القدس المحتلة / سما / اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأربعاء، 14 مواطنا على الاقل، بينهم مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، اثر عمليات دهم وتفتيش نفذتها في مناطق مختلفة من الضفة الغربية والقدس. وأفادت مراسلتنا بأن قوات الاحتلال دهمت منزل مفتي القدس الشيخ محمد حسين في منطقة ’الصلعة’ في جبل المكبر جنوبي المدينة وقامت باعتقاله بعد رفضها طلبه بالذهاب لمركز تحقيق وشرطة ’المسكوبية’ غرب القدس المحتلة. وأشارت إلى أن الاعتقال جاء بعد إغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين واستباحته من قبل المجموعات الاستيطانية التي اقتحمته من باب المغاربة بحماية شرطة الاحتلال لأداء صلوات تلمودية في باحاته بالتزامن مع ذكرى احتلال القدس الـ46 و ما يسميه الاحتلال ’توحيد القدس’. الى ذلك، اعتقلت شرطة الاحتلال الإسرائيلي صباح اليوم، رئيس لجنة رعاية المقابر الإسلامية في القدس مصطفى أبو زهرة، بعد توقيفه قرب باب الأسباط (أحد بوابات المسجد الأقصى المبارك). وأفاد أحد العاملين في المسجد الأقصى، بأن عناصر الوحدات الخاصة بشرطة الاحتلال المتمركزة على بوابات المسجد الأقصى تمنع دخول طالبات حلقات العلم إلى المسجد، وتُعيق دخول المصلين من خلال فرض إجراءات مشددة واحتجاز بطاقات المصلين إلى حين خروجهم من المسجد. في الوقت نفسه، أضاف العامل في الأقصى بأن المستوطنين شرعوا باقتحام المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة عبر مجموعات صغيرة ومتتالية برفقة حراساتٍ مشددة من شرطة الاحتلال. وكانت شرطة الاحتلال وزعت أمس إعلانا على تجار القدس القديمة تطالبهم فيها بعدم عرض بضائعهم أمام محالهم عصر اليوم لإفساح المجال لاختراق مسيرات المستوطنين شوارع وأسواق القدس القديمة خلال توجههم الى باحة حائط البراق للاحتفال بما يسمى ’توحيد القدس’. وفي محافظة نابلس، اعتقلت قوات الاحتلال فجر اليوم، تسعة مواطنين من المدينة وبلدة بيت فوريك شرقها. وأفاد شهود عيان لـ’وفــا’، بأن عدداً من الجيبات العسكرية اقتحمت أحياء عدة في المدينة، واعتقلت كل من رائد الصايغ من منطقة جسر التيتي، بعد مداهمة منزله وتفتيشته، وعز الدين دروزة ،من شارع تونس، والمواطن أحمد الصرص، من سكان مخيم عسكر الجديد. وقالت مصادر محلية من بلدة بيت فوريك، إن جنود الاحتلال المعززين بالآليات العسكرية اقتحموا البلدة، وفتشوا عدداً من المنازل، واعتقلوا ستة مواطنين، هم: صدام سلامة حنني، وفارس ريم حنني، وفؤاد فواز حنني، وراسم رائد خطاطبة، والشقيقين تامر وجميل كمال حنني كما صادرت حواسيب بعضهم. كما اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي اليوم، ثلاثة مواطنين بعد مداهمة منازلهم بمدينة الخليل وبلدة بيت امر شمال المحافظة. وقالت مصادر امنية إن قوات الاحتلال داهمت منطقتي ’جبل ابو رمان والحاووز’ بمدينة الخليل، ونصبت حاجزا عسكريا واعتقلت المواطنين عماد جوده ابو عيشه ( 30عاما)، وعبد المعطي القواسمي. كما واعتقلت المواطن، سفيان زكي عوده بعد عملية دهم وتفتيش لمنزله في بلدة بيت امر شمال الخليل. اعتقال المفتي حسين يثير ردود افعال وإدانات واسعة: وكان اعتقال مفتي القدس على ايدي قوات الاحتلال اثار ردود فعل واستنكارات واسعة، حيث وصف رئيس المحكمة العليا الشرعية، رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الشيخ يوسف ادعيس عملية اعتقال المفتى العام ورئيس لجنة رعاية المقابر مصطفى ابو زهرة بأنها جزءا من مخطط حصار المدينة المقدسة، وتفريغها من رموزها الدينية والوطنية، لما يمثلانه من سد منيع مع المرابطين في الدفاع عن المسجد الاقصى المبارك ضد الاقتحامات المتكررة له من قبل اليهود المتطرفين. وأشار ادعيس في تصريح صحفي، إلى أن اعتقالهما يعد استهدافا للقدس بكل مكوناتها، وهي مقدمة لتصعيد العدوان على المدينة، ومقدساتها الاسلامية والمسيحية، واستمرارا لسياسة الاحتلال الاسرائيلي في استهداف الأصوات المدافعة عن القدس، وجريمة بحق العرب والمسلمين. بدورها، عبرت الهيئة الإسلامية-المسيحية عن سخطها الشديد لاعتقال الشيخ حسين، واصفة إياه بالعمل الجبان، والانتهاك الجسيم لكافة الشرائع السماوية والمواثيق الدولية التي تكفل حرية العبادة