خبر : يا لها من دولة/بقلم: بن – درور يميني/معاريف 15/4/2013

الإثنين 15 أبريل 2013 02:56 م / بتوقيت القدس +2GMT
يا لها من دولة/بقلم: بن – درور يميني/معاريف 15/4/2013



 في لحظة ما تكون صافرة الذكرى، وما أن تمر حتى تجدنا في طبول الاستقلال. هذه هي قصتنا. قصة ازدواجية. قد نكون دولة واحدة، ولكن مع روحين. لمعظم الاسرائيليين يوجد موقف غريب من الدولة التي يعيشون فيها. موقف حب وكراهية. نحن أبطال العالم في التذمر. وفي نفس الوقت بالضبط، نحن نوجد أيضا في مكان عال في سلم السعادة: المرتبة الثامنة في العالم. غاضبون وسعداء في آن معا. ينبغي لنا أن نسمي هذا الوضع باسمه. نحن في حالة انفصام في الشخصية. هذا لا يعني أنه يوجد هنا معسكران – متذمرون مقابل سعداء. الروحان موجودتان في كل واحد منا. المفاجأة هي أن هاتين الروحين تتدبران أمرهما معا على نحو غير شيء. هذا وضعنا الوجودي. هذا وذاك ايضا. يهودية وديمقراطية في نفس الوقت. الدولة الاكثر تشهيرا في العالم (في صحبة سيئة مع ايران وكوريا الشمالية) وكذا الدولة التي مساهمتها للبشرية، بالنسبة لعدد أفرادها، هي الاعلى في العالم. احيانا ليس فقط بالنسبة لعدد أفرادها. في نطاق التكنولوجيا العليا، تطهير المياه، منظومات الري، الانواع الزراعية الخاصة – اسرائيل هي دولة رائدة. فريدة من نوعها. الصادرات الاسرائيلية الاغلى، حسب الوزن، كما يجدر بالذكر، هي بذور أحد أنواع البندورة. أغلى من الماس.  في يوم الاستقلال الماضي كتبت في هذه الصفحات بان ليس لاسرائيل اي حاجة لمسيرة عسكرية، من النوع الذي كان متبعا في الماضي. لديها حاجة الى مسيرة تطويرات الادوية والبندورة. نعم، لدينا ما يدعونا الى الفخار. وقبيل يوم الاستقلال الحالي، فحصت مرة اخرى وضع اسرائيل في المجالات الاساسية – المنشورات الاكاديمية، الاستثمارات في البحث، تحلية المياه، تطويرات التكنولوجيا العليا والادوية. لا يوجد ما يمكن تغييره، لا يوجد ما يمكن تجديده. هذه السنة ايضا تواصل اسرائيل تصدر مسيرة الانجازات. هذا بحيث أنه من المجدي أن ندع المشاكل للحظة وهي غير صغيرة وغير بسيطة. مسيرة انجازات اسرائيل ليست مصادفة. وليست لمرة واحدة. كما أن لنا سببا يدعونا الى الاحتفال.  هذا بدأ بشكل سيء يجب أن نتذكر نقطة البداية. لم يكن لدينا شيء. دولة في خراب خرجت بالكاد من حرب رهيبة وفظيعة. 6.373 من اصل 600.000 ، واحد في المائة من السكان قتلوا في تلك الحرب. ثمن لا يحتمل. والتتمة لم تكن أفضل بكثير. لا توجد دولة اخرى تلقت كمية هائلة جدا من اللاجئين الذين وصلوا اليها. لم يأتِ جميعهم كي يجسدوا الحلم الصهيوني. الكثيرون جاءوا لانه لم يكن لديهم خيار آخر. ولكن هذه كانت خلاصة الفكرة الصهيونية. دولة لليهود. ليس لانه كان خير في اماكن اخرى. بل لانه لم يكن خير. هذا لم يبدأ بخير. كانت اخطاء رهيبة وفظيعة. بعضها بنية مبيتة. اعداد كبيرة من السكان القي بهم من الشاحنات نحو بلدات أشباح على الجبهة. كثيرون آخرون ارسلوا الى مخيمات لاجئين. وقد اسميت هذه في الماضي معابر. وبقوا هناك لسنوات. كان يخيل أن اسرائيل تنهار. هذا لم يحصل. خرجنا من هذا.  ما كان يمكن لاي مساعدة خارجية، وكانت كهذه، ان تشرح ما حصل منذئذ، النمو الهائل لاسرائيل. نحن منشغلون جدا بالتذمرات بحيث يصعب علينا فهم حجم الانجاز. هيا نعترف. لو كان اليوم قبل 65 سنة يدعي احد بان ذات يوم ستكون اسرائيل قوة عظمى عالمية في مجالات الزراعة، الادوية، التكنولوجيا العليا، منظومات الري وتطهير المياه – لكان ارسل الى المستشفى. وهذا ليس فقط حصل، بل ان اولئك الذين لم يتجرأوا على الحلم في تلك الايام – يحظون بفرصة أن يروا ما لا يصدق يحصل امام ناظريهم.  