خبر : دور صيني فاعل في عملية السلام ..بقلم : دياب اللوح

السبت 04 مايو 2013 08:05 م / بتوقيت القدس +2GMT
دور صيني فاعل في عملية السلام ..بقلم : دياب اللوح



أكد المبعوث الصيني الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط السفير (وو سي كه), الذي وصل إلى فلسطين يوم السبت (28/4/2013م), في جولة جديدة تعكس توجهاً جديداً لدى القيادة الصينية الجديدة وتشير إلى اهتمام صيني كبير بالتطورات والمتغيرات في منطقة الشرق الأوسط, لدعم الجهود المبذولة لدفع عملية السلام في المنطقة وخاصة في المسار الفلسطيني– الإسرائيلي, وقال المبعوث إن القيادة الصينية الجديدة تُولي اهتماماً كبيراً لتقوية العلاقات مع فلسطين, وأنها تدعم الجهود المبذولة لدفع العملية السلمية واستئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي على أساس حل الدولتين, وشدد في تصريحاته أن حل القضية الفلسطينية هو المهمة الأساسية للمجتمع الدولي باعتبارها لُب وجوهر قضايا المنطقة الشرق أوسطية, مشيراً إلى أن القيادة الجديدة في الصين تهتم بتطوير العلاقة مع فلسطين وتحقيق السلام في الشرق الأوسط, مؤكداً على استعداد الصين لبذل جهود إيجابية مع الجانب الفلسطيني والدول العربية والمجتمع الدولي بصفتها العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي ودولة كبيرة مسؤولة وصولاً إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة, وكما أكد المبعوث الصيني عدالة القضية الفلسطينية ومحوريتها في المنطقة وعلى الموقف الدائم والداعم لإقامة دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام (1967م) وعاصمتها القدس الشرقية.      هذا الموقف الصيني الثابت والمبدئي الذي تميزت به السياسة الصينية تجاه الشعب الفلسطيني ونضاله المشروع وقضيته العادلة, منذ مطلع الستينات, لازال ثابتاً راسخاً برغم المتغيرات الإقليمية والدولية الواسعة التي عصفت بالمنطقة والعالم, فلقد كانت الصين أول دولة غير عربية تعترف بمنظمة التحرير الفلسطينية اعترافاً كاملاً كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني, وقد منحت مكتبها في بكين حصاناتها الدبلوماسية الممنوحة لسفارات الدول الأخرى, وكانت أول دولة غير عربية تستقبل رئيس المنظمة آنذاك الأستاذ أحمد الشقيري في (17/3/1965م), وكانت الصين أول دولة غير عربية أيضاً تعترف بإعلان الاستقلال- إعلان قيام دولة فلسطين المستقلة في الخامس عشر من نوفمبر عام (1988م) في دورة المجلس الوطني الفلسطيني التاسعة عشرة المنعقدة في الجزائر, ورفعت الحكومة الصينية في حينه مستوى التمثيل الفلسطيني لديها إلى مرتبة سفارة دولة كاملة تتمتع بكافة الحصانات والامتيازات الممنوحة لأية سفارة دولة أخرى معتمدة لدى الصين, وقام وزير الخارجية الصيني آنذاك (تشان تشي تشن) بحضور مراسم رفع العلم الفلسطيني على مقر سفارة دولة فلسطين في العاصمة الصينية بكين, ووقفت الصين إلى جانب فلسطين لنيل الاعتراف الدولي بعضوية دولة فلسطين بصفة مراقب في الأمم المتحدة في (29/11/2012م), وهي الدولة الصديقة التي تقف بثبات في المحافل الدولية كافةً إلى جانب القضية الفلسطينية والقضايا العربية, ولم تتخلَّف يوماً عن دعم أي مشروع قرار فلسطيني أو عربي في الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية الدولية كافة.      