أخيراً تم التعديل الوزاري على حكومة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل، بإحلال 9 وزراء جدد اثنان منهم من حزب “الحرية والعدالة” الذراع السياسية لجماعة “الإخوان المسلمين”، ما رفع نصيب الجماعة وحزبها من عدد المقاعد الوزارية إلى 10 حقائب بالتمام والكمال، من أصل ،35 الأمر الذي يطرح المزيد والمزيد من التساؤلات . الآن ما يفوق نسبة 25% من الحكومة بعد التعديل دان للجماعة وحزبها، ولم يُقْدِم رئيس الحكومة المصرية ولا حزبه على تغيير ذي مغزى، الأمر لم يتعدَ الشكل من ناحية، لكنه تخطى كل حدود المعقول من ناحية ضربه عرض الحائط بالمطلب الشعبي الأساسي القائم على تغيير حكومي شامل يلبي التطلعات والآمال أولاً، ومن ثم يضمن حكومة تدير الأوضاع خلال فترة الانتخابات البرلمانية . الأيام توالت منذ إعلان العزم على التعديل الوزاري، وكثرت الأحاديث والتصريحات، وآخرها كان أن التعديل سيشمل 11 حقيبة، وانتهى الأمر الثلاثاء إلى 9 فقط، اثنتان منها أضيفتا إلى رصيد الجماعة، ولعله من نافل القول الإشارة إلى العدد اللا متناهي من المناسبات التي تذبذبت بها المواقف الرسمية، والوعود التي لم يفِ بها أي من مطلقيها، بدءاً من قمة الهرم السياسي، مروراً برأس السلطة التنفيذية، وانتهاء بقادة بقية السلطات، والقائد الأعلى ل”سلطة الظل” . التغيير لم يشمل وزارة الداخلية التي طالب كثير من المصريين بتحقيقه، خصوصاً أن القمع لم يتراجع، واحترام حريات الناس بات حالة شاذة، ولعل الجماعة توجه رسالة مبطنة للمصريين ككل برضاها عن مسيرة القمع والتضييق على الحريات، فحتى وزير الإعلام المتهم بمحاولة خنق الصحافة بقي معتلياً برجه العاجي، رغم ما صدر عنه من مواقف وتصريحات . لا مجال للحكم على شخوص أعضاء الحكومة الجدد، فلا أحد يستطيع الزعم أنه قادر على ذلك، لكن الحكم العام على الحكومة المصرية “المعدّلة”، لا يحتاج إلى انتظار “إنجازات”، كون التغيير لم يَطُل أصل الأزمة، والمتوقع أن يستمر التخبط الحكومي على أكثر من صعيد، وأن تستمر سياسات التضييق والخنق لأكثر من حرية وحق دستوري مكفول لأبناء الشعب المصري . ماذا عن الانتخابات البرلمانية، وهذه الحكومة من المفترض أنها ستدير مرحلة الانتخابات، وهي “حكومة انتخابات” كما يقال؟ وما هو السيناريو الأقرب إلى التحقق في الصراع السياسي الداخلي المشتعل بين النظام وتوليفته الحاكمة والمعارضة على اختلاف أطيافها وتوجهاتها؟ لا يمكن الجزم بما يمكن أن يحدث في ظل أحداث متسارعة تشهدها الساحة الداخلية المصرية، لكن ما يثير التخوّف والترقب احتمال أن يقوم قطاع عريض من الشعب بخطوة غير متوقعة، تتمثل في مقاطعة صناديق الاقتراع في ما يشبه “عقاباً جماعياً” لأحزاب السلطة التي فشلت فشلاً ذريعاً في تحقيق الإنجاز، وأيضاً لأحزاب المعارضة التي جارت فشل خصومها، ولم تستطع تقديم ما هو أفضل . وفي ظل حكومة “الانتخابات” هذه، لا تبدو إمكانية حدوث تغيير يذكر في المزاج العام المصري، ولا إمكانية أيضاً لتحسس بوادر فهم من الممسكين بزمام السلطة لما يريده الشعب، والأيام المقبلة كفيلة بكشف المزيد .