كنت أعتقد أن الحياء صفة إنسانية، ولا يخصها بالبلدان، وأنه حينما يقل في بعض الوجوه، يذهب بالمروءة، وكما قيل إن قلّ الحياء، يمكن للإنسان أن يصنع ما يشاء، اليوم هناك بلدان قل الحياء فيها، وتجاهر بذلك، لكن ماذا تقول: هذا الزمن زمنهم!مرات نسمع شتائم من أفراد لوطن، لمجرد أنه مثل شجرة من خير، ونسمع من آخرين مأجورين افتراءاتهم على نجاحاته، ونسمع من آخرين “صغار العقول، بغال الأبدان” سفاسف لا تخرج من فم نظيف، وحين تريد أن تفهم تلك المتناقضات من هؤلاء المرجفين، فلا تجد غير اللوم على هذا الزمن الذي أصبح زمنهم!لأننا تسيّرنا البساطة، وتلك الروح الهفّافة، وسجية الكرماء، ونبل الواثقين، تغاضينا عن الكثير، وتحملنا من الآخرين الكثير، وكلما أغاضتنا منهم كلمة ترفّعنا عليها، وكلما ساءنا تصرف منهم، تعالينا عليه، داعين نجاحنا في وطننا لجاماً يخرس المتقولين الذين غدا هذا الزمن زمنهم!لو سمعنا لكل الناعبين، من يريد ضلالاً من خلال هداية، ومن يريد باطلاً من خلال حق، ومن يريد هدماً لعمل أسس على تقوى، ومن يريد أن يبيع كفناً لبلد يحب الحياة، لو أنصتنا لغربان البين لخسرنا أنفسنا في زمن أصبح زمنهم!لا يشرب من الغدير، ويهرج ماءه فيه إلا “الحمار”، ومرات يترفع الحمار عن فعله ذاك، غير أن البعض ممن ذاق نعيم هذا البلد، وقُدم له خيره، وكفيناه شرور النفس حين تغضب، فتكظم، إلا أن مثل هؤلاء وهم كثر يحنّون للفعل الجحود، بمجرد أن يسكنوا بلاداً يفهمون ديمقراطيتها بالمقلوب، فيخرجون ما في جوفهم من أفعال الشر في زمن أصبح زمنهم!كثيرون جاءوا هنا، يحملون خرائط وهمية في يد، وحقائب فارغة في يد، وحين لم توصلهم مواهبهم ولا خرائطهم، باعوا أنفسهم، وملأوا حقائبهم، لأن هذا الزمن زمنهم!لا يستوي من عمل في هذه الأرض قديماً بفأسه ليزرع، مع من أتى طارئاً بفأسه ليقلع، لكن ماذا تقول غير أن هذا الزمن زمن الناهبين.. زمنهم!لأن الإمارات بلد فضل ونعمة، وتعطي الآخرين وتعتذر، اعتقد المتسلقون أن أغصانها هشة، وأن خيرها يمكن أن ينال في عشه، صعب المرتقى، وهلك الراقي، رغم أن هذا الزمن زمنهم!ستبقى الإمارات وطناً للخير وللجميع، قلبها أخضر للكل، ويدها بيضاء للكل، ولن يرى الباغون إلا عينها الحمراء، وراياتها السود في زمن لن يكون حينها زمنهم!