خبر : هل أعلنت إسرائيل الحرب على المنطقة؟ ...طلال عوكل

الإثنين 06 مايو 2013 01:06 م / بتوقيت القدس +2GMT
هل أعلنت إسرائيل الحرب على المنطقة؟ ...طلال عوكل



بعد سلسلة من الغارات التي شنها الطيران الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية تحت ذرائع مختلفة، مرة للاشتباه بمواقع ومنشأة نووية ومرة للاشتباه بنقل أسلحة ومن بينها كيماوية إلى حزب الله، ولكن الذريعة الأهم، هي أن الجيش السوري يستخدم الأسلحة الكيماوية ضد المعارضة المسلحة. تذكرنا هذه الذريعة، بذريعة وجود أسلحة دمار شامل في العراق، التي وظفتها الولايات المتحدة، لتبرير غزوها واحتلالها للعراق. في حينه اصرت الدوائر الأميركية السياسية والاستخباراتية والعسكرية على تزوير الحقائق التي وردت في تقارير المفتشين الدوليين التي اتضح لاحقاً أنها لا تتضمن معلومات مؤكدة عن وجود تلك الأسلحة، لكن تلك التقارير والشهادات أصبحت في حكم الماضي، طالما أن الغزو والاحتلال قد وقع فعلاً، وما عاد بالإمكان لا أن تعود الأمور إلى الوراء ولا أن تعتذر الولايات المتحدة عما فعلته عن قصد وبسابق إصرار.وجود أسلحة كيماوية في سورية، أمر معروف لدى الدوائر الإسرائيلية والأميركية، وربما لدى كل الدوائر المهتمة، ذلك أن سورية دولة مواجهة، وأراضيها محتلة من قبل إسرائيل، فلماذا صمتت إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة على وجود هذه الأسلحة خلال عقود طويلة، وتحاول اليوم تضخيم خطورة هذه الأسلحة؟ بالطبع لا أحد يقبل بأي حال أن يستخدم النظام السوري هذه الأسلحة الفتاكة، وحتى الأسلحة والذخائر الأقل فتكاً ضد معارضيه وشعبه، ولكن لماذا تتنطع الولايات المتحدة وإسرائيل وتصعدا المواجهة مع سورية، طالما أن استخدام هذه الأسلحة لا يهدد مصالح الدولتين؟ إن كان الأمر يتعلق بحماية حقوق الإنسان السوري، فليس لا إسرائيل ولا الولايات المتحدة، هما من يحق لهما الادعاء بالحرص على حقوق الناس، لأنهما من أكثر الدول في هذا العالم، التي تمارس انتهاكات فظة لحقوق الإنسان، وللشعوب، وللقوانين الدولية، لكن الأمر في حقيقته يتجاوز هذه الادعاءات.السلوك الإسرائيلي العدواني المتصاعد، ضد سورية، يترافق ويتزامن مع تدريبات عسكرية لا تتوقف لخوض حروب على جبهات متعددة، وتترافق مع تهديدات حقيقية لجنوب لبنان وقطاع غزة وحتى في الضفة الغربية وربما يكون كل ذلك في إطار رفع مستوى الضغوط التي تمارسها الدول الغربية على إيران أو تمهيداً لعدوان عليها.في الضفة الغربية يلاحظ الجميع ارتفاع منسوب اعتداءات المستوطنين على الفلسطينيين، وتوسع عمليات الجيش الإسرائيلي ضد القدس والقرى، الفلسطينية وآخرها صباح أمس، ما جرى في بلدة الخضر. الانتهاكات الإسرائيلية على قطاع غزة، لم تتوقف منذ اليوم الأول لتوقيع اتفاق التهدئة بعد حرب الأيام الثمانية في تشرين الثاني الماضي، ويلاحظ أن الاتفاق لم يتبق منه شيء وان الانتهاكات تتصاعد. في أحد المواقع الإلكترونية للجيش الإسرائيلي، تتحدث المصادر عن أن العدوان على قطاع غزة مسألة وقت، ولاحقاً ورد أن الجيش الإسرائيلي يحضر لعدوان يأخذ طابع العملية الجراحية على غرار "السور الواقي"، ضد قطاع غزة.التهديدات الإسرائيلية تتخذ طابعاً عملياً، فمعبر كرم أبو سالم لا يفتح بقدر أيام إغلاقه، والبحر مغلق أمام الصيادين الذين يتعرضون لإطلاق نار من قبل الزوارق الحربية الإسرائيلية، والمنطقة الأمنية عادت كما كانت قبل اتفاق التهدئة فماذا تبقى من ذلك الاتفاق؟ إذاً المؤشرات على أن المنطقة تتحضر لصيف ساخن، تتزايد وتأخذ أبعاداً أكثر خطورة وجدية، والأرجح أن تتصاعد الاستفزازات وعمليات القصف ضد سورية، طالما أن النظام سيعتمد مقولته التاريخية المأثورة بأنه سيرد في الوقت والزمان المناسبين، دون أن يأتي هذا الزمان.ندرك أن سورية في وضع حرج، وربما عليها أن تعضّ على جراحها، فهي إن قامت بالرد، تكون قد أعطت لإسرائيل المزيد من الذرائع لتوسيع وتصعيد العدوان. ليس هذا فحسب، بل إن الولايات المتحدة، التي تتململ لاتخاذ سياسات ومواقف تصعيدية ضد سورية، تنتظر هي الأخرى ذرائع قوية لتبرير تدخلها، والاستقواء على الممانعة الروسية والصينية، التي تحول كل الوقت دون تدخل مباشر للولايات المتحدة في الصراع الدائر في سورية. لبنان هو الآخر يتعرض لاستفزازات حربية إسرائيلية متواصلة فالطيران الحربي يكاد لا يغادر أجواء لبنان، والتهديدات ضد حزب الله لا تتوقف.تقول إسرائيل إنها لا تستطيع أن تغض الطرف عن التهديدات والمخاطر التي تصدر عن تراكم المزيد من الأسلحة المتطورة في جنوب لبنان وفي قطاع غزة، وانها لا تستطيع الانتظار طويلاً. في الايام الأخيرة صدر عن وزير الدفاع الأميركي هاغل تصريح لافت للنظر، يشير فيه إلى احتمال توجيه ضربة لإيران بعد الانتخابات، ما يعني أن ثمة أفقا إقليميا لكل ما تقوم به إسرائيل من انتهاكات واستفزازات. ويبدو أن الظرف ملائم لإسرائيل لكي تقوم بما تنوي القيام به، فالوضع العربي عموماً، مفكك وضعيف، وسقفه هابط كما لاحظنا من خلال زيارة وفد لجنة المتابعة العربية للولايات المتحدة. هل يمكن أن نتوقع في ظل هذه المناخات، نجاح المساعي الأميركية لجهة استئناف المفاوضات ودفع العملية السياسية؟ أم ان هذه المناخات مطلوبة لفرض تسوية بائسة على الفلسطينيين؟.