خبر : حتى نتوج إنجازات حققناها ...طلال عوكل

الإثنين 03 ديسمبر 2012 08:45 ص / بتوقيت القدس +2GMT
حتى نتوج إنجازات حققناها ...طلال عوكل



ضربتان في الرأس توجعان، ولكن الضربتين المتتابعتين اللتين تلقتهما اسرائيل خلال شهر واحد، لا بد أنهما من القوة بحيث يتجاوز تأثيرهما وجع الرأس، الى ما يشبه حالة الإغماء، التي لا تتوقف مفاعيلها عند لحظة طارئة ثم تعود الامور الى ما كانت عليه.من غير المحتمل ان تعود الاوضاع في اسرائيل وفي فلسطين الى ما كانت عليه قبل شهر تشرين الثاني، الذي انتهى نصفه الثاني بانتصار للمقاومة وللشعب الفلسطيني، وبانتصار سياسي ودبلوماسي ايضا للشعب الفلسطيني.الحديث عن الانتصار والهزيمة، امر يخضع للنسبية، وهو حديث يدور حول جولات على طريق طويل، فنحن لم نصل الى ابواب تل ابيب، ولم نزج باسرائيل الى قفص الاتهام الدولي حيث يفترض ان تكون منذ عقود طويلة، ولكن الانجازات التي تحققت، تعيد للفلسطيني الآمال التي فقدها، بأن يوماً سيأتي نصل فيه الى كل زاوية في الارض المحتلة، وسنصل في يوم ما الى ان تخضع اسرائيل الى محاكم جرائم الحرب، أمام كل شعوب الارض، وتحت أعين من يواصلون دعم وحماية الظلم التاريخي الذي ترتكبه اسرائيل وقوى الاستعمار العالمي.في جولة مقاومة العدوان الاخير الذي شنته حكومة ثلاثي الحرب نتنياهو وليبرمان وباراك، انتصرت الارادة الفلسطينية على طغيان الاحتلال، واهدافه وانتصر السلاح المتواضع الذي يعود تاريخ استخدامه الى الحرب العالمية الاولى، على اسلحة الدمار الشامل، بما تحتويه ترسانة اسرائيل من الاسلحة المعولمة، ذات القدرات التدميرية الهائلة.كان بوسع اسرائيل ان تمسح قطاع غزة عن وجه الارض، بل ان لديها من اسلحة الدمار ما قد يؤدي الى اختفاء دول عربية عن وجه الارض، ولكنها ستكون حينذاك قد جازفت بغيابها عن وجه الارض ايضاً.اذاً، لا يجوز لأحد أن يركب ظهر الغرور فيعتقد أننا قد امتلكنا قدرة الردع او توازن القوى عسكرياً، لكن توازن القوى لا يحتسب على هذا الاساس، وانما تدخل فيه عوامل اخرى، قد تقلل من قدرة سلاح قوي، وتضاعف قدرة سلاح محدود أو ضعيف.الأمر ذاته ينطبق على الانجاز السياسي الدبلوماسي الذي تحقق في اروقة الامم المتحدة - فالفلسطينيون لا يملكون من الامكانيات المادية ولغة المصالح، ما قد يقنع معظم دول العالم، بالتصويت الى جانب دولتهم، لكنهم يملكون ناصية الحق والعدل، ويملكون الارادة، وأجزم ان هذا الانجاز كان يمكن تحقيقه قبل هذا الوقت، لو أن الحسابات الفلسطينية امتلكت هذه الارادة في وقت سابق.الانجازان اللذان تحققا خلال وقت قصير، ينطوي كل منهما على دروس، وعلى جملة من الابعاد والتداعيات، فهما يعكسان ارادة مقاومة الاحتلال، ويعكسان ايضاً تمرداً على الذات، وتمرداً على آليات عمل استمرت لفترة طويلة من الوقت. ما يؤسس لحوار وطني فلسطيني شامل، ومراجعة موضوعية قبل تحقيق التوافق على استراتيجيات وخيارات جديدة.الحديث عن استراتيجيات وخيارات جديدة، ينبغي ان لا يفزع احداً، فلا المقصود اقفال ملف المقاومة السياسية والدبلوماسية لحساب ملف المقاومة المسلحة، ولا المقصود منه العكس، فلقد جاء الانجاز الاول عبر المقاومة المسلحة في ظروف معينة مناسبة، بينما جاء الانجاز الثاني عبر المقاومة السياسية والدبلوماسية وفي ظل ظروف معينة، ومناسبة ايضا. وفي الاساس فإن السياسة الفلسطينية المستندة الى استرجاع او انتزاع حقوق وطنية اقرتها الشرعية الدولية، هذه السياسة، هي في جوهرها وفي ابعادها سياسة سلام، طالما انها تستهدف وقف الظلم والعدوان والاحتلال وارساء دعائم الحق والقانون الذي تقره شعوب الارض.