على مدى السنين أظهر افيغدور ليبرمان وداني أيلون جبهة سياسية موحدة. أما الآن فكل شيء تغير: بعد بضعة أشهر من افتراق طريقيهما في السياسة واخراج أيلون من قائمة اسرائيل بيتنا للكنيست، يبدو أن هذا يحصل ايضا لطريقيهما الايديولوجيين. فقد فاجأ أيلون، الذي كان حتى وقت قصير مضى، نائبا لوزير الخارجية حينما قال أمس إن على اسرائيل ان تعترف بدولة فلسطينية في حدود مؤقتة مقابل ان يعترف الفلسطينيون باسرائيل بأنها الدولة القومية للشعب اليهودي. وجاءت تصريحات أيلون في اثناء حدث ثقافي في حولون قُبيل زيارة الرئيس الامريكي الى اسرائيل في الشهر القادم. والتقى أيلون برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مكتبه يوم الاربعاء الماضي وعرض عليه خطته السياسية لاحداث اختراق مع الفلسطينيين. وحسب أيلون، فان المرحلة الاولى هي الاعتراف مقابل الاعتراف. أما المرحلة الثانية فهي منح سيادة للفلسطينيين في الاراضي التي تحت سلطتهم. وبتعبير آخر – تسوية انتقالية بعيدة المدى مقابل ترتيبات أمنية متشددة. وحسب أيلون، ففي المرحلة الاولى تبقى المسؤولية الامنية عن المنطقة (ب) (التي هي اليوم ضمن السيطرة المدنية للفلسطينيين) في يد اسرائيل وتنتقل الى الفلسطينيين بعد ان تتوفر فقط شروط متشددة تضمن أمننا. "تمنح اسرائيل سيادة واستقلالا للفلسطينيين وبالمقابل يعترفوا باسرائيل بأنها الدولة القومية للشعب اليهودي ويسمحوا بترتيبات أمنية"، قال أمس أيلون وأضاف إن "على رئيس الوزراء أن يقول إنني مستعد للاعتراف بكم ولكن عليكم ان تعترفوا بي، ومن هناك نتقدم الى تسويات مستقبلية. أريد أن يقول أبو مازن بالعربية، وليس بالعبرية أو بالانجليزية، انه يعترف باسرائيل بأنها الدولة القومية للشعب اليهودي. وهذا سيؤثر على الأجيال". وسُئل أيلون كم هو رئيس السلطة أبو مازن معني بالفعل بتسوية سلمية فأجاب: "الحد الأدنى الذي يطالب به الفلسطينيون لا يقترب مما تُبدي اسرائيل استعدادها لاعطائه. أبو مازن يريد الابقاء على كونه الرئيس الذي حقق للفلسطينيين اعترافا دوليا واسعا، دون أن يتنازل عن القدس وعن حق العودة. ومع ذلك، فانه ملزم بالحساب للامريكيين الذين يُقدمون له الدعم". وانتقد أيلون سياسة "التهديدات" الاسرائيلية وقال: "الولايات المتحدة تتحدث بهدوء مع عصا كبيرة في اليد، أما عندنا فالاقوال هي بصوت عالٍ مع جزرة قزمة في اليد". أقل حماسة بكثير ممن كان نائبه بدا أمس وزير الخارجية السابق افيغدور ليبرمان. فقد قال ليبرمان ان "من يعتقد انه يمكن الوصول الى حل سلمي شامل سحري مع الفلسطينيين – لا يفهم. فالامر متعذر. لا يمكن الوصول الى حل للنزاع. يجب ادارة النزاع، ومهم ادارته. يجب ادارة مفاوضات على تسوية انتقالية بعيدة المدى". وعاد ليبرمان وأكد بأن الكرة لا تزال توجد في يد رئيس السلطة الفلسطينية وان اسرائيل مستعدة لأن تجري مفاوضات دون شروط مسبقة. وتجدر الاشارة الى انه خلافا لرأي داني أيلون، فان كل المحافل السياسية ذات الصلة، في اسرائيل وفي الادارة الامريكية على حد سواء، تعتقد بأنه لا أمل في الوصول الى تسوية دائمة في الفترة القريبة القادمة. ولهذا فان ليبرمان لم يقل شيئا يشكل تضاربا مع سياسة الامريكيين مثلما ستجد تعبيرها المشدد مع حلول زيارة اوباما. وذلك رغم ان رئيس الوزراء نتنياهو قال لوزير الخارجية الامريكي جون كيري ان الحكومة الجديدة برئاسته ملتزمة بالسلام وأنها "معنية بتحريك مسيرة سياسية واعية ومسؤولة". ليس سرا ان اخراج أيلون من قائمة نواب اسرائيل بيتنا في اطار القائمة الموحدة قُبيل الانتخابات الاخيرة شكل مؤشرا واضحا على الشرخ الذي نشأ في شبكة العلاقات بينه وبين ليبرمان. وعلى سؤال لماذا لا يحبه ليبرمان قال أيلون أمس: "لا أدري. كنت زميلا لليبرمان. لم يشرح لي لماذا أقالني ولكن كان يجب عليه على الأقل ان يعطي تفسيرات للحزب وللمؤيدين. في السنوات الاربعة الاخيرة نجحت في تحدي تمثيل اسرائيل. شعرت بالواجب للدفاع عن ليبرمان. في العالم اعتبروه منبوذا. واحتراما له لن أقول ما قالوا عنه. لا أريد أن أمس به. ولم تُجدِ حتى أقوالي التي لم تكن دبلوماسية، مثل أن اوروبا كلها لاسامية وانه يجب دفع أبو مازن والسلطة الى الانهيار. هذا لم يساعد الطريق الذي ينظر فيه العالم اليه. لم يُصدقوه. رغم انه قال انه مستعد لأن يُخلي بيته في كدوميم". وسُئل ليبرمان عن اقوال أيلون فرفض الرد صراحة إذ قال "الرجل غير جدير بالتعقيب. قبل أن يُنتخب ليكون نائبا لوزير الخارجية وصل داني أيلون الى مواجهة حادة مع سلفان شالوم الذي كان وزيرا للخارجية بل ووبخته وزيرة الخارجية لفني، والآن خلق وضعا من عدم الثقة مع وزير الخارجية افيغدور ليبرمان". وسُئل ليبرمان عن توزيع الحقائب في الحكومة الجديدة فأوضح بأن "حقيبة الخارجية لن تعطى للبيد، فهي ستبقى بيد رئيس الوزراء حتى الحسم في المحاكمة".