خبر : التعتيم المطلق يضعنا في الظلام / بقلم:يوسي بيلين / اسرائيل اليوم 17/2/2013

الأحد 17 فبراير 2013 03:47 م / بتوقيت القدس +2GMT
التعتيم المطلق يضعنا في الظلام / بقلم:يوسي بيلين / اسرائيل اليوم 17/2/2013



  الحديث في الظاهر عن مأساة لم يكن من الممكن التصرف معها بصورة مختلفة. فقد عمل انسان جُند للموساد – بحسب مصادر اجنبية – على نحو كان يمكن ان يضر – في ظاهر الامر – بأمن الدولة، واعتقد الجهاز الامني ان مجرد نشر نبأ اعتقاله قد يضر بأمن الدولة ولهذا لم يخف فقط سبب اعتقاله بل حقيقة اعتقاله ايضا.             لم يفعل ذلك بحسب رأيه فقط: فقد استأجر محامين ذوي شأن للدفاع عن المشتبه فيه، وأصدرت المحكمة بتركيبات مختلفة أمر حظر نشر القضية، وعلمت العائلة بالاعتقال ولقيته زوجته ملتزمة بالحفاظ على السرية؛ وعُرض على زغيير صفقة وقبل ان يستقر رأيه على قبولها لقي حتفه، منتحرا كما يبدو. ولولا ان نشر التلفاز الاسترالي القضية فلربما علمنا بها بعد خمسين سنة وربما لم نعلم ألبتة.             ما الفظيع هنا اذا؟ كان هنا إضرار شديد لا يقبله العقل بالحق الأساسي في علنية المحاكمة. ولا تستطيع اسرائيل ان تتحمل إضرارا كهذا. يوجد فرق كبير بين اجراء محاكمة وراء أبواب مغلقة وبين تعتيم مطلق على اجراء المحاكمة.             إن الظاهرة التي كان يعاقب الناس فيها ويتعفنون في السجن لأن الاجهزة الامنية كانت تعتقد انه ينبغي فصلهم عن الجمهور وان الكشف عنهم قد يضر بالنظام العام، قد ميزت منذ الأزل اجهزة حاكمة تعسفية. وليس في هذا ما يقول ان جهاز القانون في اسرائيل ظلامي لكن يجب علينا ان نحذر هذه الظواهر كالحذر من النار.             خلص جهاز الامن كما يبدو الى استنتاج ان الحديث كان عن إضرار شديد بصورة مميزة بأمن الدولة. وأنا على يقين من ان القرار على اخفاء الاعتقال بسبب ذلك لم يكن سهلا، وأريد أن اؤمن بأن هذا الشيء نادر جدا. من المؤكد ان العائلة فضلت عدم الكشف عن اسم عزيزها بأنه مشتبه به في جناية أمنية شديدة. وطُلب الى القضاة ان يبتوا أمر حظر النشر ووافقوا على تمديده مرة بعد اخرى صدورا عن الشعور بأنهم "يعيشون بين أظهر شعبهم"؛ وأنهم يزنون بالقسطاس المستقيم حقوق الانسان في مقابل الاضرار بالأمن، ويخلصون الى استنتاج انه يجب عليهم ان يقبلوا توصية جهاز الأمن. وقد اخطأوا. لأن استقرار الرأي على عزل بن زغيير تماما وعدم الكشف عن حقيقة اعتقاله ما كان يجب ان يحصل على موافقتهم مهما بلغ ذلك من الخطر.             لا يمكن في دولة ديمقراطية في القرن الواحد والعشرين اخفاء أمر اجراء محاكمة. وإن حقيقة ان القضية شارك فيها محامون وقضاة لا تمنع القشعريرة التي تصيب من يؤمن بأن هذا لا يمكن ان يحدث عندنا.             يحسن ان نتذكر انه لو أُخفي اعتقال درايفوس عن الرقابة الفرنسية لما استطاع إميل زولا ان يتهم أحدا. لم يكن زغيير بالضرورة درايفوس لكن كان ذا حق في ان يتوقع إميل زولا خاصا به.