خبر : الحرب على غزة : الشعب الفلسطيني ينتصر على الانقسام ...بقلم : رجب أبو سرية

الجمعة 23 نوفمبر 2012 08:35 م / بتوقيت القدس +2GMT
الحرب على غزة : الشعب الفلسطيني ينتصر على الانقسام ...بقلم : رجب أبو سرية



هدوء مقابل هدوء، أو وقف إطلاق نار أحادي متبادل، هذا هو جوهر التوافق الذي تم في القاهرة بين مصر، نيابة عن "حماس" والولايات المتحدة نيابة عن إسرائيل، اي أن اتفاقا جديدا للتهدئة، لم يحدث، وأن كل ما جرى خلال الأسبوع الماضي من تصعيد حول غزة، لم يكن الا أشبه بمناورة عسكرية او مناوشات بين متحاربين، وقف كل منهما عند حدود القوة والضعف لدى الطرف الآخر، لا أكثر ولا أقل !ورغم التهديد الذي تخلله كثير من الإيحاء باجتياح بري لقطاع غزة من قبل الجيش الإسرائيلي، الا أن حدود المغامرة العسكرية الإسرائيلية كانت معروفة ليس الى نتنياهو وحسب ولكن لحماس ايضا، وما زال الهدف الكبير لكل منهما موضوعا على الطاولة، الأمر الذي يعني، كما أشار أمين عام الأمم المتحدة، حين قال بأن هناك كثيرا من التفاصيل التي تحيط بالملف وتجعل من حله أمراً صعباً، ويقصد التعقيدات المتعلقة بوضع غزة في اطار السلطة، ثم علاقتها بمصر، وعلاقة اسرائيل المتأزمة بالسلطة، والمرتبكة بمصر، والى ما هنالك من تفاصيل، سياسية وقانونية وليس أمنية وحسب، لذا فإن احتمالات الانفجار الكبير تبقى قائمة، ولكن الحدود كانت معروفة، وهي تصعيد محسوب، بتوسيع دائرة الاغتيالات وإلقاء المزيد من العراقيل على طريق إعمار غزة، من الجانب الإسرائيلي، واطالة مدى الصواريخ من قبل حماس، حتى وصلت الى تل أبيب والقدس.لكن لم يكن ضمن الهدف الإسرائيلي وكان هو الجهة المبادرة للحرب، والمتحكم بمداها، حيث لم يكن فعل المقاومة الا دفاعياً ورد فعل، لا اجتياح غزة ولا إسقاط حكم حماس فيها، لذا كان اللعب داخل الملعب، ولم تخرج الحرب عن سياق التحكم بها، ولو كانت إسرائيل تبحث عن مبرر أو سبب لاجتياح القطاع أو إسقاط حكم حماس، لجعلت من سقوط ضحايا في جانبها، او من ظاهرة وصول الصواريخ الى عمقها، سبباً كافياً لهذا، ولكن اسرائيل، تريد تحقيق هدف امني بعيد المدى، وتقبل بل وتسعى إلى إقامة كيان مستقل في غزة، ولكن شرط ان يكون منزوع السلاح، فيما الهدف الإستراتيجي لحماس، هو إقامة هذا الكيان، من خلال كسر الحصار، لذا فإن الطرفين يلتقيان عند هذا الهدف، وهو الحفاظ على كيان غزة منفصلا، إسرائيل تريده منفصلا عن الضفة وعن السلطة، وحماس تريده حرا ومتحررا، حرا من الحصار ومتحررا من الاحتلال، لذا فان عدم الاتفاق على صفقة " كيان منزوع السلاح مقابل كسر الحصار" هو الذي لم يتم، لذا بقي الحال على حاله، في انتظار تطورات او ترتيبات قادمة، ربما تكون بعد الانتخابات الإسرائيلية التي ستجري بعد شهرين من الآن.كان نتنياهو يعرف أن أمامه أياماً فقط، يحقق من خلالها جملة من الأهداف، فهو من جهة يعرف أن انتخابات حزبه الداخلية ( البرايمريز )، على الأبواب، في الوقت الذي يعرف فيه ان تحركات ليبرمان الدبلوماسية في مواجهة المشروع الفلسطيني للأمم المتحدة، لا تغني من فقر ولا تسمن من جوع، لذا كان بحاجة الى ضغط على أبو مازن، والجميع يعرف بأن حربا على غزة ترفع من أسهم حماس الداخلية، لكن المفاجأة كانت في إصرار أبو مازن على المضي قدماً باتجاه الأمم المتحدة، وأكثر من ذلك، انه منح غطاء سياسيا للمقاومة في غزة، وقد اتضح ذلك في مشاركة كتائب الأقصى بالحرب، وفي التفاف كل الشارع الفلسطيني في غزة حول المقاومة، والأهم هو انفتاح الباب واسعاً أمام الانتفاضة على الاحتلال في الضفة الغربية .