خبر : خريطة التحالفات ...د. علي الطراح

السبت 04 مايو 2013 09:15 ص / بتوقيت القدس +2GMT
خريطة التحالفات ...د. علي الطراح



هل نحن أمام تحالف إخواني مع إيران؟ مصر دولة محورية وتم تقليص نفوذها إبّان حكم «مبارك»، وذلك لأسباب مختلفة، ثم جاءت ثورة الشباب المصري لتنتهي بحكم «الإخوان المسلمين». فالجماعة التي قبعت لعقود طويلة في السجون وجدت نفسها فجأة على رأس السلطة في أكبر دولة عربية، لكنها اليوم تواجه إخفاقات كبيرة على مستوى الداخل المصري، وإن كانت تسعى لتكريس نفوذها وتقوية شبكاتها، من خلال السيطرة على المؤسسات الرسمية، وعبر تشريعات جديدة تتيح لها فرصة الاستمرار في السلطة. أما على المستوى الإقليمي فهي تشعر بعزلة عربية، خصوصاً مع دول الخليج العربية، ما دفعها نحو إقامة تحالفات تخفف عزلتها، وكانت المبادرة المصرية لحل الأزمة السورية وسيلة في هذا الاتجاه. إيران طرف في الصراع السوري وتحالفها مع سوريا يحقق مصالحها الاستراتيجية، أما دول الخليجي العربية فتسعى لفك كماشة التحالف الإيراني الذي يهدد المصالح الأمنية لدول المنطقة، إذ أضحت إيران لاعباً أسياسياً في القضايا العربية من خلال حلفائها في المنطقة. المبادرة المصرية تستند على دول محورية في الصراع السوري؛ فالسعودية وتركيا وإيران تعتبر محاور أساسية لفهم طبيعة الصراع السوري، وإن كان لكل منها خصوصيته. لكن إيران لن تتنازل عن دورها المحوري في المشهد السوري إلا من خلال ضمانات تحقق لها مصالحها الاستراتيجية، وهي ضمانات لا تملكها مصر بقدر ما تملكها الولايات المتحدة الأميركية. وأمام المبادرة المصرية، يطرح التساؤل: هل نحن بصدد توجهات استراتيجية جديدة للولايات المتحدة، تسعى بموجبها، ومن خلال حلفائها الجدد «الإخوان المسلمون»)إلى وضع تصورات مستقبلية لخريطة المنطقة العربية؟ المنطقة العربية مشتعلة بصراعات طائفية، لكنها بالأساس ليست صراعات طائفية بحتة، فهي صراعات تحقق مصالح إيرانية بالدرجة الأولى، لأن الأطراف السنية والشيعية تدخل بتحالفات مختلفة تحقق مصالح مشتركة. فالتحالف الإيراني مع «حماس» هو مظهر من مظاهر التحالفات الاستراتيجية. لذلك فالورقة الطائفية ورقة مفتعلة تستخدم لتحقيق أغراض سياسية في المنطقة العربية، وتحديداً في الإقليم الخليجي، ما يعني ضرورة وجود مبادرة خليجية تأخذ المتغيرات المستجدة في الحسبان. الوضع الخليجي كثيراً ما يتضرر من سياساته المبهمة أحياناً، ما يضعف التحالف الخليجي أمام تحالفات تحاول فرض تغييرات قد تقلب موازين المنطقة بأكملها. وقد شكّل المحور الخليجي أحد أهم الركائز في حرب أفغانستان أبّان الاحتلال السوفييتي سابقاً، وهو اليوم يدفع ثمن تحالفاته السابقة مع الراديكالية الدينية التي أوجدت «طالبان» و«القاعدة». ويسعى الغرب بدوره إلى تقليص نفوذ الراديكالية الدينية عبر تحالفات جديدة، أحد أهم معالمها التحالف الإخواني الأميركي، ما يتطلب من دول مجلس التعاون وضع استراتيجية جديدة عبر خريطة تحالفات استراتيجية تضمن استقرار المنطقة ولا تضعف الركائز التقلدية لدول الخليج العربية. فالنظم الخليجية الحاكمة جاءت بتعاقد اجتماعي وتحظى برضا واسع بين شعوبها، وعليها تطوير هذه المعادلة عبر تشريعات تطور من آلية الحكم. سبق وأن كتبنا أن دول الخليج العربي تملك كثيراً من الأوراق لحل الأزمة السورية، خصوصاً إذا ما أخذنا في الاعتبار المصالح الروسية، باعتبارها مصالح مقبولة ضمن معادلة تحقق مصالح الإقليم الخليجي أيضاً.