غزة / سما / كشفت دراسة أعدها الباحث في مركز الدراسات السياسية والتنموية هاني أبو عشيبة، المتخصص في العلوم السياسية والإعلام حول تغطية وسائل الإعلام الأمريكية للقضية الفلسطينية والصراع الفلسطيني الإسرائيلي شملت رصد وتحليل للقصة الصحفية التي نشرتها أربع صحف هي " صحف نيويورك تايمز، وواشنطن بوست ، ويوس إي إيه توداي ، وهيوستن كرونيكل خلال الفترة 2012-2010 بأن المسئولين الإسرائيليين يحظون بأفضلية أكثر من نظرائهم الفلسطينيين في الصحف المذكورة باستثناء صحيفة هيوستن كرونيكل التي كانت افضليتهم فيها محدودة، مشيرا إلى أن هذه الصحف تلجا إلى إلى اعتماد المصادر الصحفية الفلسطينية غير الرسمية بعكس ما تتبعه مع المصادر الإسرائيلية حيث تعتمد على الرواية الصادرة عن المصادر الرسمية. ونقل الباحث عن المتحدث الرسمي الإسرائيلي ناحام شاي لصحيفة لوس أنجلس تايمز بقوله "الإعلام ليس تغطية الحرب الحقيقية فقط، بل ربما تكون التغطية الإعلامية هي الحرب الفعلية" في إشارة لخطورة الحرب الإعلامية التي يديرها الاحتلال مع الفلسطينيين عبر وسائل الإعلام الأمريكية والدولية. وقال: بشكل عام، يسعى الطرفان المتنازعان بكل ما أوتوا من قوة إلى حشد الداعمين لكسب الدعم الوطني لأسبابهم الخاصة فيما يتعلق بالصراع وإلى استمالة الرأي العام العالمي لتبنى وجهة نظرهم بالطريقة التي يرونها مناسبة. ووفقاً لهذه المعطيات، لا يرغب أي من الطرفين أن يلقى اللوم عليه في التسبب في العنف ويميل كل جانب إلى القول بأنهم ضحية لغضب الطرف الآخر. حجب كلمة احتلال ويتضح تجنب كلا الطرفين إلقاء اللوم عليه في التسبب في اندلاع النزاع من اللغة المستخدمة في التعبير عن الصراع. فعلى سبيل المثال، ظهرت كلمة "احتلال" ((Occupation التي تعد محرمة في الإعلام الغربي مرة واحدة في المقالات التي تم دراستها. ونتيجة لذلك، لا يتضح احتلال الأراضي الفلسطينية بحق بالنسبة لقرّاء الصحف محل الدراسة. وأضاف قائلا: وفي ظل سياق يغيب فيه الاحتلال، لا تجد صحف نيويورك تايمز وواشنطن بوست صعوبة تذكر في القول بأن الخسائر في صفوف الفلسطينيين كانت أمراً لا مفر منه ، على الرغم من أنها تنظر إلى تلك الخسائر بأنها أمر مؤسف ونتاج "للعنف الفلسطيني" في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وبتغييب هذه الحقيقة، يجد الرأي العام أن من الصعوبة تحميل إسرائيل المسئولية عن انتهاكاتها الجسيمة لحقوق الإنسان، وهو الوصف الذي يتقاطع مع الإجماع حول وضع إسرائيل بشكل كبير بوصفها قوة احتلال. وعلى الرغم من ذلك، قفز الإعلام عن الموضوع، وضلت كلمة الاحتلال "محرمة" لا تستخدمه. تحريف وأوضح الباحث أنه في سياق التحليل الكمي والكيفي للبيانات التي جمعها عن الصحف محل الدراسة تبين أن التغطية الإعلامية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي تُقدم للقارئ بعد تحريف مهول، حيث تعرض لتغطية غير متوزانه على الدوام، ويظهر الانحياز لتشويه الحقائق في العدد غير الملائم من المصادر المستخدمة لصياغة المادة الصحفية من خلال الإشارة السلبية للعرب ولخلفيتهم الدينية ولأفعالهم. بالمقابل، يظهر الانحياز جلياً في العدد غير الملائم من المؤشرات الداعمة لإسرائيل. بالإضافة إلى ذلك، فان الإعلام الأمريكي يعرض لصورة غير حقيقية ومشوهة بالكامل للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وتشمل المصادر التي تعطي صورة