هل الحرب المستمرة في سوريا بدأت تهز ولاء الدروز من سكان هضبة الجولان الذي يعود الى 45 سنة لوطنهم خلف الحدود؟ من معطيات سلطة السكان والهجرة يتبين أنه في الاشهر الاخيرة سجل ارتفاع بمئات في المائة في عدد الدروز من سكان القرى الاربعة في شمالي هضبة الجولان ممن وصلوا الى وزارة الداخلية لتقديم طلبات للحصول على المواطنة الاسرائيلية. ويدور الحديث عن مسألة حساسة ومشحونة على نحو خاص. كل الدروز من سكان هضبة الجولان ممن أجريت معهم المقابلات لهذا التقرير رفضوا الكشف عن اسمائهم بل وأعربوا عن خوفهم من "هزة أرضية اجتماعية" في قراهم. "يدور الحديث أساسا عن الشباب"، روى بغضب أحد سكان مجدل شمس، كان في الماضي سجينا أمنيا في السجن الاسرائيلي بعد أن أدين بأعمال تخريبية ضد الجيش الاسرائيلي. "الناس يتوصلون الى الاستنتاج بأن الجنسية الاسرائيلية افضل من الجنسية السورية، الدولة التي تقتل مواطنيه. وهم يتهمون الأسد بالوضع ولكن سوريا هي وطننا. هذه هي الدولة التي ننتمي اليها في الماضي، في الحاضر وفي المستقبل. في كل حال، ليسوا هم من يقرروا ماذا سيكون الوضع السياسي في الجولان. من سيقرر هم أهالي الجولان. الشعب السوري هو الذي سيقرر مستقبل الجولان المحتل، بالسلام أو بالحرب". منذ احتلال الجولان في حرب الايام الستة أعرب الدروز من سكان القرى المحتلة عن ولائهم لوطنهم السوري. وتعزز هذا الولاء مع قانون ضم الجولان لاسرائيل في العام 1982، حين انتهى عهد الحكم العسكري في هضبة الجولان. وسافر ممثلو الدولة الى القرى الاربعة في شمالي الهضبة وسعوا الى توزيع بطاقات هوية زرقاء على السكان. ورد معظم السكان باحراق الهويات التي وزعت لهم، باضراب احتجاجي استمر نصف سنة واعلان الشيوخ المحليين بأن من يقبل بالجنسية الاسرائيلية ويتعاون مع "العدو الصهيوني" سيدفع الثمن بالنبذ الديني والاجتماعي، بمعنى استبعاده عن المناسبات الاجتماعية، الاطراح والافراح. ومن اصل 20 ألف من السكان الذين يعيشون في مجدل شمس، مسعدة، بقعاتة وعين كينيا، على مدى الثلاثين سنة التي انقضت منذئذ بضع مئات فقط طلبوا الجنسية الاسرائيلية وحصلوا عليها. "التيار سيتعاظم" والان وقعت انعطافة: في مديرية السكان يشرحون بانه اذا كان حتى قبل سنة جاءت طلبات قليلة فقط للحصول على الجنسية الاسرائيلية، فمؤخرا رفعت عشرات الطلبات كهذه. "أعتقد أن هذا التيار سيتعاظم فقط"، يقول أحد سكان قرية مسعدة، الذي يحمل الجنسية الاسرائيلية. "المزيد فالمزيد من الناس يستوعبون بأن هنا توجد دولة سليمة النظام ويمكن العيش وتربية الاولاد. هذا أفضل من أن نصبح لاجئين في دولة اخرى. في سوريا يوجد قتل جماعي، ولو كانوا تحت سيادة سورية لاصبحوا ضحايا لهذه الهزات. الناس يرون اطفالا يقتلون ولاجئين يفرون الى الاردن والى تركيا معوزي كل شيء، ويسألون أنفسهم: أين أريد أن أربي أبنائي؟ والجواب واضح – في اسرائيل وليس في سوريا". ويعتقد سكان آخرون في قرى الجولان بأن السبب في الارتفاع الحاد في كمية الطلبات للجنسية الاسرائيلية هو الفهم بان الاسد لن يبقى في الحكم. "أنا مواطن اسرائيلي، ولكني أؤيد الاسد أيضا"، يقول أحد سكان بقعاتة. "رغم أنه في هضبة الجولان توجد معارضة للاسد أيضا، فان معظم السكان يعرفون بان الاسد جيد للدروز الذين يشكلون أقلية في سوريا. الطائفة الدرزية هي الثانية في أهميتها في سوريا، بعد الطائفة العلوية التي ينتمي اليها الاسد، وهي أيضا أقلية في سوريا. وقبل أن يصعد أبو بشار حافظ الاسد الى الحكم، كان الدروز يعانون من حاكم نكل بهم. الاسد الاب أحدث ثورة في موقف الحكم السوري من الطائفة الدرزية. والان يستوعب السكان بان حكم الاسد لن يطول، ويفهمون بانه لم يعد لهم سبب للعودة الى سوريا".