لو كان بوسع الحكومة أن تعيد الـ 48 ساعة الاخيرة في نفق الزمن، لفكرت من جديد بقرارها توسيع المستوطنات بـ 3 الاف وحدة سكن وتجميد تحويل الاموال للفلسطينيين. لا ريب عندي في ذلك، ولكن الحقيقة يجب ان تقال بان دوائر رئيس الوزراء ردت على هذه الفرضية بقول واضح: لا وكلا. صحيح ان حكومات ودية في اوروبا لم تهدد باعادة سفرائها الى الديار. ولكن صحيح ايضا ان ممثليها اطلعت محافل اقتصادية وتجارية واعلامية على ان هذه الامكانية تدرس في وزارات الخارجية لبعض منها. هذا لا يعني ان ليس لاسرائيل ما تختلف فيه معها. فهي كفيلة لاتفاقات اوسلو التي تعهدت فيها الاطراف بالامتناع عن خطوات احادية الجانب، وهذا بالضبط ما فعله أبو مازن لدى توجهه الى الامم المتحدة بطلب الاعتراف بفلسطين كدولة مراقبة. اين وجدت كفالة اوروبا تعبيرها وتحقيقها، اذا كانت ايدت التوجه او امتنعت في افضل الاحوال (باستثناء تشيكيا التي عارضت، وبالتالي فقد وسع بنيامين نتنياهو رحلته الجوية من المانيا الى براغ ايضا كي يشكر زعمائها). أبو مازن يعتبر منذ مؤتمر كامب ديفيد 2000 الرافض المواظب للمفاوضات. الحق مع اسرائيل ولكن هل الحكمة ايضا؟ من سيسأل في وزارة الخارجية في القدس، سيجد أن دبلوماسيين مهنيين يعتقدون بانه يمكن استخلاص منفعة سياسية في دول ودودة من الخطوة الفلسطينية، ولكن العجب من ابو مازن حل محله الغضب على اسرائيل. وبالاساس على القرار – الذي يلمح ممثلون في عواصم مختلفة منذ الان بانه مثل شموع الحانوكا، ترى ولا تستخدم – للبناء في المنطقة E1. في الحكومة قالوا امس ان اولمرت هاجم بلغة سائبة رئيسها (فهل هذه اشارة على نيته التنافس في الانتخابات؟). ولكن حتى خطته التنازلية للفلسطينيين تتضمن ضم هذه المنطقة، التي تقع بين القدس ومعاليه ادوميم. كما أنهم نشروا وثيقة عن اسحق رابين جاء فيها، ردا على قرار الامم المتحدة الذي قرر في 1975 بان الصهيونية هي عنصرية، ان اسرائيل ستعمق البناء في المستوطنات. حقيقتان صحيحتا الحجج. ولكن كان على الحكومة أن تحذر في هذه المنطقة، التي هي ورقة اختبار لاستعداد اسرائيل للبحث في يوم من الايام في اقامة دولتين للشعبين. فمن يبني في المحور المؤدي الى معاليه ادوميم يحكم على فلسطين بان تكون مثل الباكستان في سنواتها الاولى – دولة ليس لها تواصل اقليمي. لقد أبدت الولايات المتحدة باستمرار حساسية تجاه كل امكانية أن تبني اسرائيل في E1. السياسيون يترددون ويجدون صعوبة في الاعتراف بالحاجة الى تحسين مواقفهم. وهم يرون في ذلك قلة احترام. وهم لا يفهمون بان من يعرف كيف يعترف بالاخطاء يعتبر مصداقا وواثقا بنفسه وذا رقابة ذاتية – ثلاث ميزات ليس هناك افضل منها لقيادة وطنية وعامة. الان صعب عمل ذلك. لان الحكومة التي تتصرف هكذا في عصر الانتخابات ستكون فريسة سهلة للبيت اليهودي ولكتلة قوة لاسرائيل. ولكن مع القدرة الاعلامية التي وهب بها نتنياهو يمكن اقناع الجمور بان اصلاح العالم افضل من التمسك بموقف يؤدي الى مأزق. خسارة المواظبة على هذا الاحتكاك الدبلوماسي غير اللازم.