خبر : رحل فياض .. فمن يكشف السر؟ ..عمر القاروط .

الأحد 14 أبريل 2013 01:04 م / بتوقيت القدس +2GMT
رحل فياض .. فمن يكشف السر؟ ..عمر القاروط .



سلام خالد فياض من طولكرم، الرجل الذي سار مسيرة الكثير من الفلسطينيين لانتشال نفسه من تحت سيطرة الاحتلال عبر سلوك درب التعليم والحصول على الشهادات العلمية التي تؤمن له الحصول على فرصة عمل هنا أو هناك تضمن له حياة كريمة، لكنه صادف في حياته أو عمل على ذلك الانتقال إلى الساحة الدولية في حياته العملية ليدخل لعبة الأمم عبر التحاقه بالعمل في المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وغيرها، وهو ما أكسبه صفة الشخصية الدولية المرتبطة بالاقتصاديات والسياسيات المالية التي تهيمن عليها الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة واليابان وألمانيا وغيرها. نشأة ونما فياض كرجل ارستقراطي، وعاش في أحضان البيروقراطية الدولية، وتطبع بأطباع وقيم الرجل الوظيفي، وعمل زهاء ثلاثون عاما تخللتها سنوات دراسته العليا في المؤسسات الدولية قبل أن ينتقل إلى العمل في السلطة الفلسطينية. لا يعرف الكثير عن ميوله السياسية، كما لم يعرف عنه أنه كان وطنيا مناضلا في العمل الوطني الفلسطيني، وهو ما يثير التساؤلات حول انعطافه المفاجئ نحو العمل السياسي بعد أن عمل وزيرا للمالية بتكليف من الرئيس الراحل "أبو عمار" استجابة للضغوط الأمريكية والدولية خلال سنوات الانتفاضة. منذ أن التحق بالعمل بالسلطة الفلسطينية كان فياض مثيرا للجدل بسبب سياساته وقراراته المالية، وعلاقاته بالضيف السياسي الفلسطيني، حيث لم يكن مقربا من أي فصيل، كما لم يحرص على الالتحاق بأي فصيل، ونهج نهجا خاصا في إدارة عمله الحكومي كان مثارة للشك، لأنه لم يضع الخصوصية الفلسطينية في حساباته في تعامله مع الملفات المالية أو الحكومية التي تولاها طوال سنوات عمله. وحينما قرر اقتحام الانتخابات التشريعية الأخيرة عبر تكتل خاص به هو ما أسماه "الطريق الثالث" كان أيضا ملفتا ما حققه؟ حيث أنه كان شخصية مغموره سياسيا، ولم يعرف في الأوساط الفلسطينية إلا من خلال عمله في وزارة المالية، وهو ما أعطى مؤشرا على أنه استغل موقعه لبناء قاعدة شعبية له لدخول المعترك السياسي. رغم ذلك فهو لم يكن سياسي بأي حال من الأحول، وان عمل في كواليس الحكومة، ثم انتقل ليحتل موقعا سياسيا عبر ترأسه لحكومة الطوارئ التي شكلها الرئيس عباس في أعقاب تخليه عن حكومة الوحدة الوطنية مع حركة حماس التي فازت في الانتخابات التشريعية ونالت الأغلبية المطلقة. وكان خلال فترة عمله في الحكومة يعمل بعقلية الموظف الكبير الذي يدير مؤسسات وطواقم عمل لأداء المهام الموكلة إلية، لكنه لم يكن قياديا، ولم يملك رؤية سياسية أو مشروعا وطنيا رغم اقتحامه الساحة السياسية في أكثر من مناسبة، وبأكثر من عمل، وهنا كان مكمن خطورة شخصية فياض، حيث لا تصلح مثل هذه الشخصية لتصدر العمل السياسي لشعب ما زال تحت الاحتلال وأمامه مشوار طويل للتحرر والاستقلال، ولذلك مثلت أعماله في الحكومة، وأفكاره المسيسه وليست السياسية عبء على الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية. وهنا أنا لا أريد أن أخوض في تفاصيل عمله، وما حققه في إدارته لما عرف بسياسة ضبط الفساد، وبناء مؤسسات الدولة، وإشاعة ثقافة المقاومة السلمية، لأنها مثيرة للجدل بين جوانب الصواب والخطأ فيها، لكن ما أريد قوله: إن اقتحام فياض للمسرح السياسي أرهق العمل الوطني الفلسطيني، وخلف تكلفة سياسية ثقيلة على الشعب الفلسطيني بغض النظر عن موقفنا منه كشخص، وكمهني محترف في السياسيات والإدارة المالية والإدارية. وهنا يثار السؤال اللغز: لماذا قرر فياض القفز على حدوده الوظيفية وقرر الالتحاق بالعمل السياسي؟ ولماذا قرر أن يظهر على المسرح كتيار مستقل وخاص؟ ولماذا لم يعمل على إقامة شراكة مع أطراف فلسطينية سياسية أخرى؟ التساؤلات ليست على سبيل التشكيك لكنها وضعت برسم الإجابة والحذر، فنحن في هذه المرحلة لا يلزمنا قيادات أو مسئولين حكوميين ليحاسبوا شعبهم على تاريخ الوطني، ورؤيته في المقاومة، وأداءه في إدارة الشأن العام، بقدر حاجتنا إلى قيادات ومسئولين يضيفوا إلى تجربته، ويدعم قدرته على الصمود، والتقدم نحو أهدافه الوطنية التي تتقاطع حولها كل الطيف الفلسطيني.