خبر : التوجه إلى الجمعية العامة.. وصناعة القرار الفلسطيني ! ..بقلم: هاني حبيب

الأحد 04 نوفمبر 2012 09:17 ص / بتوقيت القدس +2GMT
التوجه إلى الجمعية العامة.. وصناعة القرار الفلسطيني ! ..بقلم: هاني حبيب



شهدت الساحة الفلسطينية مؤخراً، خاصة في الضفة الغربية، حالة من المراجعة ـ إذا صحّ القول ـ فيما يتعلق بالنوايا الفلسطينية التوجه إلى المنظمة الدولية من أجل نيل اعتراف من الجمعية العامة للأمم المتحدة بدولة فلسطينية غير عضو، والتعبير عن هذه المراجعة جاء من خلال ذلك التقرير ـ الدراسة التي أعدها صائب عريقات، متناولاً فيها بإسهاب كاف، مزايا ومخاطر هذا التوجه، والواقع أن نشر هذه الدراسة، ربما كان يهدف، إذا أحسنّا النوايا، إلى إطلاع الجمهور، بشكل شفّاف، على ما يحمله هذا التوجه من مخاطر، كي لا يفاجأ الشعب الفلسطيني بردود الفعل، والأهم من ذلك، كي يسهم في الوقوف خلف قيادته في تحمّل المسؤوليات والأعباء الناجمة عن هذا التوجه، وإذا كان الأمر كذلك، فأعتقد أن نشر هذه الدراسة، رغم أنها أشارت بتوازن مقبول، بين المزايا والمخاطر، إلاّ أنها للمرة الأولى، يتم التركيز على المخاطر، في حين أن كافة التصريحات والبيانات السابقة، كانت تشير بوضوح إلى مزايا هذا التوجه، وربما، إذا كان الأمر كذلك، فإن نشر هذه الدراسة، يهدف إلى إقناع الجمهور بمبررات تراجع القيادة الفلسطينية المحتمل عن التوجه إلى المنظمة الدولية، خاصة وأن هذه الدراسة، لم تنشر على مواقع خاصة، بل تم تعميمها بشكل يؤدي إلى إطلاع الجمهور الواسع على مضامينها، وتناول التحليل السياسي في وسائل الإعلام هذه الدراسة، يجعل من مبررات القيادة إذا ما تراجعت عن نواياها المعلنة والحاسمة ـ حتى الآن ـ بالتوجه إلى المنظمة الدولية للحصول على اعتراف دولي بدولة فلسطينية غير عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة.  وفي هذا السياق، يمكن فهم الجدل الدائر حول صحة أو نفي تقدم رئيس الحكومة الفلسطينية باستقالته إلى الرئيس عباس أثناء اجتماع اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية مؤخراً، على خلفية جدية الرئاسة الفلسطينية في التوجه، بعد ظهور نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية إلى الجمعية العامة، من أجل طلب التصويت على طلبها الذي قدمته فعلاً أثناء انعقاد الجمعية العامة ـ الذي ما زال مستمراً ـ مبررات رئيس الحكومة، وفقاً للتسريبات الإعلامية، ان من شأن الحصول على دولة غير عضو، ان السلطة الفلسطينية ستواجه بضغوط إسرائيلية وأميركية وأوروبية، قد تطيح بكافة الإنجازات الاقتصادية والاجتماعية التي تم تحقيقها حتى الآن، وان مخاطر هذا التوجه، هي أكثر بما لا يقاس من المزايا التي يمكن الحصول عليها نتيجة لذلك.  