خبر : سورية: "الهول الآن"؟! ...حسن البطل

الخميس 02 مايو 2013 09:58 ص / بتوقيت القدس +2GMT
سورية: "الهول الآن"؟! ...حسن البطل



أم نوال في مخيم اليرموك تقول لنوال في كندا: اللّي صار في النكبة يمكن أهون من اللّي بصير فينا. نوال شجبتني على مقالتي "السلطة ومخيمات سورية". كنّا زملاء.. ونبقى أصدقاء. لها أم في سورية، وليس لي أم! نوال أخبرتني، عَبر "الفيسبوك"، ما قالته أمها في مخيم اليرموك، رداً على قولي المتطرّف لها: ما يجري ليس نكبة ولا نكسة.. فاجعة! ليش فاجعة؟ ذقت ويلات الحرب الأهلية في لبنان، والحرب الأهلية في سورية أشدّ ويلاً وهولاً. سورية لم تخسر، من جيشها وشعبها واقتصادها، في اشتباكاتها وحروبها مع إسرائيل، شيئاً يقارن بخسائرها في حربها الأهلية. لمقاربة فداحة الفارق إليكم هذا المثال: في الحرب النظامية بين الجيوش يقفز الجنود الشجعان من حفرة أحدثها انفجار دانة مدفع إلى حفرة أخرى متقدمة. لماذا؟ لأنه في الحسابات نادراً ما تسقط دانتان وتنفجران في النقطة ذاتها. لكن، في الحروب الأهلية يفرّ المدنيون للوراء من انفجار إلى انفجار سابق. وهكذا، حال المدنيين السوريين، وبشكل خاص المدنيين الفلسطينيين اللاجئين في سورية، الذين يفرّون من مخيم إلى مدينة.. إلى مخيم.. إلى خارج سورية! "الأونروا" ليست معنيّة بمجريات أحداث الحرب كما ترويها الأطراف المتصارعة، بل بعقابيلها على المدنيين من سكان المخيمات. مثلاً، هناك مئات آلاف النازحين السوريين خارج بلادهم المشتعلة، وأيضاً أضعاف أضعافهم من النازحين داخل سورية (مثلاً: مدينة طرطوس الهادئة نسبياً استقبلت نازحين من مختلف الطوائف يفوقون مرات عدد سكانها الأصليين).. صحيح أنها ذات غالبية علوية، لكن سكانها سوريون أولاً. حسب "الأونروا" فإن حوالي 235 ألف فلسطيني في سورية شرّدتهم الحرب الأهلية داخل سورية (وعشرات الآلاف تشرّدوا إلى مخيمات لبنان) ماذا يعني هذا؟ أكثر من نصف الفلسطينيين السوريين تشرّدوا، ولا أظن أن نصف السوريين تشرّدوا داخل أو خارج بلادهم! في بداية الحرب الأهلية السورية، كانت تبدو المخيمات ملاجئ آمنة للفلسطينيين والسوريين. من المدن المشتعلة، واستقبل "مخيم اليرموك" مثلاً، أضعاف عديد سكانه.. الآن، يقيم فيه لا أكثر من ربع سكانه الأصليين! ماذا حلّ باللائذين من مخيم درعا المدمّر في بداية الثورة؟ نزحوا إلى مخيم آخر، أو مدينة أخرى. ماذا حلّ باللاجئين في مخيم النيرب (قرب مطار النيرب الدولي القريب من حلب؟) نزحوا إلى حلب عندما كانت تبدو آمنة نسبياً، ثم إلى عودة النيرب عندما احتدمت فيها المعارك، توزع الحكومة عليهم 8 أرغفة خبز كل يومين! الآن، في آخر نيسان، نزح 8 آلاف لاجئ فلسطيني من مخيم جندرات، بعد أن سقط بأيدي تحالف "جبهة النصرة".. و"الجيش الحر".. إلى أين؟ إلى بعض أحياء حلب الهادئة نسبياً، وإلى مخيم النيرب المحاصر، بعد أن صمد أجندات 28 يوماً. قبل سقوطه، شكلت اللجان الشعبية المشتعلة في أجندات كتيبة متطوعين للدفاع من 55 عنصراً، زودهم الجيش السوري بـ 5 بواريد ولكل بارودة 150 طلقة، ومعها 4 قنابل يدوية، بينما هاجم المخيم 2000 عنصر. قبل سقوطه، توسّل الشباب المدافعون للحصول على ذخيرة بلا جدوى، وعندما سقط الشهيدان محمد خضر قدسية وياسين فضل ياسين، كان في مخزن بنادقهما طلقات قليلة لا تتعدّى العشر. ألا يذكّركم هذا بخذلان اللجنة العسكرية العربية للقائد عبد القادر الحسيني، ورسالته الشهيرة للجامعة العربية قبل استشهاده في معركة القسطل؟ صحيح أن الحامية السورية انسحبت من أطراف المخيم فجأة، وأن بعض أنصار "النصرة" في المخيم أبلغوها عن تسليح الشبان المدافعين.. لكن ماذا تفعل 5 بواريد و150 طلقة و4 قنابل يدوية. نعرف أن الفلسطينيين في سورية متغلغلون عميقاً في النسيج السوري، أكثر من أي بلد لجوء آخر، ومع ذلك من يتحمّل اللائمة؟ أولاً: النظام الذي لعب لعبة التشتيت والاستمالة الفصائلية الفلسطينية. ثانياً: المعارضة المسلحة التي تستقوي بمتطوعين مسلمين عرب وأجانب، لكنها لا ترحم ميل بعض الفلسطينيين للدفاع عن النفس والحياد الإيجابي، وثالثاً: الحمأة المذهبية والطائفية في الثورة السورية، وهذه يحاول أنصارها، في لبنان، جرّ شباب المخيمات المسلحين والمدربين للصدام في سورية مع قوات التدخل الإيراني و"حزب الله" ما سيوسع نطاق الكارثة إلى مخيمات لبنان.. التي هي جرح فاغر أصلاً! أسوأ التعقيبات على مقالة "السلطة ومخيمات سورية" جاءت من فلسطينية نمساوية نشأت في مخيم اليرموك، تقول إن السلطة جبانة عن اللجوء لاستصدار قرار من مجلس الأمن الدولي بحماية الفلسطينيين في سورية. علماً أن أميركا لا تستطيع شيئاً في مجلس الأمن إزاء "الفيتو" الروسي والصيني. حسن البطل