خبر : حصاد أسبوع فلسطيني..بقلم: عمر قاروط

الخميس 09 مايو 2013 02:07 م / بتوقيت القدس +2GMT
حصاد أسبوع فلسطيني..بقلم: عمر قاروط



قد يوحي العنوان بأن عملا دوريا يندرج تحت هذا العنوان، لكن الحقيقة الكتابة تحت هذا العنوان جاءت من منطلق ضخامة وكثافة وأهمية التطورات التي مرت على المشهد الفلسطيني في غضون الأسبوع الأخير، وهي التطورات التي تشكل مدخلا للتطورات التي يشهدها النطاق الإقليمي من سوريا، إلى لبنان، إلى العراق، إلى تركيا، إلى مصر، إلى الأردن. فبينما تسود حالة من الإرباك والجمود على صعيد العلاقات الفلسطينية الداخلية، وتبادل الاتهامات، فان مشهد العودة للمفاوضات يبدو أكثر غموضا ومبالغة في تسويق الأوهام لما يسمى بالأفكار الجديدة للبحث عن السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وفي ذات الوقت يقصف جيش الاحتلال الأراضي السورية للمرة الثالثة في غضون أسبوع وسط اقرب إلى القبول عربيا ودوليا، فيما تسود الأجواء الحذرة والمتوترة الساحة اللبنانية إزاء التقاطعات التي يمارسها حزب الله مع النظام الحاكم في دمشق وحربه ضد شعبه، فيما الأجواء الساخنة تلتهب من طهران إلى بغداد إلى دمشق دون أن يعرف في أي كوم قش ستلتهب. في هذا الحصاد سنتوقف أمام ثلاثة مشاهد من حصاد الأسبوع الفلسطيني ونعقب عليها *** المشهد الأول: للرئيس محمود عباس "أبو مازن" الذي يواصل سياسة تفكيك فرص التوافق الوطني على الساحة الفلسطينية عبر سياساته الانفرادية والأحادية، فالعودة للحديث عن المفاوضات من غير شروط، وإعادة طرح المبادرة العربية باستعدادات جديدة لفتحها وإخضاعها للتعديل، تجرنا لمربع المحظورات، وإثارة الخلافات الفلسطينية الفلسطينية، وإفساح المجال أمام الأطراف الأخرى لاختراق الساحة الفلسطينية من جديد تحت وقع المفاوضات وجهود السلام. وهنا أو أن أسال أبو مازن، وغيره من القيادات الفلسطينية والعربية، كيف يمكن لنا أن نقبل بالعودة للمفاوضات بدون شروط مسبقة، ونحن الذي جربنها لأكثر من عقدين كاملين دون نتيجة، ودون أن نتمكن من الحصول على ما وعدنا به، أو تم التوافق عليه، وأبسط ما في ذلك الإفراج عن الأسرى من سجون الاحتلال، وهو يعتبر استحقاق يسبق أي مفاوضات أو اتفاقات في العرف التفاوضي بين الأطراف المتصارعة، باعتباره مدخلا يعبر عن استعداد الأطراف المتفاوضة لتقديم التنازلات والاعتراف بالحقوق التي تقرها المفاوضات. وهذا ليس فقط، فتصريحات أبو مازن وتوجهاته التي تتزامن مع ذلك تثير الدهشة والقلق إزاء الظروف التي تتحرك وسطها المفاوضات، وقدرة الجانب الفلسطيني على مقاومة الضغوط، والتصدي للممارسات التي يقوم بها الاحتلال على هامش التحركات والاتصالات الجارية بشان المفاوضات، وهو ما يضفي عليها نوع من الشرعية وفض الطرف من قبل الأطراف المنخرطة في المفاوضات، ففي أوج الحديث عن المفاوضات تعلن "إسرائيل" عن تخصيص 22مليون لدعم الاستيطان في القدس، وتعلن عن مشروع لإقامة عدد جديد من الوحدات الاستيطانية، فيما يواصل المستوطنين اعتداءاتهم على ممتلكات الفلسطينيين، وغيرها الكثير من الممارسات، ثم نأتي لنتحدث عن العودة للمفاوضات، والإعلان عن