القدس المحتلة / سما / حظيت زيارة الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، إلى مصر الأسبوع الماضي باهتمام كبيرٍ من قبل وسائل الإعلام العبرية ومن صناع القرار في تل أبيب، كما أن مراكز الأبحاث حاولت سبر أغوار هذه الزيارة التي وُصفت بالتاريخية، بما في ذلك تداعياتها على العلاقات الثنائية بين طهران والقاهرة، وتأثيرها على العلاقات المصرية مع الولايات المتحدة الأمريكية ودول الخليج العربي، خصوصا وأن وزير الخارجية السعودي أعلن أول من أمس مرة أخرى عن خشية بلاده من البرنامج النووي الإيراني، خلال مؤتمر صحافي عقده مع نظيره النمساوي في فيينا. ورأت دراسة صادرة عن معهد بيغن ـ السادات أن من شأن هذه الزيارة أنْ تؤدي إلى تحسنٍ ملموسٍ بين الدولتين، ذلك أن الرئيس محمد مرسي يوجه عبرها رسالة قوية إلى واشنطن مفادها أن مصر في عهده تختلف كليًا عن مصر في عهد النظام البائد، ولكن بموازاة ذلك، أكدت الدراسة أن الزيارة سوف تأتي بنتائج عكسية، لأنها تُهدد المساعدات التي تحصل عليها القاهرة من واشنطن، خصوصا وأنها في أمس الحاجة إليها، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية في بلاد النيل، وبالتالي فإنه في نهاية المطاف، سيتوصل صناع القرار في القاهرة إلى نتيجة حتمية بأن العلاقات الوثيقة مع أمريكا ودول الخليج أهم بكثير من العلاقات مع الإيرانيين، على حد تعبير مُعد الدراسة. ومضت الدراسة قائلةً إن مرسي هو أول رئيس منتخب بطريقة ديمقراطية، وفهم بالطريقة الصعبة مدى صعوبة تنفيذ القناعات الشخصية كرئيس للدولة، فداخليًا فوجئ بالمقاومة التي طرحتها المعارضة الوطنية لمحاولاته أسلمة مصر سياسيًا، أما على الصعيد الخارجي فإن محاولاته لتحسين العلاقات مع إيران من خلال الدعوة الشخصية للرئيس الإيراني للمشاركة في اجتماع المؤتمر الإسلامي، والاحتفالات التي رافقت الزيارة أدت لبروز معارضة قوية في مصر لهذا التقارب مع طهران. ولكن من الناحية الأخرى، فإن مرسي أراد توجيه رسالة داخلية وخارجية عن طريق هذه الزيارة: مصر تحت مرسي ليست دولة عميلة للولايات المتحدة كما كان يُنظر إلى مصر في عهد مبارك، كما أنه من الأهمية بمكا. و قالت الدراسة، إن مرسي، خلافًا لمبارك، الذي لم يتمكن من فرض وقف كامل لإطلاق الصواريخ على إسرائيل من قطاع غزة، فعل ذلك في المرة الأخيرة وأجبر حماس على وقف إطلاق الصواريخ باتجاه جنوب إسرائيل، وهو الأمر الذي لم يفعله مبارك منذ سقوط أول صاروخ قسام على الدولة العبرية في العام 2001، ولكن، زادت الدراسة، أنه للأسف الشديد، سيتراجع الرئيس المصري، الذي بذل جهودًا كبيرة للتوصل إلى هدنة دائمة ليس فقط من منطلق تضارب المصالح للدول المتصارعة، بل بسبب ارتفاع منسوب الطائفية لدى السواد الأعظم من أوساط الجمهور المصري. كما قالت الدراسة الإسرائيلية إن الأزمة الاقتصادية التي تعصف بمصر في هذه الفترة بالذات، حيث انخفضت احتياطيات العملات الأجنبية في مصر بنسبة 9 في المئة