكون من ممثلين من وحدة المحاسبة والقسم القانوني والفرع المهني، بالترتيبات في هذا الإطار مع المجالس الإقليمية والمستوطنات، وأيضا مع حركة "أمانا" بوصفها حركة استيطان الأراضي". ولم تجر أي مفاوضات، ووقع اتفاق مع المجالس الإقليمية التي تقع فيها الأبنية، وهي الجهات الوحيدة التي وقعت الوزارات اتفاقات معها، وعند ابرام الاتفاق، يتم دفع الرسوم لاستخدام الأبنية وفقا لما قرره الطاقم الوزاري بمعية وزارة المالية، "اما الإدعاء ضد السيد زئيف هيفر فلا أساس له من الصحة على الإطلاق". وفي رد السكرتير العام لحركة السلام الآن، ياريف اوبينهايمر، على القرار بعدم التعاطي مع الشكوى المقدمة من قبل الحركة: "الشركات المتورطة لغاية الأعناق في البناء غير القانوني، مثل "أمانا"، ما كان لها أن تحيا ليوم واحد في اسرائيل، ولكان موظفوها الكبار اقتيدوا الى المحاكم منذ فترة طويلة، غير انه، عند تجاوز الخط الأخضر، تقبل مخالفات البناء بتفهم، وبأن تحقيقات الشرطة هي فقط للسجل، ويخرج قادة البؤر سالمين". وتخلص الكاتب في تحقيقه المنشور في صحيفة "هآرتس" للقول بأن "مزيجا من الأيديولوجية والجشع، المصاحب لسياسة التعامي التي تمارسها السلطات، أدى الى زيادة صناعة البناء غير القانوني للوحدات السكنية في المستوطنات والبؤر الإستيطانية، وبدلا من معاقبة ومحاكمة متجاوزي القانون، تقوم الحكومة الإسرائيلية بتوفير الحماية لهم، وتتعاون معهم، وحتى أنها تقدم لهم التعويضات، على نطاق واسع".