غزة / سما / باشر صباح اليوم الموافق 23 فبراير 2013، فعاليات اليوم الأول من المؤتمر الذي ينظمه على مدار يومين تحت عنوان: الحرب على غزة: التداعيات وآفاق المستقبل، وذلك بالتعاون مع كل من: مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، تيدا للأبحاث، ومركز بال ثينك للدراسات الاستراتيجية.يعقد المؤتمر بحضور عدد من الخبراء والباحثين والسياسيين الدوليين بالإضافة إلى بعض الديبلوماسيين وممثلي المجتمع المدني المحلي. يسعى المؤتمر إلى تحقيق جملة من الأهداف أبرزها: تقييم الآثار والانعكاسات السياسية والقانونية للعدوان الذي شنته إسرائيل على قطاع غزة في نوفمبر 2012، مناقشة الآثار بعيدة المدى للحرب على الوضع الاجتماعي والاقتصادي في قطاع غزة، تسليط الضوء على على دور الإعلام المجتمعي خلال العدوان، تحليل الآثارالمباشرة وغير المباشرة للحرب على علاقات حركة حماس في الداخل والخارج، مناقشة الجوانب العسكرية للعدوان وانعكاساتها على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والخروج باستنتاجات وتوصيات من شأنها المساهمة في توجيه استراتيجيات مشروع التحرير الوطني الفلسطيني. بدأت فعاليات اليوم الأول من المؤتمر والتي تتضمن ثلاث جلسات متتالية، بجلسة افتتاحية تحدث خلالها أعضاء اللجنة التحضيرية للمؤتمر وهم: أ. عمر شعبان، د. إياد السراج، د. باسم نعيم، وأ. راجي الصوراني. أكد أعضاء اللجنة خلال كلماتهم على أهمية هذا المؤتمر الذي تداعت لعقده أربع مؤسسات فلسطينية لمناقشة عدد من المحاور الرئيسية وهي: الحرب من المنظور الفلسطيني والإقليمي، الحرب من المنظور الغربي، الحرب من المنظور القانوني والدولي، الحرب من منظور عسكري وأمني، الحرب في الإعلام العربي والدولي، والحرب من المنظورين الاجتماعي والاقتصادي. ناقشت الجلسة الأولى من جلسات اليوم الاول للمؤتمر الحرب على غزة من المنظور الفلسطيني والإقليمي، وترأسها د. عزام التميمي مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي بلندن. تحدث خلال الجلسة كل من: أ. جواد الحمد مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن، د. محمود الزهار القيادي في حركة حماس، د. وليد محمد علي مدير مركز باحث في بيروت. ففي مداخلته، تحدث أ. جواد الحمد حول الدور الإقليمي السياسي في تحقيق شروط المقاومة حيث أوضح أن الحاضنة الإقليمية هي شرط لازم لنجاح المقاومة الفلسطينية. واستعرض الحمد الدور التاريخي لهذه الحاضنة خلال السنوات الأولى التي تلت حرب عام 1967، وما تلا ذلك من تحولات في الموقف العربي، مشيراً على نحو خاص لدور كل من إيران، تركيا ومؤخراً مصر، في دعم المقاومة وتشكيل حاضنة إقليمية لها. بدوره تحدث د. وليد محمد علي موضحاً في بداية مداخلته أن المشروع الصهيوني استهدف فلسطين كقاعدة ارتكاز لمشروعه في مواجهة الأمة العربية فهو لا يهدف للسيطرة على فلسطين فحسب بل على الأمة العربية برمتها ليبقي عليها ضعيفة، مفككة، وأرضاً للنهب. وأشار علي إلى ما أسماه بالثالوث المعادي معدداً أجزاءه الثلاثة وهي: التخلف، التجزئة، وتهويد فلسطين، حيث أكد أن هذا الثالوث يسند بعضه بعضاً للإبقاء على الأمة العربية أمة فاشلة يسهل السيطرة عليها، وأن المخرج الوحيد هو المشروع التحرري الفلسطيني كجزء من مشروع أوسع على مستوى المنطقة العربية الإسلامية. من ناحيته، بدأ د. محمود الزهار القيادي في حركة حماس ووزير الخارجية في الحكومة الفلسطينية في غزة، بالإشارة إلى نظرية الأمن القومي الصهيوني