خبر : الوصاية العربية القطرية الجديدة..علاء أبو منصور

السبت 04 مايو 2013 01:30 م / بتوقيت القدس +2GMT
الوصاية العربية القطرية الجديدة..علاء أبو منصور



في ظل حالة الانحدار التي تمر بها الأمة العربية وتراجع دور حركات التحرر العربية والعالمية على الصعيد الإقليمي والدولي, وتفرد الولايات المتحدة الأمريكية بمصير الشعوب الراغبة بالتحرر والاستقلال وخاصة الشعب الفلسطيني الذي مازال يرزخ تحت نير احتلال صهيوني استيطاني هدفه الأساس هو السيطرة على الأرض بكل السُبل والوسائل, وفي ظل ما أُطلق عليه (الربيع العربي) وما تعانيه دول هذا الربيع من انقسام وحروب بين أبناء الشعب الواحد, تطُل علينا الجامعة العربية بمبادرتها السلمية الرامية لإحلال السلام  في ربوع الوطن العربي الكبير, ولعل توقيت تلك المبادرة القديمة الحديثة قد جاء مخالفاً أو بالأحرى مستبقاً نتائج ما تمخضت عنه ما سُمي بالثورات العربية, خاصة عند تطبيقنا للقاعدة السياسية التي تعتبر نهاية الحروب والصراعات الفرصة المناسبة والطبيعية لطرح مبادرات السلام أو لانعقاد مؤتمرات السلام والاتفاق على الشروط والمبادئ الأساسية التي ستحدد علاقات الدول ببعضها في المستقبل, ولكن يبدو على الأرجح أن ما طمحت له اسرائيل وسعت لتحقيقه عبر سنوات بل عقود طويلة من تمزيق وتفتيت الأمة العربية قد توصلت اليه, بل الى ما هو أفضل منه من خلال تدمير طاقات وقدرات الدول العربية الأقوى والأكبر والأقدر على المواجهة, فكانت البداية للعراق بغزوه وتدمير قواته بذريعة الديمقراطية تارة والأسلحة الكيماوية تارة أخرى, ثم سوريا والتكالب عليها من كل حدب وصوب وتحت ذات المسميات (الديمقراطية) والأسلحة الكيماوية أيضاً, ولا ننسى (مصر) قلب الأمة العربية والانقسام السياسي الحاصل فيها وضعضعة مكانتها الإقليمية والعربية, واستبدال دورها القائد بدولة عربية أخرى ليس لها من تاريخ ولا حاضر سوى الرقص على أزمات الشعوب العربية وجراحها, فنراها تغدق الأموال هنا وهناك بمشاريع تبدو خيرية لتُطهر بها أفعالها كعرابة للسياسة الأمريكية والإسرائيلية في المنطقة, وليس أدل وصف على حال تلك الدولة سوى قول رئيس وزرائها " شيخ حمد"  إبان حرب غزة الأخيرة بأن "العرب نعاج", وبغض النظر عن ذلك القول الهادف بالأساس لبث اليأس والاحباط في قلب الشباب العربي, الا أن حديثه الأخير في واشنطن باسم الأمة العربية وباسم الشعب الفلسطيني عن تنازل العرب عن حدود عام 1967م التي وردت في المبادرة العربية للسلام, يأتي ليعيد القضية الفلسطينية الى الوراء عشرات السنين تحت الوصاية العربية لتتناوب عليها تلك الدول كُلٌ حسب مصالحه وأهوائه, ولسحب زمام المبادرة والقرار المستقل من ممثلي الشعب الفلسطيني, فمسألة الأراضي والحدود يحددها الشعب الفلسطيني وممثليه فقط وليس مطلوباً من الدولة الشقيقة اليوم أن تعد العدة وتُجهز الجيوش والفرسان لتخليص فلسطين والفلسطينيين من الظلم الواقع عليهم, بل المطلوب جزءاً يسيراً من الدعم والاسناد والمؤازرة فقط لا غير, وليس حشر الفلسطينيين بالزاوية في الساحات الدولية. وبناء على ما تقدم يتسائل الفلسطينيين تحت أي ذريعة أو ما هو المقابل الذي جناه العرب ورئيس وزراء قطر من تعديل المبادرة العربية والخاص بالتنازل عن حدود 1967م لصالح بقاء الاستيطان والمستوطنات الصهيونية فوق الأرض العربية؟ ولماذا هذا السخاء العربي في ظل ممارسة أوسع وأكبر حملة استيطانية تشنها اسرائيل على أراضي الضفة الغربية بما فيها القدس الشريف, أكان هناك مثلاً ضمانات أو تأكيدات أمريكية أو أوروبية غربية على تعديل وشيك بتغيير المطلب الإسرائيلي الذي يتبناه حزب الليكود وزعيمه بنيامين نتنياهو رئيس وزراء اسرائيل الحالي والقاضي بضرورة اعتراف الفلسطينيين والعرب بإسرائيل كدولة يهودية. لقد باتت واضحاً أكثر من أي وقت مضى أن العوامل الجيوسياسية التي تمر بها المنطقة وخاصة الدول العربية الفاعلة والكبرى(مصر- سوريا - العراق), وانحسار دور المقاومة الفلسطينية والعربية قد أهل اسرائيل لتصول وتجول دون حسيب أو رقيب, وهنا تأتي مبادرة زمن الانحدار العربي لتقدم مجاناً أراضي فلسطين للصهاينة على طبق من ذهب, وتأتي فيما بعد اسرائيل والولايات المتحدة لتطالب بمزيد من المواقف العربية الشجاعة, فلماذا يتم وضع الجانب الفلسطيني في الزاوية عبر هذا الكرم العربي الأصيل؟ وماذا تبقى أمام الفلسطينيين للتفاوض بشأنه؟ ولماذا لا يترك للفلسطينيين أن يقرروا مصيرهم ومصير أراضيهم لوحدهم؟ ألم ينتهي زمن الوصاية العربية على الفلسطينيين, أم أنه لم ينضج الشعب الفلسطيني بعد ليتخذ قراره بنفسه حتى لو ضمن مناورات المفاوضات ويقرر الإجابة على مسألة  تبادل الأراضي ومواصفاتها( بنفس القيمة والمساحة), أو حتى ليتخذها كورقة مساومة في المفاوضات التي يبدو أن عجلتها ستدور قريباً حول قضايا تحدد مصير الفلسطينيين ومستقبلهم السياسي, مثل حق العودة للاجئين الفلسطينيين المشردين في أصقاع الأرض, أو في موضوعة الحدود والمعابر والسيطرة عليها, أو في وضع مدينة القدس والسيادة عليها.