خبر : طفلة تخاف العنوسة وتحلم بـ"فستان أبيض" ورنا تتحرر من "دبلة الخطوبة"

الخميس 18 أكتوبر 2012 10:11 ص / بتوقيت القدس +2GMT
طفلة تخاف العنوسة وتحلم بـ"فستان أبيض" ورنا تتحرر من "دبلة الخطوبة"



القدس المحتلة / سما / "وليد ... بدي نتجوز بسرعة، ما بدي الناس يحكو عني عانس" بهذه العبارة الصادرة عن طفلة لم تتجاوز عامها الثاني عشر تبدأ المخرجة أميمة حموري فيلمها "فستان أبيض" (9 دقائق)، والعبارة الصادمة تدخلنا إلى عالم الطفلة رند (يافا عابدين) وهي تراقب أباها وأمها وهم يحاولون بكل السبل إقناع عمتها بالزواج خوفا من أن تصبح "عانس"، ولكثرة تردد هذه الكلمة "المخيفة" في جنبات البيت يتولد لدى هذه الفتاة الصغيرة هاجس العنوسة، وتمضي مشاهد الفيلم في عرض التقاط رند لكل التفاصيل المحيطة بعمّتها، فتستمع خلسة لأبيها يعاتب عمتها بعصبية قائلا: "يا سامية يا أختي الناس بلشت تحكي والعالم في هالبلد ما بترحم، مين بدك يفهم إنك عم تستني بالرجل المناسب، عمتك فاطمة وإلا جارتك أم الوليد؟ الناس بفهمو شغلة وحدة بس إنك عانس وعم ترفضي كل العرسان، ليش؟"، وتحاول رند فهم ما يجري حولها ويطلعنا الفيلم على حوارها الداخلي مع نفسها قائلة: "ماما وبابا دايما بحكو إنو عمتو سامية لازم تتجوز، وستو دايما بتحكي إنو كل البنات بتجوزو عشان أمهم وأبوهم يصيروا يحبوهم". ومع الوقت تبدأ الضغوط تتزايد على عمة رند سامية (بيان شبيب) لدفعها نحو الزواج، ورند تعيش هذه الأجواء لحظة بلحظة ويراها المشاهد بعين رند وفهمها لما يجري حولها، وتمضي المشاهد حتى يتزيّن البيت المعتم بالزينة وتنطلق فيه الضحكات والزغاريد في يوم زفاف سامية، وتملأ التهنئات البيت وأجواء رند، وتأتي إحدى المهنئات وتداعب رند وتقول لها: "ما شا الله عنك شو كبرانة وصايرة عروسة زي عمتك، ان شا الله بنفرح فيكي زيها ما شا الله شو كبرانة"، وتواصل رند التفكير بأجواء العرس والفرح وتستمع إلى الأغنيات التي تغنيها السيدات فيما عمتها تتزين وترتدي فستانها الأبيض: "قالوا سامية ما بتتجوز وهيها تجوزت وقلعت عينها للقبيحة"، والمشاهد تعبر عن حالة رند وهي تحاول تقليد عمتها في الزينة، وتمضي إلى غرفتها وتخرج فستانا أبيض لترتديه وهي تستذكر كل لحظات العرس وتبتسم وهي ترى نفسها في المرآة عروسا جميلة وتردد أحاديث أمها: "ماما حكت إنو عمتو مع الوقت رح تصير مبسوطة كمان"، وتقول وهي تمسّد شعرها وتتحس الفستان الأبيض: "رح يجي اليوم ويحكي مع بابا، ولا أنا ولا عمتو رح نكون عانس، وماما وبابا رح يحبوني". ترى المخرجة أميمة الحموري (24 عاما) من القدس أنها أرادت تقديم فيلم بمعالجة صادمة يعبر عن الواقع الذي يعيش فيه الأطفال وتحديدا الفتيات في ظل حديث الجميع عن الزواج والخوف من العنوسة، "فالكثيرون في مجتمعنا لا يرون الفتاة إلا متزوجة وكل أمنياتهم لها محصورة بالزواج، وهذا ما يجعل الأمر هاجسا لدى طفلة كرند، فتتكلم بلغة أكبر منها وتلبس ملابس للكبار وتحاول أن تتتزين كالنساء وتتصرف مثلهن وهذا برأيي اعتداء على طفولتهن"، وفي ذات الإطار يرى المجتمع حسب أميمة الحموري أن "المرأة لا يمكن لها أن سعيدة وناجحة