القدس المحتلة / سما / المتابع للأوضاع القائمة في الضفة الغربية يرى أنه ما زال الواقع السياسي والقانوني يدار بقدر كبير بحسب ما جاء في اتفاقية أوسلو التي وقعت في منتصف التسعينات، ووفقاً لتلك الاتفاقية فإن الجانب الإسرائيلي حول للسلطة الفلسطينية مسئولية مطلقة عن المنطقة المصنفة باسم "أ" ، ومسئولية مدنية عن المنطقة "ب" وبهذا تكون السلطة تسيطر على 30% من إجمالي المساحة الكلية للضفة الغربية. وبحسب الاتفاقية فإن لإسرائيل الحق في استخدام صلاحياتها الأمنية في حال لزم الأمر خاصة في مناطق "ب"، إلا أن جهاز الأمن الإسرائيلي يستعمل سلطته استعمالاً دائماً لحاجات أخرى تزيد على الحاجات الأمنية المباشرة – مثلاً عمليات الاعتقال في المنطقتين "أ" و "ب" –. وبحسب صحيفة هآرتس فإن جيش الاحتلال يقوم بمنع البناء والتطوير خلال الفترة الأخيرة من العام الماضي وحتى اللحظة بادعاء أن هناك أسباب أمنية تستدعي عدم البناء في 4700 دونم في المنطقتين المذكورتين قرب جدار الفصل العنصري، وبعبارة أخرى نستطيع أن نقول أن الحكومة الإسرائيلية تحاول مسك العصا من طرفيها فهي اذا شاءت تظهر صورة أن الفلسطينيين يتمتعون بما يشبه الاستقلال في المناطق التي يسيطرون عليها، وفي صورة أخرى فهي تعامل هذه المناطق على أنها محتلة وتستعمل فيها أوامر عسكرية بحجة صلاحية أمنية. وغير هذا فإنها أصدرت أوامرها بوضع يدها على ما يقارب من 1870 دونماً من المنطقتين "أ" و "ب" بحجة استعمالها لشق شوارع تتصل بإنشاء الجدار العنصري، في حين تكون النتيجة المشتركة بين هذين الإجراءين هي الحد الكبير من استعمال المناطق التي حصل عليها الفلسطينيون باتفاقات اوسلو. ويشمل منع البناء المناطق الواقعة قرب الجدار من جانبه الشرقي الفلسطيني، كما ويمنع على طول امتداد 100-250 متراً من الجدار الفاصل، ويشار إلى أنه وفي عام 2011م تم تجديد 71 أمر منع بناء كهذا في المنطقة "ب" إلى جانب 4 أوامر أخرى في المنطقة "أ". وبحسب الإحصائيات فإن المساحة الكلية للأراضي التي صدر فيها أوامر حظر تبلغ نحو 3950 دونماً في المناطق "ب"، بينما يوجد ما يقارب نحو 750 دونماً آخر في المنطقة "أ"، كما ويوجد قرى وأحياء فلسطينية مثل عناتا وضاحية البريد في شمال القدس وأبو ديس جنوبي المدينة وبيت ساحور في منطقة بيت لحم تُقيد الأوامر فيها البناء في عشرات الدرجات المئوية من مساحتها، كما أصدرت الإدارة المدنية في مطلع الشهر أوامر هدم لعدة بيوت بنيت قرب الجدار. أما في جهاز الأمن الإسرائيلي والمشرف على إرسال الإخطارات للفلسطينيين فإن يتحدث عن أن إصدار الأوامر بحق الفلسطينيين قانونياً يستند على قرارات محكمة العدل العليا، في حين قال مصدر أمني رفيع المستوى وأحد المطلعين على الملف "إن صلاحية جهاز الامن لإصدار أوامر في المنطقتين (أ) و (ب) لأسباب أمنية حصلت على إذن من المحكمة العليا بقرار حكم في منتصف العقد الماضي. ويضيف "ان الجيش الاسرائيلي يمنع البناء على جانبي الجدار على طول نحو من 500 كم للمسار ما عدا أماكن يمر الجدار فيها بأرض كانت مبنية أصلا"، لافتاً إلى أن الحظر يشمل منع إطلاق نار بسلاح خفيف على قوات الجيش الإسرائيلي التي تسير قرب الجدار. أما النوع الثاني من الاخطارات والمتعلق بأوامر وضع اليد التي صدرت معظمها بعد اتفاقية أوسلو فإن الاحصائيات تشير إلى أن هناك 115 أمر وضع يد 99 منها في منطقة "ب" و16 أمر في منطقة "أ"، وهي في جزء منها شوارع بديلة شُقت ليستعملها السكان الفلسطينيون بعد ان منع الجدار استعمال قطع الشارع السابقة وفي ردها على إصدار أوامر وضع اليد قالت وزارة الجيش الإسرائيلي "تأتي هذه الأوامر من أجل إنشاء جدار الأمن والبنية التحية التي تصاحبه"، مدعية أن الأوامر صدرت على الأراضي بسبب حاجة عسكرية أمنية جوهرية لحماية السكان ومنع العمليات الفدائية. من جانبه تحدث "درور أتاكس" أحد نشطاء اليسار والمختص في شؤون البناء بالقول "حقيقة إن إصدار الجيش أوامر عسكرية تحد من استعمال مناطق السلطة التي تبلغ آلاف الدونمات تدل على لعبة اسرائيل المزدوجة التي تلعبها في الضفة اعتمادا على اتفاقات اوسلو". وتبقى تلك الأراضي التي لم يصدر فيها إخطار أو حظر بناء تحت سيطرة إسرائيلية بحتة إلا أن "إسرائيل" تظهر للعالم أجمع أنها تبتعد عن تلك الأراضي حتى لا يلومها أحد في ظل ضعف القيادة الفلسطينية في البحث عن أراضي مواطنيها.