خبر : مصير القضاء المصري ...د. ابراهيم البحراوي

الخميس 25 أبريل 2013 11:44 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مصير القضاء المصري ...د. ابراهيم البحراوي



في أحلك الأزمان كان المصريون يعلقون آمالهم في الانتصار للحق، على شموخ القضاء المصري، وكان «الإخوان» من أكثر الأطراف استفادة من عدالة هذا القضاء ونزاهته. فقد كان الإشراف القضائي على الانتخابات مثلاً في عام 2005 هو الذي حماها من التزوير، وبالتالي مكّن «الإخوان» من الحصول على 88 مقعداً في مجلس الشعب، وكان القضاء يتصدى لأوامر اعتقال «الإخوان» من جانب النظام السابق ويطلق سراحهم، وأيضاً كان القضاء بعد الثورة السبب الرئيسي في ضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس مرسي. فما الذي تغير إذن لتهب عاصفة عاتية على القضاء من ناحية «الإخوان»، بدأت بتصريح للمرشد السابق مهدي عاكف منذ أكثر من شهر بأن القضاء سيتعرض للتطهير، وأنه ستتم إطاحة 3500 قاض من مجموع 13 ألفاً ؟ لقد بلغت العاصفة أوج قوتها يوم الجمعة الماضي، عندما خرج عشرات الآلاف من «الإخوان» ليتظاهروا عند دار القضاء العالي مطالبين بتطهير القضاء، وهو ما أدى إلى اشتباكات دامية بينهم وبين المؤيدين لاستقلال القضاء وحصانته. هناك تفسيرات عديدة يطرحها المتحدثون باسم القضاء للعاصفة الإخوانية، أحدها يقول إن «الإخوان» ناقمون على القضاء لأنه أوقف مخططهم لإجراء الانتخابات النيابية بحكم قضائي قضى بعدم صحة قانون الانتخابات الذي أعده «الإخوان». وهناك من يقول إن «الإخوان» ساخطون على القضاء لصدور حكم قضائي بضرورة إقالة النائب العام الذي عيّنه مرسي. وأخيراً هناك من يقول إنه مع نظر قضية هروب المساجين من سجن وادي النطرون أثناء الأيام الأولى لثورة يناير 2011 بشأن مخاوف لدى «الإخوان» من قيام القاضي باستدعاء مرسي باعتباره أحد السجناء الذين فروا من هذا السجن. هذه التفسيرات يتوجها تفسير آخر مستمد من مشروع قانون السلطة القضائية الجديد الذي تقدم به حزب «الوسط» المتحالف مع «الإخوان»، إلى مجلس الشورى لإقراره، فهناك مادة في المشروع تنص على تخفيض سن الإحالة إلى المعاش أو التقاعد إلى الستين بدلاً من السبعين، وهو ما يرى فيه القضاة مذبحة تؤدي إلى تفريغ القضاء من أصحاب الخبرة فيه، وتخلق نقصاً شديداً في عدد القضاة. وهناك من يقول إن ثمة مادة أخرى في المشروع تسمح بسد النقص في عدد القضاة الذي سينشأ بواسطة تعيين المحامين في وظائف القضاة الشاغرة. كذلك يؤكد المعلقون أن لديهم معلومات تفيد بأن المحامين الذين سيصبحون قضاة هم من «الإخوان» أو حلفائهم. هنا تدخل العاصفة في مجال توسيع أوسع، وهو ما يسمى بأخونة القضاء بحيث يصبح طيعاً يحكم بما يريده أصحاب السلطة التنفيذية. لقد ثارت جميع القوى السياسية المدنية في مصر ضد تصفية القضاء، ولوحظ أن مجلس القضاء الأعلى قابل الرئيس لممارسة وساطة لتعديل مشروع القانون المقترح وإنهاء حالة التوتر. ويبدو الآن مع كتابة هذه السطور أن الضغوط المضادة أدت إلى اعتدال موقف «الإخوان»، ومع ذلك فإن بعض قادتهم يقولون إن تطهير القضاء سيتم عاجلاً أم آجلاً. إذن ما زال التساؤل عن مصير القضاء المصري مفتوحاً والمعركة لم تنته بعد، خصوصاً مع اعتزام نادي القضاة تصعيد مقاومته ضد محاولات تطويعه.