خبر : مشعل في غزة ... المبتدأ والخبر ..توفيق وصفي

الأربعاء 12 ديسمبر 2012 09:43 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مشعل في غزة ... المبتدأ والخبر ..توفيق وصفي



كظمتُ غيظي وكبحتُ حنقي على شرطة المرور ومسلحي القسام الملثمين، مساء الجمعة الأخيرة، حين انتشروا على معظم المفترقات والشوارع في مدينة غزة، لتأمين طريق ضيفها الكبير خالد مشعل "زعيم حركة حماس" كما وصفه رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنية، بالرغم من اضطراري إلى الدوران عبر أكثر من طريق فرعية حول مستشفى الشفاء ثلاث مرات دون أن أفلح في الوصول إلى البوابة الرئيسة، وأنا في الطريق لعيادة أمي المريضة ورعايتها. تقبّلت الأمر كمواطن عادي حيادي، تستقبل مدينته شخصا غير عادي، سبقته تصريحاته الدافئة تجاه الشعب والفصائل وغزة، ومواقفه التصالحية الأخيرة حول كل ما هو فلسطيني، ما يوجب النظر إلى زيارته الفريدة لغزة بتفاؤل أبعد مدى من المشاعر الشخصية، قد يصل حدّ انتعاش الأمل بالوحدة التامة، الذي كاد أن يتبدد في حضرة مخاوف ثقيلة، أشدها إثارة للذعر تكريس الانقسام بين أبناء الشعب الفلسطيني إلى الأبد. الفتحاويون هم الأكثر تفاؤلا بين جموع الشعب بزيارة أبي الوليد إلى غزة، التي تخللتها محطات لافتة، كانت ذروتها خطابه "الإيجابي جدا" في ذكرى انطلاقة حماس، كما وصفه عضو اللجنة المركزية لحركة فتح عزام الأحمد. شعروا لأول مرة منذ الانقسام في حزيران 2007 بأنهم قد يستعيدون ما ينقصهم من متطلبات الابتهاج والتفاؤل العارم، كالسماح لفتح بالاحتفال بانطلاقتها في قطاع غزة، بروحية احتفال حماس بانطلاقتها، لتكون ذكرى انطلاقة فتح عرسا وحدويا شاملا آخر، يعزز الصورة الأكثر لفتا في احتفال حماس، تعانُق الرايات! يقول موشيه يعلون نائب رئيس وزراء إسرائيل والرئيس الأسبق للاستخبارات العسكرية "أمان" إنه لا فرق بين مشعل وأبو مازن، معيدا إلى الذاكرة التعبير نفسه عن الزعيم الراحل أبو عمار والرئيس أبو مازن، الذي يُكثر ساسة إسرائيل من استخدامه عند زعمهم أنه ما من شريك فلسطيني للسلام، ويسحبون ذلك على كل فلسطيني يتمسك بالحد الأدنى من الثوابت المتفق عليها بإجماع وطني، دون أن يقتنعوا بأنه ما من فلسطيني يجرؤ على التنازل عن أي من هذه الثوابت، ولو كلفه الأمر حياته. الشعب يصنع قادته وزعماءه، الذين يُصبحون ربابنة سفينته وهي تشق البحر باتجاه الميناء الأم، ينتظر منهم ما يُعزز ثقته بأن بلوغ الأمل حتمي، وإن طال الزمان، لا أن تتنازعهم تيارات البحر وأمواجه فيتيهون ومن في السفينة في لجته. الشعب ليس قطيعا يصبر حتى يموت، بل يصمد بفعل إرادة جبارة في الحياة، تستحق أن يقودها قادة شجعان، في الحرب والسلم، في الكفاح السلمي والعسكري، إذ أن القطيع نفسه بحاجة إلى راع وعصا لحمايته، عدا عن الناي أو الربابة! غدا الخميس مهرجان انطلاقة حماس في نابلس، عود على بدء، والعقبى عند فتح في غزة، التي اختارت شعارا ذكيا لمهرجانها الموعود "الدولة والانتصار"، تجسيدا لتناغم وحدوي بين إنجاز الأمم المتحدة وانتصار غزة كخطوتين فلسطينيتين في الاتجاه نفسه، تشكلان المبتدأ في سلسلة من الخطوات الأخرى، تمهد للانتقال إلى مرحلة جديدة من الكفاح من أجل الحرية والاستقلال، وهذا هو الخبر!