خبر : جوالة الحناجر يوحدون الفلسطيني في "كورال السنونو"

الخميس 25 أبريل 2013 11:17 ص / بتوقيت القدس +2GMT
جوالة الحناجر يوحدون الفلسطيني في



غزة / اشرف الهور / بصوت وبنغم واحد وبلغة الموسيقى صدح 800 من أطفال اللاجئين الفلسطينيين، يمثلون 23 جوقة غنائية، من غزة والضفة والأردن ولبنان ومن مخيمات سورية الحزينة، فغنوا للوطن المسلوب “نسم علينا الهوا”، فنثروا عطر الأرض الطيبة “فلسطين” على القدس ويافا وحيفا واللد والناصرة. هم أطفال “كورال السنونو” التي شردت أجدادهم ظروف الهجرة القسرية في مخيمات اللجوء، ليجدوا أنفسهم غرباء في مخيمات بعضها في جزء من فلسطين، وأخرى في بلدان الجوار العربي في الأردن ولبنان وسورية، عادت وجمعتهم لغة الموسيقى، فغنوا بلغتها لحلم العودة لكل فلسطين. منذ سنتين كان بداية حلم الغناء في جوقات الكورال، التي تنقلت بين المخيمات، تبحث عن أصوات صغيرة، ورثت حلم العودة، حتى الوصول لليوم الكبير الذي تجمعوا فيه في مناطق اللجوء الخمس ليغنوا لهواء فلسطين وبرها وبحرها وقسمات وجهها التي تشبه تلك المرأة الفلسطينية العجوز، فأكدوا مستلهمين من محمود درويش أن لنا الحاضر والمستقبل والتاريخ وصوت الحياة الأول، وقالوا للآخرين أخرجوا من أرضنا من برنا وبحرنا، ومن مفردات الذاكرة. لم يكن فقط الأطفال المفاجأة فتنظيم الحفل الغنائي من كل مناطق اللجوء كان مفاجئا أيضا للجميع، فالأطفال الـ 800 وقفوا على خمسة مسارح يرتدون لباسا موحدا يتوسطه طائر السنونو المهاجر، عنوان اللاجئ الفلسطيني المشرد، ويعتمرون الكوفية، ليغنوا بلحن فلسطين للأمجاد العربية. يوم الثلاثاء الماضي كان اليوم الكبير لـ”كورال السنونو”، حين غنى للمرة الأولى أطفال اللاجئين في مخيمات اللجوء والشتات وبنغم فلسطيني تراثي لحلم العودة، رددوا أغاني كلاسيكية عربية وتراثية فلسطينية، بإشراف من مؤسسة إيلينا روستروبوفيش وهي ابنة عازف التشيللو الشهير وقائد الأوركسترا مستيسلاف روستروبوفيش، ووالدتها مغنية الأوبرا العالمية غالينا فيشنفسكايا، بالتعاون مع معهد إدوارد سعيد للموسيقى، ومنظمة إغاثة وتشغيل اللاجئين “الأونروا”. بداية الحفل الموزع على المناطق الخمس كان لأطفال لاجئي سورية الحزينة، فبعثوا الأمل في الحضور رغم الألم، فدوى صوتهم عاليا وأكدوا أن صعوبة الأوضاع لن تزيدهم إلا إيمانا بحلم العودة، فغنوا “ستي عندها ثوب وشال”، مستلهمين من الأغنية الفلكلورية ذلك الثوب التراثي الذي يتحدث أيضا عن فلسطين. الجمهور هنا في غزة لم يترك سورية بمفردها تغني، فردد خلال الربط المباشر للبث الفضائي “عالثوب مطرز غزال جنبه ورود وسنابل من حواليها سبع جبال يا ستي ثوبك ما احلاه تسلام إيد اللي سواه قالت طرزتو بإيدي بعمارتنا البعيده طرزتو غرزة غرزة”. ومن دمشق انتقل الغناء لأطفال لاجئي الأردن، هناك لم يتوانوا في إلهاب مشاعر الحضور، فغنوا “بلاد العرب أوطاني”، وعيونهم ترنوا لحال الأمجاد التي مزقتها الفرقة حتى دخلت مرحلة الخطر، فغنوا على أمل الحلم القديم “فلا دين يفرقنا لسان الضاد يجمعنا بغسان وعدنان”، قبل أن يمروا على أطفال لاجئي الضفة الذين تجمعوا في مدينة المسيح بيت لحم، ليصدحوا أيضا لعودة، بأغنية “عصفور طل من الشباك”، وهم يرنون للحرية التي لا تحدها إلا السماء. وبتعبير حزين غنى الأطفال للعصفور الذي يسكن قلوب كل المشردين “قلتله خايف من مين قالى من القفص هربان، قلتله ريشاتك وين قالى فرفتها الزمان”، في الأغنية كان الجسد حاضر، لكن روحهم كانت تمر على ربوع فلسطين تصلي في القدس وترنم الانجيل في بيت لحم، وتكسر حصار غزة، قبل أن يصل السنونو لغزة ليغني أطفالها الذين صدحوا بصوت جهوري وبلحن فلسطين “شتي يا دني”، وعيونهم ترنوا لربوع فلسطين في مرج عامر والرملة ونابلس والناقورة، ليكملوا بعدها ويغنوا من الفلكلور الفلسطيني “وين ع رام الله” ور”راج ع بلادي ع الأرض الخضرا أنا وولادي”. وفي غزة قال أحد الأطفال “سنبقى نغني حتى يعود السنونو إلى موطنه”، فلم يكن اختيار اسم السنونو عبثا، فالقائمون اتخذوه رمزا للاجئين المهرجين قسرا. لم ينته الحفل الكبير قبل أن يتحقق الحلم بأن يجتمع الأطفال الـ 800 في جوقة واحدة وبإدارة أكثر من مايسترو أغاني منتقاة أهدوها لفلسطين فبدؤوا  بـ “نسم علينا الهوا”، قبل أن يصعدوا بأجنحتهم إلى السماء لينقشوا اسم فلسطين على الشمس ويغنوا لها “بكتب اسمك يا بلادي”. الجمهور الحاضر في كل مكان لم يكن راضيا عن إعلان نهاية الفقرات خاصة هنا في غزة، بعد أن استرجعوا كل ذكريات فلسطين الجميلة، كانوا يأملون أن يظل السنونو يغني ويغني، فلم ينقطع تصفيقهم وغناؤهم مع الكورال حتى أزفت ساعة الفراق وغادر الجميع قاعة الاحتفال. كانت هناك كلمة في بداية الحفل للسيدة إيلينا روستروبوفيش، قالت لأطفال اللاجئين المشاركين “كنتم خير سفراء لبلدكم فلسطين”، وتابعت “غناؤكم انتقل من القلب للقلب”.