خبر : مصر وأزمة تتفاقم ...أمجد عرار

الثلاثاء 23 أبريل 2013 02:22 م / بتوقيت القدس +2GMT
مصر وأزمة تتفاقم ...أمجد عرار



ما جرى في القاهرة والاسكندرية من أحداث عنف يعيد المشهد المصري إلى بدايات انتفاضة الخامس والعشرين من يناير، وبخاصة الهجوم الذي عرف بموقعة الجمل . النظام “السابق” الذي غاب كرموز، لم يرق له المشهد الشعبي الحاشد ضده، ففعل كل ما بوسعه لتذويب الانتفاضة، وحيث اختفت الشرطة من البدايات، لجأ لميليشياته التي عادت إلى عصر ما قبل الآلة لاستعارة وسائل النقل والقتال .   النظام الحالي لا يروق له أيضاً أن يرى محتجين ضد سلطة تظن أنها تملك فرماناً إلهياً يخوّلها فعل ما تريد، وحوّلت ما أسمتها “جمعة تطهير القضاء” إلى هجوم بلطجي على المعتصمين الذين يمثّلون امتداداً للبدايات التي ثارت على النظام السابق قبل أن تلتحق بهم “الجماعة” للمشاركة في الكعكة بدءاً، ثم محاولة الاستحواذ عليها، بعدما أدركت أن حوارها مع رئيس استخبارات مبارك اتكاء على حائط آيل للسقوط .   من الواضح لكثيرين أن جماعة الإخوان المسلمين لم تضع يدها على التشخيص الحقيقي لأسباب حصولها على أغلبية طفيفة من النسبة الضئيلة من المصريين الذين شاركوا في الانتخابات، رغم أنها تدرك أن عملية حساب شاملة أمضت بالتأكيد إلى تقدير حجم منتخبي الجماعة على نحو دقيق، ما يفضي لعدم الوقوع في خطيئة الاحتكار والاستحواذ ومحاولة أخونة كل مؤسسات الدولة، من الجيش إلى الإعلام مروراً بجهاز القضاء .   الأزمة في مصر الآن أن الجماعة الحاكمة تبحث عما يخدمها ويبقيها في السلطة، وليس ما يحل الأزمة ويخدم مصر، والغريب أن رئيسها ينظّر ويصدر وصفات جاهزة لحل أزمات بلاد أخرى . وعندما يكون العنصر الحاسم في الوصول إلى السلطة دعم ومباركة جهات خارجية، يبقى شرط الاستمرار بيد هذه الجهات التي لا تفكّر بمصالح مصر بقدر ما تفكّر بمصالحها وما يخدم “إسرائيل” . وفي هذه الحالة لا يكون التفكير في الأزمات والحلول مستقلاً، ما يعني أن تبقى الأولى ولا تأتي الثانية .   واضح أيضاً أن شرائح واسعة من المجتمع المصري، وقد تكون الأغلبية، ترفض التعايش مع سياسة الإخوان المسلمين، وبخاصة على الصعيد الداخلي حيث لم يحل النظام “الجديد” مشكلة واحدة، ولا حتى أوحى بإشارات نحو حلول لأزمة تعصف بالبلد وتحوّله إلى شاشات عرض كبيرة يراقبها أعداء مصر والعرب، وتحديداً “إسرائيل” بابتهاج يؤشر إليه تعاطي وسائل الإعلام “الإسرائيلية” .   لا يستطيع مراقب موضوعي واحد أن يجد علاقة بين مشاكل مصر، والسعي لتغيير بنى الدولة المدنية على أساس “الأخونة” . لا يستطيع أن يجد رابطاً بين الفقر وانحدار النمو، وما يقال عن “تطهير القضاء” ومحاولات تطويع الإعلام، حتى بعد أن أظهرت انتخابات نقابة الصحافيين ضعف تواجد الإخوان فيها .   لا يعني هذا بطبيعة الحال أن الآخرين، بمن فيهم المعارضة، بريئون من وصول الأوضاع في مصر إلى هذه الدرجة من الخطورة، بل إنهم في أدائهم المرتبك أحياناً وغير المنسّق أحياناً أخرى، ساهموا في إبعاد القطار عن السكة، كما أن ائتلافهم يضم قوى ليست ثورية ولا هي من قوى التغيير الخقيقي بقدر انتمائها لعصر النظام السابق، ويضاف إلى ذلك ارتباطات بعض أطرافها بالمعسكر الغربي، ومن دون أن ننسى أيضاً أنها لم تفعل ما يكفي للجم العنف في جزئه المتأتي من عناصرها .