في هذا الاطار يهزني شيء من الاستغراب، عندما اسمع فلسطينياً، ان كان مواطناً عادياً، او سياسياً، وبالاخص حين يكون قائداً فصائلياً، عندما يتحدث عن اي من الانجازين، ببعض الاستهزاء، او الاستخفاف، او التقليل من اهمية هذا أو ذاك من الانجازات التي تحققت. ان هذه ينبغي ان تكون من خصائص الخطاب الاسرائيلي، وليس من خصائص الخطاب الفلسطيني، وفي كل الاحوال ينبغي ان لا تكون مرهونة لحالة الاستقطاب الفصائلي او السياسي، القائم على دوام حال الانقسام الفلسطيني البغيض.كان من الاساس على هؤلاء ان يلتزموا قاعدة عامة للحكم والتقييم، قاعدة بسيطة ومعترفا بها، وهي مفهومة شعبياً، وتقول ان ما يرفضه الاخر الاسرائيلي الاميركي ينبغي ان يكون مقبولا للفلسطيني، فكيف حين يرفض الطرف الاسرائيلي الاميركي، ويقاوم ويهدد، وينفذ بعض تهديداته.علينا ان لا نتوقع من اسرائيل ان تسامح الفلسطينيين، على ما الحقوه بها من هزيمة، أدت حتى الآن الى استقالة وزير الدفاع ايهود باراك من الحياة السياسية وسيكون لها تداعيات اخرى، على تحالف ليكود بيتنا، فالتهدئة التي وقعت هشة، وقامت اسرائيل بخرقها مرات عديدة منذ ان توقف العدوان. والارجح ان اسرائيل ستعاود ارتكاب عدوان آخر وحشي ضد قطاع غزة، وربما يتوسع ليشمل الضفة الغربية سواء من خلال ميليشيات المستوطنين او من خلال الجيش وهو عدوان ممكن ان يقع قبل او بعد الانتخابات الاسرائيلية في الشهر القادم.لقد سبق لنتنياهو ان لوح بامكانية تأجيل الانتخابات المبكرة، وكان ذلك خلال ايام العدوان على القطاع، ويمكن له ولحكومته ان يعاود ممارسة العدوان، لتأجيل الانتخابات، في حال شعر بأن النتائج ستكون في غير صالح تحالف ليكود بيتنا.هذا احتمال وارد ينبغي ان لا يسقط من حساب الفلسطينيين، الذين عليهم ان لا يوفروا لنتنياهو الذريعة، ولكنّ ثمة احتمالا بأن يتأجل العدوان الى ما بعد الانتخابات وهو مرهون بطبيعة القوى السياسية التي ستفوز، إذ أدى فشل العدوان الاخير على قطاع غزة، الى رفع اكثر من علامة استفهام حول امكانية فوز تحالف ليكود بيتنا، وكان ذلك بسبب الهزيمة والفشل، وبسبب انكشاف الاسباب الحقيقية التي دفعت نتنياهو لشن العدوان ولم يكن يجرؤ على اعلانها.والان اصبح الفلسطينيون امام استحقاق تاريخي، فسواء الانجاز الاول، او الثاني، فانهما مرتهنان للانجاز الثالث، المرتقب وهو انجاز تحقيق المصالحة الوطنية وانهاء الانقسام. نحن كفلسطينيين ندفع ودفعنا، وسندفع ثمن هذه الانجازات، حيث ستواجه السلطة، عقوبات اسرائيلية واميركية، وستواصل اسرائيل خرقها لاتفاق التهدئة وتشديد ممارساتها الاستيطانية والتهويدية، وبالتالي فإن علينا ان نتقدم بسرعة نحو انجاز المصالحة، وتحقيق المراجعة، وتصحيح المسار، واشتقاق برامج واستراتيجيات جديدة، حتى لا ندفع الثمن مرة اخرى، حين نفعل ذلك في وقت آخر لو ان ذلك حصل.الاشقاء المصريون جاهزون ومتحمسون لمتابعة دورهم، وهم ينتظرون اشارات لمعاودة التحرك، ولكن نرجوكم ان تبادروا، وان لا تنتظروا أن تأتي المبادرة من مصر، خصوصاً بعد ان تأكدت بالملموس، وحدة الشعب، ووحدة القواعد التنظيمية والسياسية.