قبل ان استقر رأي براك اوباما على التوجه الى السياسة حلم بأن يصبح أديبا. وكان في كل مكان يذهب اليه يتأبط دفترا وقلما. وكتب اوباما كتابه الاول "ذكريات من أبي" هو نفسه من غير أديب ظلال فأنشأ كتابا واسع الرواج أثر في القلوب تأثيرا شديدا. إن اوباما قبل كل شيء رجل كلمات، فهو يضم بعضها الى بعض بيد فنان وهي تُمكّنه من التعبير عن حلم وتُعطيه القدرة الهائلة على السعر وإثارة الحماسة. بيد انه توجد لحظات في السياسة لا يعود فيها للكلمات قوة. وهنا خطأ اوباما الأكبر فهو يأتي في زيارته للشرق الاوسط بحقيبة مليئة بالكلمات. وقد عملوا ساعات الى ساعات في البيت الابيض لتزويده بصيغ براقة. وبعد ذلك نقح هو نفسه الخطب وأدخل البرق فيها. إن شيئا واحدا فقط لا يأتي به الرئيس في الزيارة وهو خطة سلام حقيقية يصاحبها جدول زمني. وهي خطة مؤلفة من جملة الكلام الذي كان اوباما يقوله منذ اربع سنوات وهو: الدولتان والقدس عاصمتهما، وتبادل الاراضي والحدود القابلة للدفاع عنها والترتيبات الامنية. اختار اوباما الحديث فقط. في بداية ولايته الاولى وعد بجبال وتلال فعين مبعوثا خاصا الى الشرق الاوسط وبدأ يحرك مسيرة وبدا كأنه يوشك أن يُخلص الشعبين من قيادتيهما. وللرئيس الامريكي أدوات لصوغ الواقع فهو لا يحتاج الى فرض السلام على الطرفين بل يجب عليه ان يضع خطة على الطاولة وان يبدأ منذ ذلك الحين بتجنيد الرأي العام العالمي للدفع بها الى الأمام. ويجب عليه ان يعرض خطة ايضا كي يكون واضحا أي طرف مستعد للارتباط بها وأي طرف هو الرافض. سيستقل اوباما هذه الليلة الـ "إير فورس 1" ويقطع الطريق الطويل الى اسرائيل: سيأتي للاستماع وكأنه يوجد شيء ما آخر يُقال له في شأن لا يعرفه. قال اوباما في بدء طريقه انه لا يجوز فقط ان تحلم بل يجب ان تحلم. وهو في زيارته لن يساعد الطرفين على تحقيق الحلم الذي وعدهما به هو نفسه. وحينما تنطفيء الاضواء وينتهي المهرجان سيعود الرئيس الى بيته تاركا شرق اوسط مع فرصة مضيعة اخرى وستكون هذه المرة باسمه.