أشار المبعوث الصيني الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط أن القيادة الصينية سوف تستمع إلى وجهتي النظر الفلسطينية والإسرائيلية تجاه إنهاء الصراع, وبعد ذلك ستقدم رؤيتها ومقترحاتها لعملية السلام, وقال إن هذه الأفكار تأتي في ظل قيادة صينية جديدة تستعد للعب دور حيوي وبنّاء أكثر في حل القضية الفلسطينية, ولفت الانتباه إلى أن الصين لديها رؤية معينة وموقف معين من عملية السلام تختلف عن رؤية اللجنة الرباعية الدولية بخصوص إنهاء الصراع وحل القضية الفلسطينية, وشدد في حديثه على أن اهتمام الصين بعملية السلام في الشرق الأوسط يأتي من أهمية حل القضية الفلسطينية باعتبارها قضية مركزية في المنطقة, وإن حل القضية الفلسطينية سيساهم في إشاعة السلام في المنطقة برمتها, كما سيوفر البيئة السلمية والصحيحة لتطوير علاقات الصين مع دول المنطقة, وهذا التطور النوعي في الموقف الصيني تجاه حل الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وحل القضية الفلسطينية يعتبر خطوة متقدمة وإيجابية في الدبلوماسية الصينية وبشكل منفصل عن عمل اللجنة الرباعية الدولية التي فقدت حيوية دورها في حل الصراع, بينما حافظت الأطراف المشاركة فيها على مشاركتهم وأدوارهم بشكلٍ منفرد, وهذا ما شجع الصين كدولة كبرى وعضو دائم في مجلس الأمن الدولي وصديق للشعب الفلسطيني والشعوب العربية على لعب دور منفصل والمشاركة في عملية السلام, إدراكاً من الصين بأهمية تعزيز حضورها ودورها في الشرق الأوسط وتوطيد علاقاتها مع كافة الأطراف في المنطقة, وهذا الموقف الصيني وبرغم أنه ليس جديداً وهو موقف تاريخي ثابت إلى جانب الشعب الفلسطيني والشعوب العربية, إلا أنه يحمل رسالة واضحة إلى جميع الأطراف المحورية في الشرق الأوسط, إن الصين قادرة أن تلعب دوراً أيضاً في هذه المنطقة الساخنة في العالم وهي ليست حكراً على طرف بعينه, ورداً واضحاً على الدور الأمريكي المتنامي في آسيا والباسفيك الذي يُشكِّل عمق الأمن القومي الصيني, والصين دولة كبيرة لها ثِقل ووزن في السياسة الدولية ولها علاقات متميزة مع كافة الأطراف, وقادرة أن تلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً لإخراج المنطقة وعملية السلام من الطريق المسدود الذي وصلت إليه وتجنيب المنطقة والعالم مخاطر انسداد أفق عملية السلام .      قال المبعوث الصيني, إن هدف زيارته إلى دولة فلسطين بالدرجة الأولى هو ترتيب زيارة الرئيس محمود عباس إلى الصين وتسليمه الدعوة بشكلٍ رسمي, والهدف من هذه الزيارة التي جاءت بدعوة من الرئيس الصيني الجديد (شي جين بينغ), هو بحث العلاقات الثنائية بين فلسطين والصين والتي وصفها المبعوث الصيني بأنها تاريخية وتمر الآن بمرحلة جديدة, بالإضافة إلى عملية السلام, ولفت المبعوث الصيني الانتباه إلى أن دعوة رئيس دولة فلسطين لزيارة الصين, تأتي كأول زعيم في الشرق الأوسط في عهد القيادة الصينية الجديدة, ويُعتبر دليلاً على اهتمام الصين بحل القضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني- الإسرائيلي, واعتبر المبعوث أن زيارة الرئيس محمود عباس للصين فرصة لتبادل الآراء حول الأوضاع في المنطقة وكيفية التنسيق في دعم العملية السلمية والحل العادل, وتأكيد الدعم الصيني المستمر لإقامة الدولة الفلسطينية على أساس حدود 1967م ذات سيادة كاملة وعاصمتها القدس الشرقية, ويعقب زيارة الرئيس عباس للصين مباشرة, زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي (بنيامين نتنياهو) في الفترة من 6-10 مايو/أيار الجاري (2013م), بدعوة من نظيره الصيني (كي كه تشيانغ), حيث من المقرر أن يصل الرئيس عباس الصين في الخامس من مايو