وبصرف النظر عن مدى صحة تقدم رئيس الحكومة بالاستقالة، فإن مجرد "إشاعة" هذا الأمر، يستوجب التدقيق بالدراسة التي أعدها عريقات والتي سبق الإشارة لها، وليس هناك أسوأ من خطر الانسياق وراء الإعلانات السياسية والشعارات الحماسية، كما أنه ليس هناك أكثر سوءاً من الاستجابة لمخاطر يمكن تلافيها أو الحد من تأثيراتها، الأمر الذي يستوجب دراسة أكثر دقة وموضوعية، ليس لدفع القيادة إلى مغامرة التوجه، وفي نفس الوقت ليس لتشجيعها على مراجعة موقفها والمغامرة بمزايا نحن بأمس الحاجة إليها، إلاّ أن ذلك يتطلب قراءة موضوعية بمنأى عن التأثيرات الحزبية والمواقف المسبقة.  هذا الأمر، ليس مطلوباً من الجهات النافذة صاحبة القرار النهائي فحسب، بل يجب أن تتوفر فرصة حقيقية لكافة فصائل وأحزاب العلم الوطني ومنظمات المجتمع المدني، للمشاركة والحوار، ليس فقط للاستماع إلى وجهة نظرها، ولكن كي تشارك مشاركة فعالة في اتخاذ القرار، ذلك أن هذه الجهات، هي التي ستتحمل في نهاية الأمر، كافة الأعباء والمسؤوليات الناجمة عن اتخاذ أي قرار، وهذا يتطلب النكوص عن خبراتنا السابقة في اتخاذ القرارات المصيرية من خلال اجتماعات فوقية، يغلب عليها المصالح الفردية والحزبية، والمماحكات الداخلية للأحزاب والحركات المشاركة في مثل هذه الاجتماعات، وهذا يعني شق طريق جديد في آليات صناعة القرارات المصيرية، الأمر الذي كان ممكناً من غير إتاحته في التجربة السابقة، وقد آن الأوان، اليوم قبل الغد في وضع مثل هذه الآليات، قبل فوات الأوان، خاصة وأن طريقة صناعة القرار الفلسطيني، كما يجري الآن، لم تحقق سوى العديد من الخيبات والانتكاسات والانقسامات العمودية والأفقية في الوضع الداخلي الفلسطيني، مما جعلنا أقل قدرة على مواجهة التحديات والاستحقاقات، وأكثر اضطراراً للاستجابة للضغوط المتوالية التي أضعفت من السلطة الوطنية ومن قيادتها، رغم تمسك الشعب الفلسطيني بها ومصراً على شرعيتها.  والخشية، أن تتم الحوارات والنقاشات في أجواء تكتيكية احتفالية، غير جدية، تحايلية توهم الأطراف المختلفة بأنها تشارك في صناعة القرار، بينما يؤخذ مثل هذا القرار في أروقة داخلية وأزقة ومتاهات القوى النافذة والمتنفذة، لذلك، يجب أن يكون النقاش علنياً والحوار جدياً وأن يؤخذ بالاعتبار فعلاً لدى اتخاذ القرار، حينها، وحينها فقط، وبعد التدقيق والتمحيص والمراجعة ودراسة المخاطر والمزايا بكل عناية، سيقف الشعب الفلسطيني كي يتحمل مسؤولية اتخاذ مثل هذا القرار حتى لو تبين فيما بعد أنه لم يكن القرار الأصوب.. وهذا لا يعني أن مسؤولية وضع هذه الآليات تتوقف على رغبة وإرادة القيادة الفلسطينية، مع أهمية ذلك، إذ إن الأمر مناط، أيضاً، بمدى قدرة فصائل وأحزاب ومنظمات المجتمع المدني الفلسطيني على اتخاذ خطوات جدية من ناحيتها، لإلزام القوى النافذة على اتخاذ الخطوات الجدية ووضع الآليات التي توفر فرصة حقيقية في اتخاذ القرارات المصيرية من أوسع نطاق رسمي وشعبي، ولا يجب أن يعتبر ذلك مجرد منحة من قبل هذه الجهة أو تلك، بل باعتبار ذلك تصحيحاً للتجربة الفلسطينية السابقة التي لا يمكن الحكم عليها بأنها كانت صائبة! Hanihabib272@hotmail.com