التي تعتمد عليها إسرائيل عند شنها لحروبها حيث عدد سبع نقاط أساسية تبني إسرائيل نظريتها على أساسها موضحاً أن المقاومة الفلسطينية تمكنت من معادلة هذه النظرية عبر مواجهة هذه النقاط بقوة توازي قوتها لأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. كما أشار الزهار أيضاً إلى الغايات المختلفة التي حققتها انتصارات الاحتلال الإسرائيلي في حروبه السابقة مبيناً كيف عرقلت المقاومة الفلسطينية مسألة تحقيق هذه الغايات خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، ومشدداً على ضرورة العمل على تطوير وسائل الدفاع عن النفس بكل الوسائل المشروعة ليس فقط لردع أي عدوان بل لاسترداد الحقوق المشروعة لشعب عانى ولا زال من العدوان الإسرائيلي. أما الجلسة الثانية من جلسات اليوم الأول من المؤتمر والتي ترأسها أ. عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الإنسان، فقد ناقشت محور الحرب من المنظور السياسي الأوروبي والإقليمي. تحدث خلال الجلسة كل من: د. محمد إبراهيم حبيشةالباحث في الشؤون الإسرائيلية، د. رينيه ولدانجل مدير إحدى المؤسسات الألمانية في فلسطين، ود. عزام التميمي مدير معهد الفكر السياسي الإسلامي بلندن. وفي مداخلته، تحدث د. رينيه ولدانجل حول صورة الحرب على غزة في أوروبا وتحديداً في ألمانيا حيث أوضح أن السياسات الأوروبية تتغير والمواقف المساندة لإسرائيل بشكل مطلق أيضاً تتغير وذلك بسبب السياسات الرسمية الإسرائيلية التي تتجه لليمين أي التطرف، مشيراً إلى أن الحرب الاخيرة على قطاع غزة حازت على اهتمام الإعلام الألماني وحظيت بتغطية واسعة على صفحات الصحف، كما تم نقاش تداعيات هذه الحرب وتفاصيلها من قبل أبرز خمسة أحزاب ألمانية أي أن غزة لم تعد غائبة عن الساحة الألمانية كما كانت سابقاً. وأكد ولدانجل على أن غزة هي مكان يستحق الفرص وأن هناك مسئوليات منوطة بأوروبا وألمانيا وبالمجتمع الدولي برمته لرفع الحصار عن غزة ووضع حد لمعاناة سكانها وجعلها مكاناً قابلاً للعيش. من ناحيته، تحدث أ. عزام التميمي معدداً الادعاءات التي تسوقها إسرائيل كمسببات لشن حربها على قطاع غزة وهي: تزايد الحاجة لتحجيم حركة حماس بعد صفقة التبادل الاخيرة، تدفق السلاح إلى قطاع غزة، قصور حماس وعدم مقدرتها على ضبط الاوضاع في غزة، والادعاء المتعلق بقيام حماس بعمليات بأسماء مستعارة أو دون أن تتبناها. ونقل التميمي خلال كلمته ما يتم تداوله بين السياسيين الإسرائيليين بصدد ضرورة استثمار نتائج التهدئة سياسياً للانتقال لمرحلة أخرى لحل ما بات يسمى مشكلة غزة كخصم معادي لإسرائيل وكمصدر تهديد لأمن إسرائيل، عدا عن كونها تجمعاً بشرياً هائلاً يعاني جراء العقوبات المفروضة عليه، مؤكداً على ضرورة أن يدرس الطرف الفلسطيني البدائل المتاحة،المقبولة من قبل المقاومين، في ظل عدم القبول بشروط الرباعية. بدوره، تحدث د. محمد إبراهيم حبيشة الباحث في الشؤون الإسرائيلية حول رؤية إسرائيل للحرب الاخيرة على قطاع غزة حيث أكد أن ما جرى خلال عدوان نوفمبر 2012، لم يكن بمعزل عما جرى خلال عدوان 2008 – 2009، مستعرضاً نتائج الدراسة التي أجراها مركز الأمن القومي الإسرائيلي والتي لخصت أهداف إسرائيل من وراء شن الحرب على غزة في هدفين اثنين هما: ردع حركة حماس، وتقليل أعداد الصواريخ الملقاة من غزة على البلدات الإسرائيلية. كما استعرض أيضاً الرؤية التي قدمتها صحيفة إسرائيل اليوم والتي تحدثت خلالها عن مقدرة حماس على امتصاص الضربة الأولى ومنع