والديانة. واعتبرت إقدام سلطات الاحتلال على اعتقاله تصعيداً خطيراً في الاعتداءات الإسرائيلية على القدس ومقدساتها ومواطنيها. واعتبر الامين العام للتجمع الوطني المسيحي والاراضي المقدسة دمتري دلياني، جريمة الاعتقال بأنها تُمثّل انتهاك صارخاً للحقوق الدينية للمسلمين، وتعدياً وقحاً على عالم من علماء الدين الاسلامي، وشخصية وطنية لها الاحترام والتقدير بين أبناء شعبنا الفلسطيني من مسلمين ومسيحيين. وأشار دلياني في تصريح صحفي، إلى أن اعتقال المفتي العام يعكس عمق العنصرية والكراهية التي يكنها الاحتلال الاسرائيلي بمؤسساته الرسمية التي تدعي الديمقراطية واحترام الأديان بشكل زائف، لكل من هو غير يهودي، موضحا أن اعتقاله لا يخرج عن سياق الاضطهاد الديني الذي تمارسه دولة الاحتلال ضد المسلمين والمسيحيين على حد السواء. من جانبه، وصف وزير الأوقاف والشؤون الدينية محمود الهباش إقدام قوات الاحتلال على اعتقال المفتي العام الشيخ محمد حسين بعد مداهمة منزله في مدينة القدس المحتلة، غير قانوني ولا أخلاقي؛ لكونه يتعرض لرمز ديني، معتبرا ذلك عملا مدانا، وجبانا، ويقتضي وقفة حقيقية تنهي هذا العبث الذي أصبح سمة رئيسية للحكومة الإسرائيلية التي تعطي غطاء قانونيا للانتهاكات التي أصبحت تطال مقدساتنا ورموزنا الدينية، إضافة إلى أرضنا وشجرنا. ودعا الهباش في تصريح صحفي، المجتمع الدولي والأمتين العربية والإسلامية إلى العمل على الحد من هذه الانتهاكات، التي تنذر بخطر كبير قد يلقي بظله على المنطقة بأسرها نتيجة لهذا الصلف الإسرائيلي، الممعن بانتهاكاته وجرائمه ضد المقدسات والرموز الدينية الإسلامية والمسيحية، مشدداً على أن هذه الأعمال تأتي في سياق الاضطهاد الديني الممارس منذ فترة طويلة تجاه مؤمني الديانات الأخرى على أرض فلسطين. وأشارت وزارة الإعلام في بيان صحفي، إلى أن اعتقال الشيخ حسين يُدلل على تجاوز الاحتلال كل الخطوط، وإطلاق يد المجموعات المتطرفة، التي تقرع الطبول لاختراق القدس القديمة بمسيرات ضخمة في الذكرى الـ 46 لما يسمى ’توحيد القدس’. وطالبت الوزارة بإطلاق سراح المعتقلين، والتحرك الدولي لوقف مخططات الاحتلال في القدس، معتبرة اعتقاله أعلى درجة في سلم الوقاحة. كما ندد رئيس دائرة شؤون القدس أحمد قريع ’أبو علاء’، بسياسة الاعتقالات العنصرية التي تتبعها سلطات الاحتلال، والتي طالت مفتي القدس ورئيس لجنة إعمار مقابر القدس مصطفى أبو زهرة، تزامنا مع بدء احتفالات الإسرائيليين بذكرى احتلال مدينة القدس الشرقية. وحذر قريع في بيان صحفي، من خطورة الجولات والمسيرات التهويدية التي ينظمها الطلاب الإسرائيليون وقطعان المستوطنين في أنحاء مدينة القدس وسط إقامة الرقصات المستفزة لمشاعر المسلمين والمصلين في باحات المسجد الأقصى المبارك احتفالا بما سموه ’الذكرى الـ’46’ لتوحيد القدس’ وفق ادعاءاتهم. وأشار إلى أن هذه الاستعدادات والمسيرات الاستفزازية تعبر بشكل واضح وصريح عن سياسة الاحتلال وعقليته العنصرية والحاقدة والرافضة للسلام، معتبرا أن هذه الاحتفالات والدعوات الإسرائيلية المتكررة لاقتحام الأقصى وسياسة الاعتقالات لن تثنى شعبنا الفلسطيني وأهلنا في مدينة القدس تحديدا، عن مواصلة الدفاع، وحماية المسجد الأقصى المبارك، وعن كافة المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس. وحذرت دار الإفتاء ممثلة بمفتي المحافظات ومجلس الإفتاء الأعلى والعاملين فيها جميعا من محاولة المس بالشيخ حسين. وذكر الوكيل المساعد لدار الإفتاء إبراهيم خليل عوض الله، أن الاعتقال يمثّل تعديا صارخا على الرموز الدينية والوطنية في فلسطين، ومسا بعالم من علماء الدين الإسلامي، صاحب شخصية اعتبارية، ويحتل مكانة رفيعة بين أبناء الشعب الفلسطيني، موضحا أن هذا الاعتقال يأتي في سياق الاضطهاد الديني الذي تمارسه سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين عامة، شيبا وشبابا، نساء ورجالا، صغارا وكبارا. وأشار عوض الله إلى أن هذه الإساءة تأتي في سياق سلسلة الاعتداءات على القدس ورموزها الدينية، ضمن خطة ترمي إلى إحكام القبضة على الأقصى المبارك، وفتح الباب واسعا لمزيد من انتهاك حرمته، والمس بقداسته، إضافة إلى تهديد وجوده، وتشديد الخناق على المصلين المسلمين، الذين يشدون الرحال إليه.