خبر : انتهاء ايام البراءة/بقلم: نداف ايال/معاريف 17/3/2013

الأحد 17 مارس 2013 11:53 ص / بتوقيت القدس +2GMT
انتهاء ايام البراءة/بقلم: نداف ايال/معاريف 17/3/2013



 مر عامان. أيام بعيدة كانت فيها الجماهير تحتشد في دمشق وتهتف للديمقراطية، ووسائل الاعلام العالمية كانت تبلغ عن هذا بحماسة. كانت سوريا جزء من الربيع العربي. بعد لحظة سينتهي حكم الاسد، او أن الدائرة الداخلية ستقرر الخلاص منه، مثلما حصل لمبارك. عدة أسابيع أو أشهر اخرى، والاسد سيفر او سيجد موته مثل القذافي. كان قليل جدا من البراءة في الثورة السورية، وسرعان ما انقضت وبوحشية. فالحكم السوري ليس حرس وطني من النوع المصري لمبارك أو دكتاتورية رجل وحيد من نوع القذافي. النظام السوري هو الطائفة العلوية التي تعرف بان هزيمتها كفيلة بان تؤدي الى قتل كامل ومطلق لجالية كاملة. وهي تكافح، الى جانب قطاعات تتناقص في الجمهور السوري، ضد الابادة. وهي تفعل ذلك بواسطة الابادة.  ايام البراءة للاسرة الدولية مرت هي ايضا. التصريحات الكبرى تبددت. بعض منا ربما يتذكرون الايام التي كان صبح مساء يعلن فيها زعيم غربي (واحيانا اسرائيلي ايضا) بان ها هو الاسد يسقط. وكان هذا تكتيكا مقصودا غايته تسريع سقوطه من خلال التنبؤ به. بعد سنتين، يمكن القول بيقين بان هذا فشل. لم يكن للاسرائيليين أوهام كبرى عن الثوار، ولكن في هاتين السنتين تعلم الغرب ايضا كيف يتعرف من جديد على الثوار السوريين. الاجزاء الاكثر ليبرالية في الثورة، وكذا الجهاديين. الثورة الشعبية السورية، تلك التي عانقها الغرب ورفعت يافطات كبرى طلبت مساعدة امريكا، ضعفت واستبدلت. انعدام الوسيلة الذي ابدته الاسرة الدولية ووحشية نظام الاسد عززا وخلقا الثورة الحالية، تلك التي عناصرها البارزة هم الراديكاليون الاسلاميون من النوع الاكثر اخافة.  انعدام الوسيلة هو التعبير الاساس. العالم يعرف بان سوريا تتفكك. العالم يفهم جيدا بان يحتمل ان تنتهي الحرب الاهلية بظواهر قتل شعب حقا. ويتابع زعماء الغرب بقلق هائل كميات اللاجئين الذين يندفعون الى خارج الدولة، الجهاديين الذين يتدفقون الى داخلها وقواعد السلاح الكيميائي. ولكن اداة العمل هي مجلس الامن، وهذا يخضع للفيتو الروسي. الروس، مستاءون، من المناورة التي اجرتها لهم الولايات المتحدة في ليبيا – حيث استخدمت قرارا ناعما في مجلس الامن لاسقاط القذافي- كانوا مصممين على عدم السماح بذلك في حالة الاسد. وصدهم الدبلوماسي يستمر هذه الايام ايضا، ولكن الحقيقة هي أن ما حصل في هذه الاثناء هو أن المعركة السورية الداخلية تعقدت. فصعود قوة الثوار الاسلاميين برد الحماسة الغربية لتسليح المعارضة السورية. وتبين أنه خلافا للوضع في ليبيا، من الصعب جدا توحيد المعارضة السورية. الدولة نفسها تجتاز عملية تفكك. ومعظم الجهود تركزت على محاولة توحيد معارضي النظام والتنسيق بينهم، قبل التفكير بما يزودون به وفي اي ظروف على الاطلاق.  وفي هذا الوقت تستمر المذبحة. مذبحة فظيعة، هي الافظع الذي شهدها الشرق الاوسط منذ الحرب الاهلية اللبنانية الطويلة – وربما أخطر منها. مذبحة تركز على التطهير العرقي لمناطق قروية على خلفية الهوية العرقية. جثث الاطفال تقدم للاستعراض. مقاتلون علويون يتباهون باعداد المواطنين الذين قتلوا. جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية.  هذه لعبة باردة، لعبة أرقام. مذبحة كبيرة جدا ستؤدي الى صرخة عامة في الغرب؛ ضغط جماهيري لتدخل انساني ضد نظم الاسد. ولكن في هذه الاثناء، في اعداد الموتى التي تنشر اسبوعيا وشهريا، الضغط الجماهيري مضبوط. فقد تعلم الغرب كيف يحتوي ويسلم بالقتل الجماعي الذي يجري على اساس يومي في سوريا. اوروبا والولايات المتحدة تريدان معارك سهلة يمكن حسمها سريعا والاعلان عن النصر، مثلما في مالي. وعلى اي حال فان التلفزيون عودنا على الفظائع. ربما يصعب على السوريين الاعتياد، ولكنه سهل على مشاهدي التلفزيون.