كان الوقت مبكرا ربما السادسة في الصباح حينما أيقظني من نومي قرع الهاتف قرب سريري. وكان على الخط "سولي" أليئيف. ان سولي، وهو رجل محبوب ودود، كان وما يزال منذ سنين الروح الحية في علاج أنفاق الحائط الغربي وما حوله. وليست القدس في مقدمة فرحه بل هي فرحه نفسه. "اخترقنا قبل بضع دقائق الحائط بأنفاق الهيكل"، قال سولي في ابتهاج. "وأنت أول من أتشرف بابلاغه". "يا سولي"، أجبته فورا في حزن "سنضطر الآن الى عد القتلى فقط". حتى ذلك الصباح كان لأنفاق الحائط الغربي، وهو ما بقي لشعب اسرائيل من ماضيه التاريخي، عيب ما وهو انه لم يكن من الممكن المرور فيها والخروج الى الخارج في النهاية. فقد كان سور من الحجارة يفصل النفق عن الشارع، ورفضت طريق الآلام والأوقاف الاسلامية المسؤولة عن الاماكن المقدسة للمسلمين، رفضت بشدة الموافقة على هدم السور. وكانت النتيجة غير المريحة ان زائري الأنفاق اضطروا الى قطع الطريق كله عائدين الى المخرج الرئيس وهكذا مُنعت مجموعات اخرى من دخول الأنفاق ما لم تخرج المجموعة السابقة. ووقعت خسائر مالية بسبب ذلك ايضا. وحُكم على محادثات تمت سنين طويلة مع الأوقاف الاسلامية، بالفشل. فقد رفضت الأوقاف ذلك ايضا لاسباب قومية وسياسية. وقد أراد اسحق رابين مثل سلفيه – اسحق شمير ومناحيم بيغن – أراد جدا فتح ذلك السور لكنه أحجم. وقال المسلمون دائما وللجميع ان فتح السور سيؤدي الى سفك دماء. وقد أمر بنيامين نتنياهو إذ كان رئيس وزراء في ايلول 1996 بفتح سور النفق وفي ذلك اليوم والايام التالية نشبت أحداث دامية كلفت حياة 17 جنديا من الجيش الاسرائيلي و70 فلسطينيا ومئات الجرحى. لم يكن مناحيم بيغن أقل من نتنياهو شعورا وطنيا. ولم يكن اسحق شمير أقل من نتنياهو شعورا قتاليا. ولم يكن اسحق رابين أقل زعامة من نتنياهو. ولم يكن شمعون بيرس أقل تمسكا بالأمن من نتنياهو. لكن لا أحد منهم اعتقد ان جرحا صغيرا لجندي في الجيش الاسرائيلي يعادل راحة المرور بالأنفاق لثمانين من الجدات اليهوديات من ديترويت. فقد اختاروا ألا يُسقطوا السور بعد ان حذرتهم الجهات الأمنية. ولم تؤثر في بيغن وشمير ورابين وبيرس ايضا الكرامة القومية ولم يردوا بغضب مقدس يقول "من سألهم أصلا؟" و "سنُريهم"، حينما تلقوا تقريرا عن تحذيرات الأوقاف من سفك الدماء. وقد قال آخرون من قبل ان الزعيم يُمتحن بقدرته على ضبط نفسه لا بشعوره بالاهانة حتى أعماق نفسه. لماذا نقول ذلك؟ انه بسبب الرد الصهيوني المناسب على أثر التصويت في الامم المتحدة على رفع مكانة السلطة الفلسطينية. كان الرد الاسرائيلي متوقعا جدا وهو أننا سنُلبس المناطق عباءة من الاسمنت والطوب، وتكون E1 في مقدمة أفراحنا وهي المنطقة غير الكبيرة التي تفصل معاليه ادوميم عن القدس – وهي منطقة حساسة لعدة اسباب. يتذكر ذوو الذاكرات الحادة بصورة صحيحة ان E1 تُطرح على المائدة السياسية في كل مرة نحتاج فيها الى الانتقام. كان بني كشرئيل رئيس مجلس معاليه ادوميم البلدي ما يزال صغيرا كما يبدو حينما بحثوا في التخطيط والبناء في المنطقة المسماة E1، والآن وقد شاب ما يزال يسمع عن نوايا البناء هناك (ويتحمس كل مرة من جديد). اليكم اذا آخر الأخبار: سينمو في المنطقة E1الكثير من النباتات الشائكة قبل ان يضعوا هناك أول كف اسمنت (هناك من يقولون ان هذا القول خاصة سيحث رئيس الوزراء على ان يبني هناك سريعا واذا حدث ذلك فالويل لرئيس وزراء في اسرائيل تُملي عليه اقوال اعلامية طريقه). يشبه الرد على التصويت في الامم المتحدة ردود ولد صغير أخذوا منه دميته، فهو يبكي ويقول: "سأُريكم" وهو يُريهم. ان E1 هي نفق الحائط الغربي في 1996 بيد ان الثمانين جدة يهودية من ديترويت اللاتي يجتزن مدخله لا يعلمن انه قد رُوي بدماء 17 جنديا من الجيش الاسرائيلي (وعشرات الفلسطينيين الآخرين). كما كانت الحال في 1996، هذا قرار بوباي للفقراء، بيد انه قد يُغسل بالدم بدل تناول السبانخ.