إذن نعم، أسعار الشقق عالية. الرواتب في الحضيض. الاحتجاج الاجتماعي ولد من أزمة حقيقية. ليس فقط للضعفاء بل وحتى لاولئك الذين كان يخيل انهم أقوياء.  ولكن من جهة اخرى، فان اسرائيل مباركة باحد أجهزة الصحة الاكثر فخرا في العالم بشكل عام وفي العالم الغربي بشكل خاص. مدى العمر في اسرائيل أعلى بكثير من مكاننا في جدول السعادة. نحن مرة اخرى في العشرية الاولى.  بعض التوازن كيف حصل أنه مع كل الحروب والارهاب والتوتر الوجودي نحن ننجح في أن نعيش اكثر من اولئك الذين يعيشون مثلا، في قلب المشاهد الرائعة للريف في فرنسا، بين كروم العنب والحدائق التي تصدر عنها كل يوم روائح الجنة؟ ضحكنا في الماضي على صناديق المرضى بشكل عام وعلى صندوق المرضى للهستدروت بشكل خاص. يجب طلب المغفرة. كان هذا أحد المشاريع الاكثر نجاحا للدولة.  الطريق الملتوي خلق عددا لا يحصى من التشويهات. تعسف سلطوي، تمييز، توزيع غير عادل للمقدرات بشكل عام وللاراضي بشكل خاص. المقربون حصلوا على اكثر. الاخرون لم يحصلوا على شيء. حتى الان يعاني المجتمع الاسرائيلي من ندوب نشأت في تلك العهود اياها. كليات كاملة في الاكاديمية تعيش اليوم على ذات التشويهات. تلك كانت عهود اولى مع خطايا اولى. وبشكل عام، هاتوا لنا دولة واحدة لم تولد بالمخاض والخطايا الاولى. لا يوجد كائن كهذا. المخاض صعب دوما. وهو دوما مليء بالعذابات والخطايا. ولكن لا توجد اي خطيئة اولى، وهناك كثيرة كهذه، ان تلقي بظلالها على حجم الانجاز. بل العكس. كيف حصل، يجب أن نسأل، ان وصلنا الى ما وصلنا اليه رغم كل هذه التشويهات؟  ثلاثمائة وأربعة وستون يوما في السنة ونحن ننشغل بالكشف عن التشويهات. هذه هي مهمتنا، هنا في الصحافة. القصص عن التطويرات والانجازات الهائلة تدحر الى الصفحات الاخيرة. سائق التسفير الذي رفض تسفير مسافر من اصل أثيوبي، بالمقابل، يحظى بالنشر في الصفحات الاولى. رغم أنه واحد من ألف أو من عشرة الاف. هذه قصة الصحافة في العالم الحر. ولكن يجدر بنا أن ندقق. عندنا الحقنة اكبر. نحن مدمنون على النقد الذاتي الذي يصل حتى التضليل الذاتي.  مركز الاغلبية نحن لا نحتاج الى الصحافة كي نكون أبطال العالم في التذمر. ولكن الصحافة تساعد على التشويش. هكذا بحيث يجب ان نضيف ملاحظة تحذير دائمة: رجاء خذوا الامور بتوازن. رجاء اعرفوا ان السائق العنصري الذي كتبنا عنه لا يمثل الاف رفاقه في العمل. بل يمثل نفسه فقط. هذه السنة حصل شيء آخر. كانت انتخابات. خلافا لكل التوقعات، اسرائيل لم تتوجه يمينا. اسرائيل توجهت لنفسها. الى الوسط. هذه بالتأكيد بشرى طيبة. لانه يوجد هنا فرصة للاصلاح. لسنوات طويلة عانت اسرائيل جدا من تشويهات خطيرة للغاية في مجال الحكم. بدلا من الديمقراطية تلقينا اقلتقراطية (حكم الاقلية). حكم مجموعات ضغط فرضت نفسها على الاغلبية. ليس بعد اليوم. الائتلاف الجديد هو نقطة انعطاف. ليس واضحا اذا كان التغيير الكبير سيأتي. ليس واضحا اذا كانت اسرائيل ستكون متساوية وسوية العقل اكثر. ولكن هذا يعني أنه نشأت فرصة. وهذا ايضا شيء ما.  ماذا عن الاحتلال؟ المستوطنات؟ السيطرة على شعب آخر؟ هذه اسئلة ممتازة. نحن نحاول أن نتصدى لها في كل ما تبقى من أيام السنة. لا يوجد اجماع. في هذا الموضوع لا يوجد لنا فقط روحان. يوجد آلاف. لكل اسرائيل يوجد رأي يكون من اليسار أو من اليمين من كل اسرائيلي آخر. هذا لا يقلل من خطورة المشكلة. بل ان اليوم، بين أسى الذكرى وفرحة الاستقلال – مسموح لها أن نعنى بامور اخرى. مسموح لها أن ننظر الى الوراء بفخار. مسموح لها أن نرى ليس فقط التشويهات بل وحجم الانجازات ايضا. إذن نعم، يوجد لنا ما يدعونا الى الفخار. عيد استقلال سعيد.