إسرائيل من تنفيذ باقي مخططاتها. وشدد حبيشة على أهمية العمل على تطوير المنظومة الدفاعية للمقاومة الفلسطينية، واستثمار الانتصار بما يضمن إعادة تنظيم منظمة التحرير الفلسطينية وتحقيق المصالحة. وخلال الجلسة الثالثة التي ناقشت محور الحرب من منظور القانون الدولي وأدارها المحامي راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، تحدث كل من: ريتشارد فولك مقرر الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، محمود المبارك الخبير في القانون الدولي، وديزموند تيرافيرس الخبير العسكري. ففي مداخلته عبر تقنية الفيديو كونفرنس أكد ريتشارد فولك على أهمية ثلاث حقائق وهي: ضرورة أن يهتم القانون الدولي بتقييم كل مجالات ونواحي الصراع الفلسطيني، أن شعب غزة كان وبشكل مستمر ضحية للاعتداءات الإسرائيلية، والحصانة التي تتمتع بها إسرائيل والتي تمكنها من تنفيذ سياساتها. وتحدث فولك عن علاقة الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة والذي تم تنفيذه في نوفمبر 2012، بالقانون الدولي مفنداً الادعاءات الإسرائيلية التي سيقت لتبرير الهجوم على شعب يعاني جراء العقاب الجماعي المنفذ بحقه حيث لم تكن العملية الإسرائيلية دفاعية كما انها استهدفت المدنيين والمنازل والمنشات الاقتصادية والتعليمية في انتهاك صريح وفاضح لحقوق الإنسان. بدوره، تحدث د. محمود المبارك مشيراً إلى أن إسرائيل اقترفت قبل عدوانها الأخير على قطاع غزة العديد من الجرائم بحق سكانه في مقدمتها الحصار المتواصل منذ سنوات رغم آثاره وتداعياته الكارثية على حقوق السكان المدنيين، ثم جاء العدوان وخلاله تم اقتراف العديد من جرائم الحرب التي لا يختلف رجال القانون في تحديدها أو تصنيفها.وأوضح المبارك أن تبرير إسرائيل لعدوانها على غزة اعتمد على محورين هما: أن قطاع غزة لم يعد أرض محتلة وأنه كيان معادي، وأنها تمارس حق الدفاع عن النفس بموجب القانون الدولي، مضيفاً أن هذان المبرران هما عبارة عن تضليل، فمئات القرارات الأممية الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومجلس الأمن تؤكد أن الأرض الفلسطينية التي تم احتلالها في العام 1967 هي أراضي محتلة وتنطبق عليها اتفاقيات جنيف. من ناحيته، تحدث ديزموند تيرافيرس معدداً المراحل المختلفة التي مرت بها العملية العسكرية التي نفذتها إسرائيل ضد قطاع غزة في 2008 – 2009، مشيراً إلى أن العملية شكلت بالمحصلة النهائية شكلاً من أشكال العقاب الجماعي لسكان قطاع غزة. ولخص ديزموند في مداخلته دراسة أعدها بهدف معرفة ما إذا كان استمرار الحصار له آثار بعيدة المدى على الحياة في قطاع غزة، حيث أشار إلى أن عملية الرصاص المصبوب أثرت على المنطقة العازلة، القطاع الزراعي، البنية التحتية، وقطاع الصناعة، مستعرضاً أشكال الانتهاكات المنفذة في المنطقة العازلة وكيف أن هذه الاعتداءات براً وبحراً تحرم السكان المدنيين من العديد من حقوقهم وتشكل خطراً كبيراً على حياتهم، عدا عن أنها تلتهم ثلتي المناطق الزراعية في القطاع، و84% من الموارد السمكية. هذا وقد تخلل جلسات اليوم الأول من المؤتمر العديد من المداخلات التي ساهمت في إثراء النقاش بين كل من جمهور الحضور والمتداخلين من خبراء وباحثين. جدير بالذكر أن أعمال المؤتمر ستتواصل يوم غد حيث سيتم عقد ثلاث جلسات تناقش الحرب من منظور عسكري وأمني، الحرب في الإعلام العربي والدولي، والحرب من المنظور الاقتصادي والاجتماعي. وستختتم فعاليات المؤتمر بالحفل الختامي والتوصيات.