سلبية مريعة عن الفلسطينيين وقيادتهم وذلك من خلال العناصر التالية:(1) السياق الممنهج القائم على نزع الصراع من سياقه، وذلك بحذف كلمة "احتلال" من تقارير العنف من غزة أو الضفة الغربية (2) تسببت المستوطنات اليهودية في ازدهار الصحراء من خلال إقامة العديد من المستوطنات الحضارية في مختلف أنحاء المنطقة في الوقت الذي ترك فيه الفلسطينيون العرب الأرض مهملة (3) الفلسطينيون وقادتهم إرهابيون (4) ينبع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني في أساسه من معادة العرب والمسلمين للسامية واليهودية (5) تقاتل إسرائيل والولايات المتحدة عدواً واحداً. الترويج لإسرائيل ويشمل هذا النوع من التشويه والتحيز في تغطية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الكثير من التغطية الإعلامية لإسرائيل والقليل من التغطية للفلسطينيين (باستثناء صحيفة هيوستن كرونيكل)، حيث يؤدي ذلك إلى مزيد ألفة وبالتالي تحيزا لإسرائيل. علاوة على ذلك، يظهر تحليل الدراسة أن التغطية الإعلامية الأمريكية للصراع تتبنى معايير مزدوجة عند الحكم على ممارسات إسرائيل والفلسطينيين، ومثال على ذلك وصف الهجمات الفلسطينية ضد الإسرائيليين "بالإرهابية" بينما يوصف استهداف إسرائيل للضفة الغربية وغزة باستمرار "بردود فعل". وخلصت الدراسة إلى أن صحف نيويورك تايمز، وواشنطن بوست، ويو إس إيه توداي مناصرة لإسرائيل بشكل سافر في تغطيتهم للصراع. ومالت هذه الصحف إلى إبراز صورة مشرقة ومفضلة لإسرائيل في سياق الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. وتقتبس المصادر الإسرائيلية بشكل متكرر وتعامل بأفضلية أكبر من المصادر الفلسطينية. ويقع هذا النوع من التحيز تجاه إسرائيل من قبل الصحف المشار اليها. كما يظهر هذا التحيز في الصحف المذكورة من خلال المساحة الممنوحة للمسئولين الإسرائيليين، وعدد مرات الإشارة إليهم في القصص الصحفية مقارنة مع نظرائهم الفلسطينيين. ويتضح التحيز بشكل أكبر في صحيفة نيويورك تايمز رغم المحاولات الهادفة إلى تجميل صورة الصحف الثلاث الأخرى من خلال النقل عن مواطنين فلسطينيين عاديين. التحيز للمسئولين الاسرائيليين ويكشف التحليل الكيفي مزيد من التحيز تجاه إسرائيل والمسئولين الإسرائيليين فيما يتعلق بتغطية الصراع واستخدام مصادر إسرائيلية في القصص الصحفية. ولا يحظى المسئولين الإسرائيليين بأفضلية مقارنة مع نظرائهم الفلسطينيين فحسب، بل يتعدى ذلك إلى الصورة السلبية القاتمة التي يصور بها الفلسطينيون وقيادتهم بشكل شائع. بالإضافة إلى التصوير السلبي للفلسطينيين. وتعتبر مصطلحات الإرهاب، والجرائم، والبربرية، والهجمات شائعة لوصف الفلسطينيين وقيادتهم وأفعالهم. على الجانب الآخر، يوصف الإسرائيليون وإسرائيل بشكل عام بأنهم يردّون على الإرهاب الفلسطيني والهجمات الفلسطينية ويدافعون عن أنفسهم، وأنهم الديمقراطيون في مواجهة الغوغائيون والمتحضرون في مواجهة المتخلفون والجاهلون. وقال الباحث بأن نتائج هذه الدراسة تتناسق مع نتائج دراسات سابقة أظهرت وجود تحيز في استخدام مصادر إخبارية إسرائيلية على حساب المصادر الفلسطينية، وانه ينقل عن المصادر التي تتبنى صورة غير محبذة للعرب بشكل عام والفلسطينيين بشكل خاص بشكل متكرر، كما يتضح النقل عن المسئولين الإسرائيليين، بما في ذلك رؤساء الوزراء، الذين يحظون بصور صحفية أكثر إيجابية ومزيد من الدعم في الولايات المتحدة.