القدس المحتلة / سما / حّذر الدكتور انيس القاق السفير الفلسطيني السابق في سويسرا وعضو المجلس الوطني الفلسطيني من ان القضية الفلسطينية في غاية الخطورة ، هذا ما لمسه بنفسه خاصة في السنتين الاخيرتين التي امضاهما في نيويورك قريبا من المنظمة الاممية ، الامم المتحدة حيث هناك تغير مقلق في السياسة الامريكية المنحازة اصلا لصالح الاحتلال ورؤيته الاستراتيجية للحل . وكشف القاق عن حقائق مزعجة تتحكم في اتجاهات السياسة الامريكية الخارجية ولكنه رأى الضوء في نهاية النفق عندما شاهد اطفالنا البدو المحرومين من كل شيء على طريق اريحا يتعلمون وينشدون بلغات العالم.. وكأنهم يبعثون برسالة قوية ان الانسان الفلسطيني عصي على الاقتلاع والذوبان والانقراض مهما تم السطو على ارضه الفلسطينية . وقال في لقاء الاربعاء لنادي الصحافة- نقابة الصحفيين بالتعاون مع مقهى الكتاب الثقافي – المكتبة العلمية ان الوضع سيء جدا .. فهناك تجاهل فظيع في الاعلام الامريكي ازاء ما يحدث في الاراضي الفلسطينية سواء في الاعلام المرئي ام المسموع ام المقروء . واكد ان السياسة الامريكية ازاء الصراع العربي الاسرائيلي بقيت نفسها منذ حرب عام 1967 . الا ان المستجد المقلق هو في تحول هذه السياسة تدريجيا في تبني وجهة النظر الاسرائيلية للحل من خلال التراجع خطوة خطوة تجاه كل القضايا التي كانت تعتبرها السياسة الامريكية خطوطا حمراء يصعب تجاوزها مثل الاعتراف بحدود الخامس من حزيران والقدس اراضي محتلة والاستيطان غير شرعي . واوضح ان السياسة الامريكية الجديدة على سبيل المثال بدأت ترى في الاستيطان غير بناء بعد ان كان غير شرعي واصبحت تشدد على نغمة يهودية الدولة بهدف ارضاء الحكومة الاسرائيلية اليمينية وان الاراضي المحتلة متنازع عليها و ان الامر يتعلق باسرائيل وهل هي راغبة في اعادة هذه الاراضي ام لا ؟؟؟؟ ولم تعد الولايات المتحدة ترى في نفسها وسيطا فعالا يفرض حلولا سلمية متوازنة . واشار القاق الى ان عملية تجاهل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني والمسيرة السلمية التي لم تعد ذات اولوية ، فهي مغيبة تماما في وسائل الاعلام والرأي العام الامريكي . واكد ان 99.9% من الامريكيين ليست لهم علاقة بالموضوع كليا حيث انهم يعتبرون ان اميركا هي العالم ، لدرجة ان قضية جودي هريبس التي قتلت عشيقها اصبحت قضية الموسم في الاعلام الامريكي بقضه وقضيضه و موت مايكل جاكسون واقتناء الاسلحة هو من القضايا التي تشغل بال الرأي العام في بلاد العجائب .. وبالكاد يفطن الاعلام منطقة الشرق الاوسط وفقط عندما يتعرض الاسرائيليين الى صاروخ او تفجير لا يقتل ذبابة ..! وعلى صعيد المعسكر اليهودي في اميركا رأى القاق ان الساحة اليهودية منقسمة بين مجموعتي جي ستريت العقلانية والايباك المتطرفة ولكن الغلبة والسيطرة هي لمجموعة ايباك المتشددة التي قيل ذات مرة لو ان بيبي نتنياهو كان يقرأ من دليل هاتف في الكونغرس لوقفوا له وصفقوا له عشرات المرات ..؟؟؟ والمثير للدهشة ان التنافس اصبح بين من يخدم اسرائيل وسياساتها اكثر ويزاود على الاخر في هذا الدعم والتأييد الاعمى ..؟؟ واضاف ان النقطة الاخطر هي ال 60 مليون من البروتستانت الانجيليين الذين يعتبرون تدشين وتقوية اسرائيل الطريق امام عودة المسيح الذي سيذبح اليهود لاحقا ويتخلص من شرورهم حسب اعتقادهم المريض ..؟!!!! وهؤلاء يدعمون اسرائيل بطريقة عمياء وأغلبهم من مؤيدي الحزب الجمهوري ..! وذكر القاق ان 2.5% من سكان اميركا هم من اليهود ولكنهم يسيطرون على قطاعات المال والاقتصاد والاعلام والفن والموسيقى وان 30% من جوائز نوبل يحوز عليها اليهود اي 160 جائزة من اصل 500 جائزة ويقدم اليهود واسرائيل عشرة الاف بحث علمي للعالم سنويا ويمتازون بتنظيم رائع وخلال اعيادهم الدينية يغلقون شوارع نيويورك العملاقة ويسيرون بالالاف وهم يحملون اعلام اسرائيل .. فاللوبيات هي التي تّنجح او تسّقط .. والسياسيون بالتالي يلهثون وراء مصالحهم ومراكزهم السياسية .. وقال انه رغم وجود بعض المحاولات لتفعيل الجاليات العربية والفلسطينية في اميركا الا ان صوتها يضيع وسط صخب وضجيج الآلة الاعلامية الاسرائيلية الجبارة .. واكد القاق ان اسرائيل ولاية امريكية مقدسة .. فهي ليست الولاية ال 51 او 52 ولكنها الاولى بلا منازع .. ووصف النظرة الامريكية الى النزاع الاسرائيلي الفلسطيني حاليا بما يشبه الصداع او من يعاني من مرض السكري فهو ليس قاضيا ولكنه مزعج يمكن التعايش معه لسنوات طويلة ..!!!! وفي ردوده على بعض الملاحظات التي ابداها ماهر طه وعدنان ابو غوش وعلي السنيور ومحمد سويلم وابراهيم مطر وامجد الشهابي انتقد القاق الوضع الفلسطيني الداخلي المنقسم والمهلهل .. فمن بيته من زجاج لا يرجم الناس بالحجارة .. فليس المطلوب محاربة اميركا ولكن الضغط عليها لفرض حل عادل .. ولكننا في ظل غياب رؤيا استراتيجية والانقسام والتعود على ثقافة الشحدة وانتظار الرواتب " بالكرتة" وانهيار المعنويات وغياب ظاهرة الاندفاع للمقاومة حتى السلمية منها .. سنبقى ندور في حلقة مفرغة وفي متاهة لها اول وليس لها اخر ..!! واعرب عن اعتقاده بصعوبة حل الدولتين .. وان وجود طبقة سياسية عليا لها مصالح وامتيازات يجعل من الصعوبة بمكان اخذ قرارات حاسمة تضع المجتمع الدولي امام مسؤولياته الحقيقية .. وتطرق الى معركة دبلوماسية نشبت مع الاسرائيليين لدى قيادته وزارة التخطيط زمن الراحل ابو عمار من بيت الدجاني في القدس حيث كانت الوزارة تصر على وضع خارطة فلسطين كاملة .. وكيف استفز ذلك الاسرائيليين واقاموا الدنيا ولم يقعدوها في حين انه مسموح لهم بوضع خارطة ما يسمى باسرائيل الكاملة ..! وذلك في اشارة الى ان الدولة التي نريدها يجب ان تكون كاملة العضوية وفعالة على الارض وذات حدود واضحة .. علما بأن الطرف الاسرائيلي ليست لديه نوايا حقيقية وجدية للاعتراف بدولة فلسطينية حرة ذات سيادة ، ما دمنا في حالة من التمزق والتشرذم والتراجع والانهيار الفلسطيني والعربي ... فما الذي يجبر اسرائيل على التنازل .. هكذا ببساطة ..؟ واختتم القاق حواره المفتوح بشعلة الامل التي دبت في نفسه وفي اوصاله ازاء امكانية تصميد الناس حتى لو صودرت المزيد من الاراضي من خلال التركيز على الانسان ومعنوياته وقدرته على التحدي والصمود لانتزاع النصر مهما طال الصراع .. فكل شيء يبدأ بفكرة .. واوضح ان هذه الشعلة استعادها في قرارة نفسه وانعشت روحه المعنوية وهو يشاهد 200 تلميذا وتلميذة من اخوتنا البدو في صحراء فلسطين قرب الخان الاحمر في مدرستهم المختلطة يغنون وينشدون لفلسطين باللغة الانجليزية في مدرسة مشيدة من اطارات السيارت .. هذا الجيل الصاعد هو الامل .. في ان نرسم ملامح هويتنا على ارضنا الفلسطينية التاريخية ولو بعد حين .. فطالما هناك حق لنا وحلم تاريخي لا بد ان يتجسد حقيقة ساطعة مثل شمس تموز .. وويل لمن يعاند حقائق التاريخ الحاسمة ..!