خبر : تصعيد مدروس.. بلال جاد الله

الإثنين 29 أكتوبر 2012 11:14 م / بتوقيت القدس +2GMT
تصعيد مدروس.. بلال جاد الله



خبيثة  هي السياسة الأمنية  الاسرائيلية  في التعامل مع قطاع غزة ، فما أن تنتهي جولة من التصعيد الإسرائيلي تدفع غزة مقابلها ثمنا غالياَ من الدماء والشهداء والجرحى والدمار حتى يدخل القطاع في جولة أُخرى وتبدأ دائرة جديدة من التصعيد ويسقط  خلالها المزيد من الشهداء والجرحى ويعود الدمار من جديد ، فضلا عن الرعب الذي يلحق بالجميع وعلى وجه الخصوص الأطفال . وما أن تنتهى الجنازات حتى تبدأ جنازات جديدة ، وما أن تغلق بيوت العزاء حتى تفتح بيوت عزاء جديدة للشهداء ، وما أن يغادر الجرحى المستشفيات حتى يدخل بدلاً منهم جرحى جدد ، فضلا عن إلتقاء جرحى الجولات السابقة من التصعيد مع جرحى الجولات اللاحقة في نفس المستشفيات  . أما على الصعيد المصري  فما أن يبدأ الوسيط المصري إتصالاته مع جميع الأطراف  من أجل تحقيق تهدئة  كما يُطلق عليها فلسطينيا او الهدوء مقابل الهدوء كما يُطلق عليها إسرائيلياً  ، وبمجرد نجاحه في  تحقيق عودة نسبية للهدوء ، سرعان ما يجد الوسيط المصري نفسه أمام جولة جديدة من الاتصالات لنفس الهدف . اسرائيلياً وفي كل جولة من التصعيد مع غزة يستطيع كل من يتابع الاعلام الاسرائيلي أن يجد قاسما مشتركا في المصطلحات التي تستخدمها وسائل الاعلام الاسرائيلية ، هذه المصطلحات او الجمل التي ُتنقل على لسان المراسلين العسكريين الإسرائيليين تكرر نفسها في كل جولة من التصعيد ولعل أبرزها وأكثرها تكرراً ((إسرائيل غير معنية بالتصعيد في هذه المرحلة و التقديرات الأمنية لدى الدوائر الامنية الاسرائيلية تفيد أن الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس أيضا غير معنية بالتصعيد في هذه المرحلة ، وأن هذه الجولة ستنتهي في غضون يومين او ثلاثة على أبعد تقدير )). وفي المقابل وأمام هذا المشهد المتكرر من جولات التصعيد ، فإن كل جولة ايضاً لا تخلو من مشاهد وتكتيكات جديدة ذو مؤشرات ودلالات هامة ، من ابرزها: *-  قصر المدة الزمنية بين جولة التصعيد والجولة التي تليها ، إذ أن فارق الزمن سابقا بين كل جولة وجولة  كان كبيرا ، أما  اليوم  فإن كل جولة بدأت تقترب زمنياً من الجولة الاخرى أكثر فاكثر الامر الذي يدل بوضوح على أن هناك سياسة مبرمجة لها ما بعدها . *- رفع وتيرة إستهداف نوعية العناصر المستهدفة ضمن بنك الاهداف الاسرائيلي  بعد أن  لوحظ ان هناك تحول تدريجي في اختيار نوعية العناصر المستهدفة ، ففي السابق كانت الأهداف تقتصر على أطياف محددة ، وإن شملت جميع الاطياف في بعض المراحل ، أما اليوم فان الاهداف المختارة بدأت مفتوحة على كافة الاطياف ولكنها ما زالت ضمن سقف ومستوى محدد قد يتطور تدريجيا لاحقا وهذا سيعتمد بالتأكيد على القياس الإسرائيلي لردود الافعال ومدى تطور الاحداث . - دخول حماس على الخط  في بعض الجولات الاخيرة  يعتبر من عوامل التغير والتجدد في مشهد الصراع بين كل جولة وأخرى ، حيث كان الامر في جولات سابقة مقتصراً على بعض الفصائل دون مشاركة حماس ، أما اليوم فلا يكاد المشهد يخلو من مشاركة حماس ولو بتكتيك معين في جولات التصعيد وبالإشتراك مع فصائل المقاومة الأخرى كسرايا القدس والوية الناصر . - إستخدام عنصر الاستهداف لبعض العناصر المدرجة في  بنك الاهداف الإسرائيلي لأسباب سياسية تحقق اهداف أبعد من البعد الأمني والعسكري وتهدف لخلط الاوراق في بعض الاحيان او لتحقيق مارب أخرى . وقد يحمل هذا المشهد المتكرر من جولات التصعيد الإسرائيلي على قطاع غزة أهداف وإستراتيجيات إسرائيلية  ربما تندرج ضمن برامج وخطط معدة سلفاّ  للتعامل مع قطاع غزة خلال الفترة الحالية والمستقبلية على حد سواء ولعل ابرز هذه الاهداف : اولا : قياس القدرات العسكرية لدى فصائل المقاومة الفلسطينية من خلال تكرار الجولات ومحاولة استكشاف قدراتها العسكرية وأدائها وكيفية تعاملها في حال وقوع جولات كبيرة او حرب .  ثانيا : سياسة التدرج في جولات التصعيد بهدف تحويل العدوان الى سياسة أمر واقع وتحويلة الى جزء من الحياة اليومية لسكان القطاع من ناحية ، وقياس مدى تفاعل الشعوب العربية مع العدوان على غزة وتخفيف هذا التضامن وإطفاء لهيبه من خلال تحويل العدوان الى سياسة روتينية من ناحية أخرى. ثالثا : إضعاف الدور المصري الشعبي والرسمي و التأثير على الوسيط المصري من خلال إشعاره بحالة الملل من كثرة التدخلات . رابعا :  الإستفادة من قطاع غزة من خلال التعامل معه كحقل تجارب للأسلحة ، وهذا ما كان واضحاً خلال عمليات تركيب وتجريب القبة الحديدية ، حيث لوحظ تكرار جولات التصعيد بعد تركيب كل قبة حديدية . خامسا : فرض سياسة الامر الواقع  واستهداف إسرائيل لمن تشاء ،  فضلا عن سياسة التدرج وصولا الى ما صرحت به مصادر اسرائيلية أمس بأن وقف النار بغزة لا يشمل تصفية العناصر الخطرة المهددة لحالة الهدوء،بالإضافة الى الهدف الاخر المتمثل في توتير الاجواء  بين الفصائل الفلسطينية في غزة من خلال تحييد البعض واستهداف الاخر . ختاماً ورغم أن إسرائيل تؤكد إعلاميا عبر كل جولة انها غير معنية بالتصعيد في هذه المرحلة وكذلك الفصائل  الفلسطينية ، فإن الملاحظ ان جولات التصعيد على غزة بدأت تأخذ منحى أخر ويبدو أن هذا المنحى سيكون له أهداف أخرى أو نتائج غير متوقعه قد تؤدي لتسريع الجولة الكبرى سواء كان الأمر برغبة  إسرائيلية بحدوث تلك الجولة  ، او عدمه عبر خروج الأحداث عن دائرة السيطرة من جميع الاطراف بفعل وقوع حادث مفاجئ خارج دائرة الحسابات سيؤدي حتما لها .   bilal1978@hotmail.com