خبر : لماذا «أخونة» القضاء؟ ..د. علي الطراح

الثلاثاء 30 أبريل 2013 10:37 م / بتوقيت القدس +2GMT
لماذا «أخونة» القضاء؟ ..د. علي الطراح



منذ تولي "الإخوان" السلطة ومصر تعيش أزمات مستمرة، ولا يبدو إلى يومنا هذا أن حركة "الإخوان المسلمين" تدرك خطورة تفاقم المشهد المصري. فهم اليوم يدفعون بفلولهم لمعركة تطهير القضاء كما قالوا، وهي معركة تهدف إلى احتواء القضاء ووضعه في جيب الحركة "الإخوانية" التي منذ توليها للسلطة وهي تعمل على تعزيز مواقعها في مؤسسات الدولة المصرية. هل اليوم الخلاف مع حركة "الإخوان المسلمين" يقع ضمن المحظور الذي دائماً كانت الحركة تحاول أن تستغله عندما تختلف معها القوى السياسية، فقد كانت دائماً تتهم من يختلف معها بمسميات تحمل التحريض في طياتها، فالقول بعلمانية القوى السياسية أو معاداتها للدين لم يعد يؤتي ثماره، وعلى الحركة أن تفهم أن طبيعة العمل السياسي تتطلب النقد والاختلاف، وأنها كحركة سياسية عليها أن تقدم رؤاها نحو حل قضايا مصر المزمنة وليس التفرغ لما يعرف بأخونة أجهزة الدولة كما يحدث اليوم في المشهد المصري. وقد عرف القضاء المصري عبر التاريخ بشموخه وصلابته وأنه ليس بقضاء من السهل اختراقه، فقد صارع مختلف أنظمة الحكم، واستطاع أن يؤسس مدرسة فكرية مصرية تعبر الحدود الإقليمية لمصر وتؤثر في القضاء العربي. فالقضاء المصري وإن حاولت السلطة ليَّ ذراعه يبقى الحصن الحصين لحماية مصر بمكوناتها الاجتماعية والسياسية، ومن صالح "الإخوان" أن يحرصوا على صلابة القضاء وحياديته، وان يعملوا على نشر ثقافة احترام السلطة القضائية وليس الانقضاض عليها. وبكل تأكيد، هناك بعض المثالب التي نعتقد أنها مضره بالقضاء وهي على سبيل المثال الخروج في الفضائيات، والدخول في حوارات مختلفة، تترك الأثر على سلطة القضاء أو بمعنى آخر قد تعرض القضاء للتسيس، وهذا ما نعتقد أن له تداعياته، وعلى القضاء نفسه أن يحرص على عدم الدخول في صراع الفضائيات. إن حركة "الإخوان" ما زالت تمارس السلطة من خلال "قدسية" الحركة وهذا ما يتناقض مع طبيعة العمل السياسي، فطالما أنها وصلت السلطة فعليها أن تعمل ضمن معادلة السلطة والشعب. والحركة تتعرض لنقد منقطع النظير، ولعل هذا النقد يوسع من إدراكها ويدفعها نحو تطوير كثير من المفاهيم المرتبطة بعلاقة الدولة بالمواطنة. فالدولة والوطن والمواطن مفاهيم اجتماعية وسياسية تتطلب مرونة في صياغة العلاقة بينها وخصوصاً إذا ما أخذنا مفهوم الديمقراطية كوسيلة للحكم. والاختلاف مع الحركة "الإخوانية" في مصر لم يعد مقصوراً على الحركات الليبرالية وإنما هناك حركات إسلامية سلفية وغيرها تختلف مع نهج "الإخوان"، وإذن فالخلاف خرج عما تعودنا عليه، حيث تتسع دوائره ومحاوره وقد يقود مصر نحو مزيد من التراجع الذي بكل تأكيد يضخم أزمة المواطن البسيط الذي يتطلع لقوته اليومي. والحركات الإسلامية السياسية لم تعد حركات دعوية، فهي حركات سياسية واجتماعية تطمح للسلطة، ولكن ليس من حقها أن تظهر للعامة أنها حركات دعوية لا غير بينما هي حركات تأخذ الدين كوسيلة للوصول إلى السلطة. وهذا هو الخلاف الكبير الذي على الحركات السياسية ذات الصبغة الدينية أن تعيه، فهي اليوم وبالتحديد حركة "الإخوان المسلمين"، تسعى للقفز على السلطة. إن القضاء المصري يتصدى بقوة لمحاولة "أخونة" الدولة، وهو ضليع بمهام وطنية تحمي كل المصريين، وأما "الإخوان" فهم اليوم في مواجهة مع القضاء لأجل السلطة وليس التطهير كما يدعون.