ثمة أيام تتنكر فيها الكنيست بهيئة فصل دراسي في حفل انهاء الدراسة. ويقول بعضهم لبعض "بالنجاح" وهم يقصدون ذلك في احيان متقاربة، ويتصافحون ويتعانقون ويقبل بعضهم بعضا وتُلتقط لهم صور. وزراء جدد ووزراء قدماء، وعائلات متأثرة على مقاعد المتفرجين. إن الشيء الأكثر شخصية والأكثر تأثيرا في مراسم تأدية اليمين القانونية هو ذكر أسماء الوالِدين. فلكل وزير ولكل وزيرة أم يهودية كانت تحلم باللحظة التي يعلم فيها العالم كله من التي أدت بهم الى المجد. ومما يطيب لنا ان نرى حلم أم يهودية يتحقق. تبدأ هذه الحكومة مثل سابقاتها طريقها مع نوايا خيّرة. وهي تستحق كسابقاتها فترة تفضل يدرس الوزراء في اثنائها وزاراتهم ويصوغون سياسات ويُجربون المسؤولية المشتركة. والتحدي كبير. والأدرينالين موفور. والوجوه تُشرق بالسعادة. والشرير وحده لا يتمنى لهم النجاح في طريقهم. أجل، لكن. إن الليلة الاخيرة قبل تأدية الحكومة اليمين القانونية أصبحت حرب الجميع للجميع على الغنيمة وذكّرتني بالفصول في حروب انتهت فيها المعركة وتابع فيها المقاتلون طريقهم، ويتحارب فيها أصحاب الوظائف على النهب: على قميص ممزق وبندقية صدئة وملابس اخلاق ووجبات معارك انتهت مدة صلاحيتها. ولم يبق لنتنياهو سوى بقايا وزعها جميعا وأوجد شيئا آخر من العدم لاشباع جوع زملائه الى التكريم والمناصب. إن السياسة القديمة ابتلعت السياسة الجديدة ولم يُعلم أنها وصلت الى معدتها. وعد وزراء الليكود القدماء بألا يفرض عليهم نوابا. وفي الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل هاتف وزير النقل العام اسرائيل كاتس وألح عليه ان يأخذ ميري ريغف ورفض كاتس. وقال لنتنياهو سأمضي حتى النهاية ومضى لينام. وحينما استيقظ في الصباح سمع من الراديو ان تسيبي حوطوبلي ستكون نائبة وزير عنده. والى اليوم لم تُظهر حوطوبلي اهتماما خاصا بزحامات السير. واحتار كاتس أي مجال في وزارته يُوليها. وكان أول مجال خطر بباله حوادث السير. وطُلب الى وزيرة القضاء الجديدة تسيبي لفني ان تُسلم بتعيين نائب وزير في وزارتها. وقد عرفت من تجربتها انه يمكن ان تقول لا لنتنياهو وتبقى حية، فقالت لا. وخضع نتنياهو لذلك. وكان عنده طلب آخر من لفني هو ان تتخلى عن رئاسة لجنة الداخلية التي خُصصت لعمرام متسناع وان تستبدل بها لجنة التربية. وقال مبعوثوه للفني انها اذا قالت لا فان لجنة التربية ستنتقل "الى شخصية غير تربوية" ففهمت الاشارة واستجابت. ستكون لجنة التربية لمتسناع وتكون لجنة الداخلية لميري ريغف. حارب يوفال شتاينيتس سلفان شالوم حربا عالمية على وزارة الطاقة والماء. وهما وزيرا مالية سابقان وكان أحدهما وزير خارجية ايضا وكل ما بقي لهما الطاقة والماء. وعلم نتنياهو ان إهانة شالوم يمكن ان تضر به أكثر فأعطاه الحقيبة الوزارية. وطلب شتاينيتس تعويضا عن ذلك ان يكون وزيرا في وزارة الخارجية، وهذا تأليف عجيب – ان تعمل وزيرا في وزارة ليس فيها وزير – لكنه ممكن. واعترض ليبرمان الذي أودعت الحقيبة الوزارية من اجله. وقد عيّن نتنياهو شتاينيتس دونما اختيار وزيرا للشؤون الدولية في ديوان رئيس الوزراء. وليست هذه فكاهة بل هو لقب حقيقي. والى ذلك منحه الألقاب الفارغة من المضامين التي أعطاها ليعلون ومريدور في الحكومة السابقة وهكذا سيحمل شتاينيتس ثقل ثلاث حقائب وزارية فارغة. وقد تجول أمس في الكنيست مثل منتصر، أعمى عن وضعه. كان زئيف إلكين في الولاية السابقة رئيس ائتلاف قادرا على كل شيء وتوقع رفع منزلته. وقد أرسله نتنياهو بتشجيع من ليبرمان الى وزارة الخارجية ليكون نائب وزير. إن إلكين واحد من أكثر الناس قدرة في الجهاز السياسي وله منصب لا يلائمه وهو ان يجلس في وزارة الخارجية ويبذل طول النهار مقابلات دعائية لقنوات تلفاز اجنبية. وقد حصل على هذا المنصب. كان جلعاد أردان متحدثا فعالا في حكومة نتنياهو السابقة وحصل على وعد بوزارة القضاء لكن لفني أخذتها. وتم الحديث معه عن المالية ايضا وأخذها لبيد. وحصل في نهاية الامر على رزمة هدايا صغيرة وهي: حماية الجبهة الداخلية والاعلام وسلطة الاذاعة وعضوية في المجلس الوزاري المصغر وفي لجنة تعيين القضاة. ويفترض ان تعوضه الكمية عن النوعية. وتوقع أوفير ايكونيس الحصول على وزارة إكراما له على ولائه. وحصل على نيابة وزير في تناوب مع تساحي هنغبي. قلت لهنغبي أمس إن هذا تكريم كبير فقال: "التناوب أحلى شيء". وذكّرته بالمصير المُر لحماد أبو ربيعة عضو الكنيست في كتلة أقليات لم يفِ باتفاق تناوب وقُتل في 1981. ودخل والد القاتل، الشيخ جبر معدّي الى الكنيست بدلا منه. ولم يغير هنغبي رأيه وهو ان التناوب أحلى شيء. وهكذا دواليك في طول وعرض كتلة الليكود الحزبية. انهم يتحدثون حديثا بليغا عن "القدرة على الحكم" وفي مقابل ذلك يغتصبون هذه القدرة على الملأ. في هذه الكنيست كما كانت الحال في الكنيست السابقة باع ممثلو الليكود أنفسهم لوظائف في الحكومة. والفرق هو أنهم سيلقون في الكنيست الحالية معارضة على قدر أكبر من التشكل والجودة، وسيلقون تمثيلا نوعيا للخصم الشريك "يوجد مستقبل" وتنتظرهم معركة كبيرة في الكنيست على الميزانية العامة. وعندهم غنيمة موفورة حقيقية ووهمية لكنه لا يوجد محاربون.