مع كل ذلك فإن أسبوعا داميا في غزة كشف حقائق مهمة للغاية، ففي الوقت الذي تبين فيه أن التغيرات الإقليمية لم تنعكس بشكل فعال على الحالة الفلسطينية، فقد ظهر الفلسطينيون يقاتلون وحدهم، وإذا كانت ايران / سورية / حزب الله، باتت غير معنية بما يحدث لغزة، فأن قطر / تركيا وحتى مصر، لم تفعل شيئا، غير أن تضمن ما تريده إسرائيل من الأساس وهو منع اجتياح غزة، ورغم الصفعة التي وجهها نتنياهو لمحمد مرسي، حين أعطى ردا إيجابيا على المقترح المصري بوقف النار أولا، بما دفع مرسي للإعلان عن مساء الثلاثاء كموعد لوقف النار، ولم يحدث، الا أن مصر ظهرت كرابح أساسي مما حدث، ولكن بعد أن تدخلت واشنطن، لتثبت بأن محور، تركيا / قطر / مصر، غير مسموح له بأن يقرر مصير المنطقة بمعزل عن المشيئة الأميركية، ذلك أن الإعلان عن وقف للنار من خلال مؤتمر صحافي مشترك بين محمد كامل عمرو وهيلاري كلينتون، اكد هذه المسألة، وهكذا عاد أردوغان وحمد الى بلادهما بخفي حنين !ثم كانت الإشادة المتلازمة من قبل أوباما، ليبرمان، ومشعل بمحمد مرسي، بمثابة التعويض لمصر، وإشارة واضحة الى ان واشنطن ما زالت تصر على خيارها بالتحالف مع أخوان مصر، وتثبيت حكمهم الذي يواجه صعوبات داخلية، امنية في سيناء، وسياسية داخلية، في قضية إقرار الدستور الجديد .أما الإنجاز الحقيقي الذي تم فهو ظهور الالتفاف الفلسطيني الداخلي والذي كاد يقلب الطاولة على الإسرائيليين فيما لو استمرت الحرب، لأن الأمر كان سيتحول الى انتفاضة شعبية مسلحة في الضفة الغربية، ولعل رعاية السلطة لأول مرة للمقاومة في غزة، وإطلاق مفاعيل الانتفاضة في الضفة، بعد لقاء شعبي شارك فيه فتح ( جبريل الرجوب ) وحماس ( محمود الرمحي )، كان أهم ورقة ضغط، أشعلت الضوء الأحمر امام نتنياهو، ودفعته للتراجع، والإسراع في اعلان وقف النار من جانب واحد !كذلك تأكيد مشعل في مؤتمره الصحافي مع رمضان شلح، على ضرورة المصالحة برعاية مصر، هو خير تأكيد على ان أهم منجز لهذه المواجهة كان في تلاحم الفلسطينيين، الذين كانوا وحدهم تماماً، بعد أن تبددت لحماس اوهام قدرة حلفائهم الجدد على شن حرب أقليمية على أسرائيل، ولا حتى على إطلاق ملايين الغضب في جمعة نصرة غزة، وكذلك تزايد القناعة لدى الطرف الآخر _ السلطة، بأن المقاومة في غزة، قوة للمشروع الوطني، وان الوحدة الداخلية قادرة على اطلاق انتفاضة الضفة، وان هذا مدخل انتزاع الحقوق الوطنية من الاحتلال، وما الذهاب لنيويورك الا محاولة للحصول على شرعية دولية للكفاح الفلسطيني، الذي لابد منه، حتى يتم اجبار اسرائيل في نهاية المطاف على الانسحاب، لذا آثر أبو مازن – ربما لأول مرة _ أن يقدم تنازله لحماس، وأن يتقدم باتجاهها، على التنازل لأي أحد آخر، أو التقدم باتجاه الأوروبيين او حتى العرب المعتدلين . الفلسطينيون الآن في الاتجاه الصحيح، وبعد انتزاع عضوية فلسطين كدولة غير عضو في الأمم المتحدة، يمكن إنهاء الانقسام بأي شكل، والتحول الى مواصلة الكفاح من اجل دحر الاحتلال في الضفة وكسر الحصار عن غزة، خارج اطار الصفقات مع اسرائيل، والتي لن تحرر الضفة ولن تكسر الحصار عن غزة، دون الوحدة الوطنية ودون الكفاح الكافي لانتزاع ذلك من دولة العدو. Rajab22@hotmail.com