خبر : إذا كان العقل مستبداً فالصحوة مستحيلة ...علي أبو الريش

الأحد 05 مايو 2013 10:43 م / بتوقيت القدس +2GMT
إذا كان العقل مستبداً فالصحوة مستحيلة ...علي أبو الريش



هكذا قالت الفلسفة.. إذا كان العقل مستبداً فالصحوة مستحيلة، وإذا لم ينس الإنسان نفسه فلن يعرف نفسه، لأنه ما من شخص تتورم فيه الذات وتصير محور الكون لديه، إلا وينسى العالم ويتجاهل الآخر ويغرق في ظلمات الجهل والرغبات الجامحة التي تطيح قدراته على فهم ما حوله، ما يجعله يتخبط ويشطط ويغلط ويحيق بالآخرين بأسوأ صور الكراهية والعذابات.. هذا ما نشهده اليوم من واقع الأحداث والأجداث والاجتثاث، وما تفعله العصبيات الحزبية والعقائدية والمللية في الإنسان والأوطان والأشجان. المتعصبون لا يرون أبعد من أخمص القدم، ذاهبون إلى العدم بكل جهالة وسوء فهم، ناكرون للنعم، مهشمون الشيم، محطمون الهمم، يعتقدون أنهم ملكوا زمام القيم.المتعصبون تجمهروا حول أنفسهم فانكفأوا وتقلصوا وتقمصوا شخصيات أسطورية، ظنوا أنهم يستطيعون أن يأتوا بالشمس من المغرب إلى المشرق وأنهم يحيون الموتى ويفعلون العجائب والغرائب المدهشة إن أرادوا.. والدين الحنيف قال بالفصيح والحصيف، كذب المنجمون، وما المنافقون إلا إخوان الشياطين، ولكن المتعصبين فَقَدوا البصر والبصيرة وحطموا في العقل المعايير والتدابير وحسن التصاوير، وساروا مجندلين بمذاهب من دون مواهب، مسربلين بأصفاد النظرة الأحادية حادة الزاوية، ما يجعلهم يجرحون ولا يشرحون ولا ينشرحون ولا يبرحون مكانهم. المتعصبون كمن وُلد في غرفة مغلقة مظلمة، وعاش فيها حيناً من الدهر، ولمّا أراد الخروج من عزلته لم يعرف العالم من حوله إلا من خلال الغرفة التي خرج منها، أي أنه خرج أعمى يتخبط في المحيط الواسع ويربط علاقته بالكون بارتباطه بالغرفة الضيقة، وبالتالي فإنه يفهم أن كل ما يأتيه من العالم الخارجي غريب ومريب، فيشن عليه الحرب الضروس، يقاتله بلا هوادة ولا عقل ولا قلب.المتعصبون يعانون عقدة نقص الخوف من الآخر والحقد على الآخر وكراهية كل ما هو جميل وناصع ورائع، إنهم يريدون إدارة العالم بعجلة لا تسير إلا باتجاه واحد، يريدون أن يغيروا مجرى التاريخ ويسدوا منافذ ونوافذ، ولا ملاذ لديهم غير رفض كل ما هو واقع لأجل الرفض فقط.المتعصبون ضحايا أخلاق فاسدة، فلذلك فمن السهل وقوعهم في شراك الأجندات المغرضة التي لا تستهدف سوى إطاحة استقرار أي بلد يعيش آمناً مطمئناً تجمع أهله المحبة والسؤدد.. المتعصبون أموات يسيرون بأقدام الكراهية، وقلوبهم تنبض بشرايين الذات المهشمة بفؤوس الحقد، وعيونهم لا تنظر إلا إلى الوراء، وهكذا يفعل الهاربون من الحقيقة.. المتعصبون شخصيات هلامية أو أشبه بالزائدة الدودية، في انفجارها سموم وسقوم وهموم وروجوم وعذابات لا تنتهي إلا بالخلاص من الشر.