رام الله / سما / خلصت دراسة أعدها معهد الدراسات الاقتصادية ’ماس’ بعنوان ’تنفيذ تعاقدات الإقراض الصغير في الأراضي الفلسطينية المحتلة’ إلى عدم وجود تشريع خاص لقطاع التمويل الصغير بالمفهوم والغايات المتعارف عليها عالميا. وأشارت الدراسة التي عرضها الأستاذ المساعد في جامعة بير زيت محمود دودين، إلى غياب قواعد قانونية تحدد مفهوم الإقراض الصغير ومتناهي الصغر أو الجهات المستهدفة من القطاع، ولم يتم تصميم الإطار التشريعي المنظم لمؤسسات الإقراض للنهوض بهذه الفئات، بقدر ما كان وجها لتنظيم عمل مؤسسات الإقراض. وقارنت الدراسة بين التوجه التشريعي والتنظيمي الجديد لمؤسسات الإقراض الصغير ’قانون المصارف 2010 وقرار رقم 132/2011 بشأن الترخيص والرقابة على مؤسسات الإقراض المتخصصة’ وتعليمات ترخيص مؤسسات الإقراض 1/2012 مع الممارسات الدولية الفضلى ذات الصلة. وخصصت الدراسة المحور الثاني للوقوف على الواقع العملي لتنفيذ عقود القرض، بهدف الخروج بسياسات تطويرية لقطاع التمويل الصغير على الصعيدين النظري والعملي. وخلصت إلى وجود حالة من الإرباك وعدم اليقين بين عينة من مؤسسات الإقراض التي لا تلبي البيئة التنظيمية الجديدة. كما كشفت عن توجه معظم مؤسسات الإقراض المسجلة كجمعيات نحو التحول إلى شركات ربحية بسبب عدم التمييز الإيجابي لصالح الشركات غير الربحية، ما أدى إلى انحسار خدمات التمويل الصغير في الشركات الربحية وحدها. واعتبرت الدراسة الضمانات لدى مؤسسات الإقراض بغير المناسبة والمتمثلة بالكمبيالات والشيكات، بالإضافة إلى الكفالة الشخصية. ورأت أن المستفيد الأكبر من خدمات التمويل هم الأفراد، وهم يرون أن هناك حاجة لتنويع الخدمات المالية المقدمة لهم، مثل قبول الودائع والادخار والتأمين الصغير. وأظهرت أن متوسط نسبة القروض محل النزاع لأعوام الدراسة وصلت إلى 3.8% من مجمل القروض المتاحة في الضفة الغربية، في حين لم تزد هذه النسبة على 1% في قطاع غزة. وأوصت الدراسة بإعادة النظر في بعض أحكام النظام رقم 132 لسنة 2011 وتعليماته، وبمنح مؤسسات الإقراض المطلوب منها التحول للشكل القانوني، إعفاءات وتسهيلات ضريبية بسبب كلفة عملية التحول. كما أوصت بالعمل على تصنيف مؤسسات الإقراض لجهة أنواع الخدمات المالية المأذون لها مزاولتها بناء على مؤشر أداء ومعايير معينة. ودعت الدراسة إلى تنويع الخدمات المالية المقدمة للعملاء بناء على تصنيف، الاستمرار في سياسة تحرير أسعار الفائدة بتجنب وضع سقوف منخفضة لها، لأنها تحد من قدرة المؤسسات على تغطية المخاطر المرتقبة والتكاليف الإدارة. ووصف أستاذ الاقتصاد يوسف شندي الدراسة بالقيمة لأهمية الموضوع عالميا، موضحا أن 90% من المؤسسات في أوروبا صغيرة ومتوسطة، وأنها وسيلة للحد من الفقر كما ترى الأمم المتحدة. واعتبر شندي أن أهمية هذه الدراسة تنبع من جمعها بين النظري والقانوني وإسقاطه على واقع مؤسسات الإقراض، ووصل إلى نتيجة واضحة بغياب التنظيم السليم وعدم تحقيق فلسفلة تنظيمه. وبين أن أغلب مؤسسات الإقراض في فلسطين جمعيات غير ربحية، وعليها التحول إلى مؤسسات ربحية، وهذا يعني فعليا إخراج العديد من المؤسسات الدولية المقدمة للإقراض، كما أن اعتماد مؤسسات الإقراض على المنح هي من الإشكاليات التي تجابهها، وحجمها لا يتناسب مع الوضع القائم. ودافعت سلطة النقد على لسان ممثليها عن القانون، مشيرة إلى أن الدراسة لم تأخذ برأي سلطة النقد وأن القانون تم عرضه أمام بنوك مركزية عالمية مادة مادة، والنظام لم يمنع مؤسسات الإقراض من الحصول على ودائع، لكن سلطة النقد رأت أهمية حوكمتها ومأسستها قبل السماح لها بالحصول على الودائع، وترى في مؤسسات الإقراض نواة لبنوك متخصصة في الإقراض الصغير. وطالبت مؤسسات الإقراض على لسان ممثلين لها بضرورة وجود مفهوم وطني لحجم الإقراض، وعدم الانجرار وراء تعريف عالمي له لتباين مستويات الدخل بين الدول. كما طالبوا بأهمية اعتماد الرسائل الاجتماعية لمؤسسات الإقراض، لأن هناك مفهومين عالميين أحدهما يؤدى لتحويل الفقر إلى مادة للاستثمار، وهناك مفهوم اجتماعي يرى في هذه المؤسسات أداة لتخفيف الفقر، وأن الدول التي انحرفت عن المفهوم الاجتماعي واجهت مشاكل كبيرة مثل الهند، لتحول مفهوم الإقراض من مفهوم تنموي إلى ربحي للشركات الخاصة والمؤسسات الربحية.