تتفاقم الأزمة السورية، في ظل استخدام السلطة، العنف الأقصى ضد المعارضة المسلحة، خاصة في العاصمة دمشق والشمال السوري، وفي ظل انتقال أداء المعارضة المسلحة، للسيطرة على المعابر والحواجز العسكرية النظامية في الشمال السوري، ما سيتيح لها التواصل الجغرافي مع الجارة تركيا. وكذلك إحداث نقلة نوعية في المقاومة المسلحة ضد النظام، في العاصمة دمشق، عبر قصف محيط القصر الجمهوري، ومقر المخابرات العامة، ووزارة الخارجية السورية. لعل اللافت للنظر مؤخراً، هو طلب تركيا من حلف الناتو، نشر بطاريات باتريوت على الحدود السورية - التركية، ولعله من نافلة القول، أن نشر تلك البطاريات، لا يأتي في سياق دفاع تركيا عن اجوائها فحسب، بل يأتي في سياق حسابات فرض منطقة آمنة في الشمال السوري، متاخمة للحدود التركية، وذلك عبر فرض حظر جوي على اجواء سورية في الشمال. ما جرى منذ بدء الازمة السورية، حتى الآن، وما تؤشر اليه الاحداث الراهنة، بات يؤكد، بأن ما يجري في سورية، ليس اصلاحاً داخلياً، او تصويباً لاتجاهات النظام الاستبدادي القائم، بقدر ما يرمي الى شل الدور السوري الاقليمي وتحييده من جهة، وخلق جغرافيا سياسية جديدة يصعب اقامة نظام حكم مركزي فيها. الهدف هو شطب سورية من الخارطة السياسية الشرق - اوسطية. ما حدث حتى الآن، هو غياب الدوري السوري، لحساب بروز دور روسي، لا يتورع عن الحديث المباشر والصريح بدلاً من سورية، وعن مستقبل سورية، وكذلك بروز دور ايراني، يتحدث عن سورية وبدلا عن نظامها، وعلى هوامش ذلك، برز الدور التركي، كدور شريك في الأزمة السورية. لم تعد سورية، كجغرافيا سياسية، وحدة واحدة، بل باتت مجزأة ومتقطعة الاوصال، ومع استمرار الازمة، وتجذر القوى المهيمنة والمسيطرة على البقع الجغرافية المتناثرة، سينشأ بالضرورة، وصف يصعب التحكم فيه او حكمه. لعل قراءة دقيقة ومتأنية للمواقف الاوروبية المتباينة بشأن الازمة السورية، من شأنها ان تدلل بوضوح، على مدى الحرص الاوروبي على استمرار الازمة، لمصلحة شطب الدور السوري، وخلق وضع يصعب التحكم فيه مستقبلا. كما وان قراءة متأنية لما ورد في الدعايات الانتخابية للمرشحين لرئاسة الولايات المتحدة، من شأنها ان يدلل على ذات الهدف، بمد أمد الازمة السورية، بما يخدم هدف شطب دور سورية، وضرب أية مقومات لنشوء حكم مركزي فيها. من الصعب التنبؤ بمستقبل المعارضة السورية، في الداخل والخارج على حد سواء، او معرفة ما ستؤول اليه أمورها السياسية والتنظيمية، في ظل ما يعتريها من ضعف تنظيمي واضح، وغياب لأي تنسيق جدي لما بين فصائلها وقواها الفاعلة، وغير الفاعلة في آن معاً.