رام الله/سما/ حذّر رئيس المحكمة العليا، رئيس مجلس القضاء الأعلى، القاضي فريد الجلاد من أية محاولات للتدخل في القضاء، مؤكدا أن استقلال السلطة القضائية في فلسطين عن بقية سلطات الدولة، جاء نتيجة نضال استمر عدة سنوات. واعتبر خلال مقابلة أجراها المركز الإعلامي القضائي، ردا على ما أثير مؤخرا من قضايا في وسائل الإعلام المختلفة، الدعوة لإصلاح القضاء من خارج السلطة القضائية، دعوة لفرض الوصاية على القضاء والمساس باستقلاله، قائلا: ’القضاء قادر على تطوير أدائه بنفسه، والبرامج لدى السلطة القضائية مستمرة بهذا النحو، ومؤشرات الفصل في القضايا دليل على ذلك’. وأوضح أن أبواب القضاء موصدة أمام من يريد التدخل لتحقيق مصالح شخصية، ومفتوحة لكل من هو حريص على العدالة، وقال: ’مطمئن لأنّ الكفاءات القضائية قادرة على الوفاء بمقتضيات عملها، وما يهمنا ألا تهتز ثقة المواطنين بالقضاء’. وحول قضية التحقيق مع عدد من الموظفين الإداريين في السلطة القضائية، أكد أن مجلس القضاء الأعلى مع تطبيق القانون على الجميع، وأي موظف ممكن أن يقع في أخطاء، ولكن العبرة في ملاحقة هذه الأخطاء وعدم السكوت عنها إذا ثبت ارتكاب الجريمة. وشدّد على أن مجلس القضاء الأعلى هو من أحال الموظفين لهيئة مكافحة الفساد للتحقيق معهم، وحتى الآن لم تصدر لوائح اتهام بحق أحد، والقضية قيد التحقيق ومن السابق لأوانه قبل الاطلاع على نتائج هذه التحقيقات إصدار أحكام على المتهمين، لأن الأصل أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته. وحول موضوع الأغذية الفاسدة ونظرة القضاء لها، قال الجلاد: ’القضاء يولي اهتماما خاصا لمثل هذه القضايا لخطورتها على حياة الناس، وقانون حماية المستهلك مطبق في فلسطين منذ عام 2005، وأحكامه رادعة إذ يصل الحكم فيها إلى السجن عشر سنوات أو الغرامة المالية بقيمة 10000 دينار. وأضاف، قاضي محكمة الصلح تحال له القضية من النيابة العامة وفق مواد محددة في القانون، وبعضها يحال بمقتضى قانون العقوبات أو قانون الصحة العامة، والقاضي مقيد بالاتهام الذي يصله من النيابة العامة، وبإمكان القاضي إعادة الأوراق إلى النيابة العامة، من أجل إعادة تكييف وتعديل التهمة في حال وجد أن وقائع التهمة مختلفة عن النص القانوني المسند من قبل النيابة العامة، وللمحكمة أن تعيد الملفات إلى النيابة لتعديل التهمة. وأشار إلى أهمية الاستعانة بالمختبرات والخبراء لإثبات وجود فساد في الأغذية، وعدم إشاعة الأحكام من دون دليل من قبل العامة إلا بعد تحديد الشخص المسؤول عن ذلك قانونا. وقال الجلاد: إن المحاكم تتعامل مع كل قضية على حدة حسب جسامة الأفعال، والقاضي يفرض عقوبته بناء على البينات التي يقدمها الخصوم، وحذّر من محاولات وسائل الإعلام للتأثير على قناعات القضاة من خلال تشكيل رأي عام، موضحا أن القاضي محايد في عمله ودوره أن يزن ما بين يديه من أدلة ويصدر قراره بناء على ذلك، بحضور النيابة العامة كخصم، ووكيل المتهم كخصم آخر. وحول مسألة تمديد توقيف بعض المتهمين بقضايا الأغذية الفاسدة، قال إن التوقيف لا يعتبر عقوبة، ولكن القضاء ينظر لقضايا الأغذية الفاسدة بخطورة بالغة، ويعود توقيف المتهمين من عدمه لتقديرات القاضي وفق ما تقدم له من إثباتات. وحول قضايا محكمة جرائم الفساد، أكد أن سياسات مجلس القضاء الأعلى تتجه نحو تسريع الفصل في قضايا المواطنين كافة، وهناك تعليمات إدارية من مجلس القضاء للقضاة بعدم إطالة أمد التقاضي، والإحصائيات لدى السلطة القضائية تشير إلى ازدياد مستمر في نسبة فصل القضايا، موضحا أن قضايا القتل، وجرائم قتل النساء، والأغذية الفاسدة، والفساد، وغيرها من قضايا الرأي العام، تحتل اهتمام مجلس القضاء الأعلى والقضاة. وأضاف أن حق الدفاع في التوجه إلى محاكم الاستئناف والنقض مكفول بموجب القانون، ومحكمة الاستئناف تنظر لقضايا الفساد خلال يومي الإثنين والخميس من كل أسبوع، مؤكدا التزام القضاء بالقانون وأن النصوص القانونية واجبة التطبيق، ولكن بعض الإجراءات تعتبر من مقتضيات العدالة مثل تبليغ الشهود، وتحتاج إلى وقت أطول من المدة المحددة في القانون. وتابع: دور هيئة مكافحة الفساد ينتهي مع إحالة الملف إلى النيابة العامة، والنيابة هي صاحبة الصلاحية بتقديم الاعتراض على تأجيل جلسة معينة أكثر من المدة القانونية، أمام الهيئة القضائية وبحضور المتهم ووكيله. وأشار إلى أن النيابة العامة بكافة أقسامها مستقلة عن الجهات الإدارية مثل هيئة مكافحة الفساد. وحول قضايا الوزراء، قال إن تدقيق بعض الملفات في المحاكم عند تقديم الطعون قد يستغرق وقتا، مؤكدا أن القضاء لا يميز بين وزير ومواطن عادي وغايته تحقيق العدل والإنصاف. وعن العلاقة بين نقابة المحامين والقضاء، قال الجلاد: ’نحن مع التوجه لحل الإشكاليات بعيدا عن وسائل الإعلام وإصدار البيانات، خصوصا أن الإشكاليات قد تحدث بين الحين والآخر نتيجة لأسباب كثيرة، وأطراف العدالة يجب أن تعمل بالشراكة لتحقيق العدالة، وأن تبقى العلاقة طيبة مع المحامين، ولا نقبل أن يعتدي أحد على محامٍ، وكرامة المحامي هي كرامة القضاء’. وفيما يتعلق بموضوع المحكمة الدستورية وضرورة تشكيلها، أشار رئيس مجلس القضاء الأعلى إلى وجود تحديات أمام تشكيل المحكمة الدستورية أبرزها: نقص السيادة على الأرض الفلسطينية، ووجود الانقسام السياسي بين جناحي الوطن، ونقص الإمكانيات المالية.