خبر : في موضوع تبادل الأراضي!!! ...بقلم: يحيى رباح

الجمعة 03 مايو 2013 06:20 م / بتوقيت القدس +2GMT
في موضوع تبادل الأراضي!!! ...بقلم: يحيى رباح



شكراً للشيخ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر و وزير خارجيتها الذي استطاع على رأس اللجنة الوزارية العربية في محادثاتها في واشنطن، إعادة تسويق بضاعة قديمة لم يقبل بها أحد منذ طرحت في قمت بيروت عام 2002، و على امتداد أحد عشر عاماً!!! و أن يثبت أن هناك فعلاً شيء اسمه مشروع سلام عربي و ليس هذا الضجيج الفارغ الذي نصرخ به في وجوه بعضنا كلما "دق الكوز في الجرة" على حد المثل الشعبي الفلسطيني!!!و لكن ما أن نجح الرجل على رأس اللجنة الوزارية في دفع جون كيري ليشيد بالمبادرة من خلال الحديث عن تبادل أراضي طفيف، حتى هبَ النائمون من مراقدهم و بدأوا يصرخون كالمجانين.دعوني أشرج للقراء الأعزاء- و حسب متابعتي المتواضعة- حقائق الأمور بعيداً عن هذا الصراخ الذي يوافق أصحابه في العادة على ما هو أقل منه بعشرات المرات.تتذكرون أن مبادرة السلام العربية، ولدت فكرتها أصلاً من حوار معمق أجراه الصحفي الأميركي الشهير "توماس فريدمان" من صحيفة نيويورك تايمز مع صاحب الجلالة، خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز عندما كان مايزال ولياً للعهد، و كان جوهر الحوار كيف يمكن للعرب تحفيز الإدارة الأميركية لبذل جهد أقل انحيازاً لإسرائيل في موضوع صراع الشرق الأوسط، أي موضوع القضية الفلسطينية، و كان الجواب هو هذه المبادرة التي أطلقها صاحب السمو ولي العهد، الذي هو الآن جلالة الملك، و تبنتها القمة العربية في بيروت، بأن العرب بكل دولهم، و فيما بعد كل الدول الإسلامية، على استعداد أن تقيم سلاماً شاملاً مع إسرائيل إذا ما انسحبت إسرائيل من الأراضي العربية المحتلة في العام 1967 و تم إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة و عاصمتها القدس الشرقية.و طوال تلك السنوات، ظلت إسرائيل ترفض التعامل مع المبادرة، بل و قامت بسلوك استفزازي، و لكن المبادرة صمدت بحكمة الحكماء و شجاعة الشجعان، و ظلت الدوائر السياسية في العالم ترى أن هناك مشروع سلام عربي و إسلامي مستند إلى المشروع الوطني الفلسطيني الذي هو في الأصل مستند إلى قرارات الشرعية الدولية.و منذ طرحت المبادرة، و جدت لها معارضون بشكل مباشر و غير مباشر، فتشكل ما يسمى بمحور الممانعة و المقاومة، و قد تلاشى الآن، و أعضاءه اليوم يبحثون عما هو أقل مليون مرة من مبادرة السلام العربية، و على سبيل المثال و ليس الحصر، فإن أعظم أمنية لدى حماس الآن أن تظل اتفاقية التهدئة التي أبرمتها مع إسرائيل بوساطة مصرية قائمة ليس إلا، أما بقية أطراف المحور مثل سوريا و إيران و حزب الله فهم متورطون اليوم في قطاعات ساعدهم الله على الخروج منها!!!و الشيء الآخر:أن فكرة تبادل الأراضي طرحت في محادثات كامب ديفيد الثانية التي أجراها الفلسطينيون و الإسرائيليون قبل العام 2000، و كانت إسرائيل هي التي ترفض، لأن إسرائيل في حقيقية الأمر لا تريد تبادل أراضي و لكنها تريد تبادل سكان من خلال طرح مقلة الدولة اليهودي، و ملخص هذه المقولة!!!و الكل يعرف ذلك، و لكنهم يسمعون الكلام و يحرفونه عن موضعه!!!بل إن بعض الذين بدأوا يصرخون هم في حقيقة الأمر متورطون في مشاريع تبادل أراضي على المستوى الإقليمي، و أن على ثقة بأن رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية و كل أعضاء اللجنة الوزارية يعرفون تفاصيل كثيرة مملة عن تلك المشاريع المتورط فيها الصارخون و المعارضون!!!و قد كشف لنا قبل أيام هذا الشيخ المزيف الأرعن حازم صلاح أبو إسماعيل من أقطاب الإسلام السياسي عن فضيحة أعمق حين طالب بضم قطاع غزة بسكانه المزحومين فيه إلى مصر، و ينتهي الأمر، بينما الأكثر اعتدالاً من الشيخ صلاح أبو إسماعيل يعرضون ذهاب غزة إلى سيناء عبر التوسع بضع كيلومترات ليكون ذلك بديلاً عن فلسطين!!!هناك فرصة سانحة الآن، و قد لا تكون مؤكدة، و أصحابها الأميركيون أنفسهم يقولون أن الوقت يضيق أمامها، و الفرصة هي الرئيس باراك أوباما يعلن عن رغبة في بذل جهد جديد و أخير للعثور على حل، الفلسطينيون جاهزون و لديهم دعم المجتمع الدولي و قرار اللجنة العامة الأخير، و لكن هذا القرار يحتاج إلى تفعيل، أي جعله يتجسد في الواقع السياسي على الأرض، و هذا يأتي عبر مبادرة السلام العربية التي مازالت حية، و قابلة للتفاعل، و قد ذهبت اللجنة الوزارية العربية إلى واشنطن لتكون جزءاً من قوة الدفع، و لتجعل المبادرة جزءاً إيمانياً من التصور الجديد، لأن الحقوق و المقترحات الجيدة إنما تحيا بالتفاعل و ليس تخزينها في مخازن الذاكرة الخلفية على طريقة الأندلس، و الإسكندرون، و عربستان....و غيرها، و الحقوق و المبادرات تحيا بالتفاعل و التعاطي و الأخذ و الرد و ليس عن طريق الحفظ و التعليب و التخزين ثم الصراخ بعد ذلك ببعض الشعارات القديمة المكررة!!!ثم إن هناك وقتاً للرفض، و البكاء، و الصراخ، عندما تنتقل من تبادل الأراضي إلى عملية التبادل نفسها، أين هي هذه الأرض على وجه التحديد، ما هي المزايا و ما هي النواقص، أما قبل ذلك، فكل ما نسمعه ليس سوى الهروب من المسئولية، و ليس سوى هراء.