بذاتها بل تحتاج للرجل، وفي هذا المناخ انتقلت هذه الهواجس إلى رند الصغيرة وباتت ترى حب أمها وأبيها مشروطا بالزواج والارتباط"، ويبدو الفيلم من خلال قدرة المخرجة المتطورة في الإخراج الدرامي وفي تعاملها مع تقنيات التصوير والإضاءة والمزج الموسيقى والصوتي وكأنه يدخلنا إلى عالم رند الداخلي ونسترق السمع إلى همسها لنفسها فكل ما يراه المشاهد هو طريقتها في رؤية الأشياء وفهمها، وهذا ما يوضح الأسباب التي تدفع بطفلة ابنة 12 عاما للتفكير في الزواج دوما وتخاف العنوسة. وحين يصبح الزواج هدفا ولا بد من الوصول إليه بأية وسيلة ويدفع الجميع الفتاة باتجاه تصبح مرحلة الخطوبة التي وجدت لتعارف الشاب والفتاة على بعضهما قبل الزواج، تصبح كزواج قانوني بعرف المجتمع أو ما يسمى "كتب الكتاب" وهذا ما يجعل هذه الفترة حساسة جدا لدى الشباب وتحديدا الفتيات، وهذا ما دفع المخرجة تغريد العزة للتفكير في معالجة درامية لهذه المرحلة التي قد تبوء بالفشل وقلق وخوف الفتاة من فسخ الخطوبة لأن هذا يعني الطلاق ما يؤثر بشكل سلبي على حرية اختيارها في ظل ضغوطات الأهل والمجتمع وهذا ما يجهد فيلم "دبلة الخطوبة" (13 دقيقة) في التعبير عنه، وتبدو المعالجة الدرامية خيارا موفقا في تناول قضية حساسة كهذه يضرب الجميع طوقا من الصمت حولها ويعتبرونها تمهيدا حتميا للزواج، في حين الحال مختلف لدى بطلة الفيلم. في الفيلم تظهر رنا (رولا عازر) المخطوبة وهي ترسم وتعيش في عالم من اهتماماتها الفنية، في حين يحاول خطيبها فرض الكثير من الأمور والخيارات عليها، ويظل الخاطبان في جو من السجال والصدام في ظل غياب التفاهم والانسجام بينهما، ونسمع ماجدة الرومي في بداية ونهاية الفيلم في أغنية "كن صديقي" وكأنها تحكي ما تتطلع له رنا في علاقتها مع خطيبها بينما هو يحاول السيطرة عليها ورنا تهرب إلى الألوان واللوحات بحثا عن توازنها المفقود، وترى كيف يتعامل المحيطون بها مع صديقة لها قررت الانفصال عن خطيبها، والتعامل معها كمطلقة، ويقول أحدهم: "ما حدا بوخد بضاعة مضروبة" في إشارة إلى كونها مطلقة، فتحتد رنا قائلة لأصدقائها: "كإنو في الحياة الهدف الوحيد هو الزواج!"، وتتصاعد مشاعر رنا وقلقها من علاقتها مع خطيبها، ويواجهها خطيبها بقوله:" بدك تفهمي إنو انا المسؤول عنك ولازم توخدي إذني بكل صغيرة وكبيرة"، وترد عليه: "إنت بدك وحدة هبلة تمشيها ع كيفك، هيك معنى الزواج عندك؟"، فتتدخل الأم لتعبر عن موقف الأهل الذي يدفع الفتاة للزواج تحت أي ظرف قائلة: "بدك تخربي بيتك؟ شوفي كيف أنا بساير أبوكي دايما، وزوجك على ما عودتيه وإبنك على ما ربيتيه". وفي معرض لوحات رنا تبدأ في الإحساس بنجاحها في هذا المجال وغياب خطيبها عن المعرض واستهزائه به، ووسط تلقي تهاني الجميع بنجاحها، تحسم رنا خياراتها وينتهي الفيلم بمشهد شجاع لرنا وهي تخلع دبلة الخطوبة من يدها وتبتسم لنجاحها في ما تحب، وترى المخرجة تغريد العزة أنها حاولت التركيز على أهمية العوامل النفسية في نجاح العلاقة أثناء الخطوبة مشيرة إلى أن نجاح الفتاة كما يظهر في الفيلم شخصي وبناء على موهبتها وقدراتها وليس مقترنا بنجاحها في خطوبتها.