عدم الاعتراض على تغيير اسم الدولة، وتجميد التصدي للممارسات والاعتداءات الإسرائيلية على الساحة الدولية. ألا يثير ذلك الاستغراب. *** المشهد الثاني: بين عباس وفياض والمصالحة. بعد أيام قليلة أطل علينا الرئيس عباس بتصريحات منسوبة إليه بأنه قد يعيد فياض لرئاسة الحكومة، وقد يكون وزير المالية في حكومة جديدة، وأنه سيطول أمده في حكومة تسيير الأعمال التي لا نعرف إلى أي القوانين تخضع وأي الصلاحيات تمارس. فإذا كان ذلك ممكنا، وليس مطروحا، فلماذا تم التسرع في الإقالة، وما هي حقيقة وخلفية هذه الإقالة، ولماذا مرت هذه التصريحات بهدوء في الأوساط القيادية لحركة فتح وهي التي أثارت الزوابع والأعاصير ولم تتركها لإنهاء وتصفية حكومة فياض، إن أقل ما يمكن قوله على هذا الصعيد فلنبقي قدرا من الاحترام لعقل المواطن الفلسطيني، ولنحترم معركة الأسرى في سجون الاحتلال التي تتواصل وسط تشويش وتعتيم عليها من قبل المستوى الرسمي الفلسطيني و"الإسرائيلي على حد سواء. ثم ما حقيقة أن هذه الإقالة جاءت لتمهد الطريق أمام حكومة التوافق الوطني أو حكومة المصالحة كما قيل، أم أن ذلك مجرد تبرير لتبرير سياسات ما لصالح عباس وتوجهاته السياسية بالتزامن من خياراته بالعودة للمفاوضات!! *** المشهد الثالث: بينما يغرق الرئيس عباس وطاقمه السياسي في لعبة المفاوضات وفض الهدوء في الضفة الغربية، وتعطيل التقدم على صعيد المصالحة، فإن دولة الاحتلال تصعد من تهديداتها العسكرية والأمنية ضد قطاع غزة، وقوى المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس التي تحترم التعهدات التي قطعتها على نفسها أمام القاهرة والوسطاء الدوليين بشأن التهدئة في غزة، ويبالغ الاحتلال بذلك من خلال المبادرة إلى أعمال وأنشطة استفزازية هنا وهناك من أجل جر غزة إلى معركة لا ترى أن هذا وقتها، وتحميل غزة وحماس مسئولية دفع المنطقة من جديد إلى عدوان إسرائيلي سيكون مدمرا كما تزعم "إسرائيل" لأنها أعدت له ما لا تتوقعه حماس، وما لا تقدر على تحمله غزة. إن السماحة الواسعة التي يتيحها عباس وطاقمه السياسي للاحتلال للتفرد بغزة، والتعامل معها على إنها إقليم متمرد، وتوفير غطاء لما يمكن أن يقدم عليه الاحتلال ضدها مسألة تحتاج التوقف منه ومن مساعديه. نحن ندرك أنه ليس بمقدور عباس أن يفرض على "إسرائيل"، ولا على الإدارة الأمريكية ما يريد، أو يريد الشعب الفلسطيني، ولكن في المقابل بدرك أنه لا يجب أن يخضع للضغوط، ولا يجب أن يسقط في السياسات الملتبسة التي تحاول الولايات المتحدة ودولة الاحتلال فرضها عليه وعلى الفلسطينيين، كما ندرك بأنه ليس مضطرا لأن يكون طرفا في لعبة توفر الشرعية لعدوان جديد على غزة، والاستفراد بها، والانطلاق من الساحة الفلسطينية نحو الساحات العربية الأخرى لضربها والاعتداء عليها تحت ذرائع كاذبة وخادعة يظهر الفلسطينيين فيها وكأنهم غطاء لها. إن ما يجب أن يلتفت له عباس وطاقمه في هذه المرحلة أن مرحلة عبور تاريخي نحو متغيرات وتحولات إستراتيجية تتطلب منهم أقصى درجات الحذر والابتعاد عن أن يكونوا أدوات وظيفية في هجمة شرسة تشنها "إسرائيل" على المنطقة بدعم من الولايات المتحدة.