في الشهر الماضي ووصلت إلى 13 مليار دولار، يدفع مرسي إلى توثيق العلاقات مع إيران، وتحديدًا لأنه في حاجة ماسة إلى معونات سريعة، ذلك أنه حتى اليوم تعتمد مصر على مصدرين: أمريكا وأوروبا، عن طريق صندوق النقد الدولي، أو دول الخليج. ولفتت الدراسة إلى أن المملكة العربية السعودية والإمارات المتحدة قدمت لمصر في العام 2011 معونات بقيمة 7 مليارات دولار في العام 2011، ولكن تحسين علاقاته مع طهران من شأنه أنْ يؤدي إلى قطع المساعدات من دول الخليج، كما أن تحسين العلاقات مع طهران سيؤثر سلبًا جدًا على أكثر من مليون مصري، بمن فيهم نجله الذي يعمل طبيبًا في العربية السعودية، والذين يقومون بتزويد عائلاتهم في مصر بالأموال الكثيرة لمساعدتهم في العيش. علاوة على ذلك، قالت الدراسة إن التقارب المصري-الإيراني يحمل في طياته تداعيات سلبية على مصر، أكثر من الولايات المتحدة، فإيران تدعم العراق الذي تُسيطر عليه نخبة من الشيعة منذ العام 2004، كما أنها تدعم الثورة الشيعية في البحرين، علاوة على ذلك، تُواصل تطوير برنامجها النووي، وهذه العوامل الثلاثة تؤثر سلبًا على الأمن القومي لدول الخليج العربي، الأمر الذي سنعكس على العلاقات مع القاهرة. على الساحة الداخلية، رأت الدراسة، إنه في الوقت الذي فيه العديد من المصريين الذين يرغبون بتحسين العلاقات مع إيران، هناك أيضًا العديد من المعارضين لمثل هذا التحسن على أسس طائفية ومذهبية، وخصوصًا أن مصر أكبر وأبرز دولة عربية سنية، كما أن هناك مخاوف كبيرة في مصر، وفي مقدمتها من قبل الزهر، من محاولات إيران تشييع المصريين، الذين هم بسوادهم الأعظم من أهل السنة. كما أن الجمهور المصري الواسع غاضب من إيران ومن حزب الله، على حدٍ سواء، بسبب دعمهما لنظام المالكي في العراق ونظام الرئيس الأسد في سورية، حيث يرون أن الأسد والمالكي يقومان بقمع السنة بأساليب وحشية جدًا، كما أن إيران، بحسب الدراسة، تقوم بدعم القوى المتعاونة معها في اليمن وفي البحرين، الأمر الذي يُفسره المصريون على أنه محاولات إيرانية واضحة لزعزعة الاستقرار في الدول التي تُحكم من قبل السنة. وتساءلت الدراسة الإسرائيلية ما هو السبب الذي دفع مبارك إلى اللعب بالورقة الإيرانية؟ هل الاستقبال الحافل للرئيس الإيراني في المطار كان يحمل رسالة إلى دول الخليج والولايات المتحدة الأمريكية؟ ورجحت الدراسة أن تصرف مرسي خلال زيارة نجاد إلى القاهرة كان أيضًا رسالة قوية جدًا لحكام الخليج تحديدًا، لكي تحصل بلاد النيل على مكافأة ضخمة من دول الخليج للحفاظ على مصر إلى جانبهم، أيْ أن مرسي حاول خداع الأمريكيين ودول الخليج عن طريق استضافة نجاد، ولكن الدراسة خلصت إلى القول إن مصر، بوصفها دولة مجردة من النفط وحقول الغاز الغنية، من غير الممكن أنْ تكون تابعة لأمريكا ولدول الخليج، ومهما كانت موالاة مرسي لهذه الدول، يبقى الانتماء الديني لحركة الإخوان المسلمين أقوى من أي انتماء، على حد قول الدراسة الإسرائيلية.