أيار الجاري أيضاً, في دلالةٍ على رغبةِ الصين الأكيدة على إجراء مشاورات حثيثة مع الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وتقديم أفكار ومقترحات عملية من شأنها أن تتكامل مع الأفكار والمقترحات المنتظرة من الراعي الأمريكي لعملية السلام في الشرق الأوسط الذي أوفد وزير خارجيته للمنطقة في زيارات تراكمية للاستماع إلى وجهات نظر الجانبين ومن ثم يعمل على تقديم أفكاره, ويأتي هذا التحرك الصيني الموازي للتحرك الأمريكي لإنقاذ عملية السلام من الطريق المسدود الذي وصلت إليه, وبكل تأكيد فهو تحرك ليس بديلاً لأحد وإنما مكمل له, ويحظى الدور الصيني وتحرك القيادة الصينية الجديدة بالقبول والترحيب من القيادة الفلسطينية, حيث تمنى أمين عام الرئاسة الفلسطينية الطيب عبد الرحيم, الذي استقبل المبعوث الصيني, على القيادة الصينية بما لها من ثِقل أن تستمر في جهودها مع الأطراف المعنية في هذه المرحلة لإخراج المنطقة من هذا الطريق المسدود وما يحمله ذلك من مخاطر على السلم الإقليمي والعالمي, كما أعرب رئيس دائرة العلاقات العربية والصين الشعبية في اللجنة المركزية لحركة فتح عباس زكي, الذي التقى المبعوث الصيني في رام الله, عن أمله في استمرار العلاقات التاريخية بين فلسطين والصين وتطويرها, وأن تستخدم بكين ثِقلها على الساحة الدولية من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية, مشيراً إلى أن المناخ الدولي مواتِ الآن لتحريك عملية السلام, كما ودعا رئيس دائرة العلاقات الدولية في اللجنة المركزية لحركة فتح نبيل شعث الصين كقوة عظمى في العالم إلى لعب دور فاعل في عملية السلام في المنطقة وجاءت هذه الدعوة خلال لقاء المبعوث الصيني مع رئيس دائرة العلاقات الدولية لحركة فتح على هامش زيارته لدولة فلسطين في رام الله, ويأتي ترحيب القيادة الفلسطينية بدور صيني فاعل في عملية السلام بالمنطقة باعتبار أن ذلك سوف يُعزز الموقف الفلسطيني ويُحدِث حالة من التوازن في الدور الدولي في المنطقة, باعتبار أن الصين دولة عظمى ومن المهم أن تأخذ دورها في قضايا المنطقة, هذا الدور من شأنه أن يُشكِّل ثِقل ويُحدث توازن في المنطقة, وأن فلسطين والقضية الفلسطينية في حاجة ماسَّة لهذا الدور الصيني الوازن والمؤثر في الحل وصناعة السلام في المنطقة.      وتُعتبر زيارة الرئيس محمود عباس المرتقبة للصين في الخامس من مايو/أيار الجاري (2013م), الزيارة الرسمية الثالثة له للصين يُقابل خلالها الرئيس الصيني الجديد (شي جين بينغ), وكانت الزيارة الرسمية الأولى له في مايو/أيار (2005م), والزيارة الرسمية الثانية له في أواخر إبريل ومطلع مايو/أيار (2010م), قابل خلالهما الرئيس الصيني السابق (خو جين تاو) والعديد من كبار المسؤولين ورجالات الدولة الصينية, ومن الجدير بالذكر أن الرئيس محمود عباس قد زار الصين مرات عديدة بصفته الاعتبارية أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية, وتربطه علاقات تاريخية وأواصر صداقة عميقة مع القيادات الصينية في الدولة والحكومة والحزب الشيوعي الصيني, ومن المأمول أن تُساهم هذه الزيارة الرسمية (زيارة الدولة) المرتقبة في ظل القيادة الصينية الجديدة في دفع وتعزيز العلاقات التاريخية بين فلسطين والصين, وأن تدفع باتجاه دور صيني أكبر وأكثر تأثيراً في المنطقة وقضاياها وفي مقدمتها القضية الفلسطينية وتمكين الشعب الفلسطيني من تجسيد إقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس إلى جانب دول وشعوب المنطقة والعالم.