سنوات طوال ولا زالت ازمة الكهرباء في غزة تراوح مكانها وسط امل مفقود بالحل دون بروز أي ملامح إيجابية قد تشير لحل قادم لهذه الازمة التي انهكت كل فلسطيني في قطاع غزة دافعا بذلك ثمنا غاليا من دماء أطفاله الابرياء ، حيث أصبح المشهد مليء بالمآسي والأحزان و يكرر نفسه بين الفينة والأخرى ، وصولا الى قائمة طويلة ُكتبت بالدم من أسماء ضحايا أزمة الكهرباء التي يزداد العدد فيها من حين الى اخر . إنها ازمة مريرة متكررة ، يموت اطفال غزة فيها حرقا ، وتتفحم اجسادهم ، ثم تُحرق قلوب ذويهم الاحياء من بعدهم ،فبعد الفاجعة المحزنة والحادث المأساوي الذي ألم بعائلة البغدادي في مخيم البريج واحتراق الطفل فتحي البغدادي حتى الموت وإصابة شقيقته بحروق بالغة الخطورة نتيجة للأزمة ذاتها ، سرعان ما تبدأ وكما جرت العادة عقب كل فاجعة حالة من تبادل الاتهامات والمناكفات. وكثيرا ما اعتدنا على سماع بيانات الادانة والاستنكار عقب كل فاجعة عبر كل المواقع الاخبارية فضلا عن صفحات التواصل الاجتماعية التي تمتلئ بالتعليقات والاتهامات المتبادلة ّ، إذ يحاول البعض التعبير عن شعور صادق يوحي بتضامن حقيقي مع الضحايا ويأمل في ايجاد حل قريب للازمة التي طال ظلامها ، ويقابله على النقيض حالة من تبادل الاتهامات والتي سرعان ما تمر ايام قليلة وتهدأ الى حين بروز فاجعة جدية وقودها اطفال جدد،تتجدد الأسماء ويبقى عنوان الازمة واحد وبلا حل . وبصرف النظر عن جذور الازمة ومسبباتها وعوامل استمرارها ، فان المؤكد هو حجم تعقيد الازمة الامر الذي يحتاج من الجميع كل من موقعه ان تتظافر جهودهم وان يتعالوا على الجراح بترك الخلافات خلف ظهورهم من اجل العمل على رفع المعاناة عن شعبهم بالعمل المشترك والتفكير الثاقب استنادا الى مبدأ اخراج الازمة من دائرة السجال السياسي والتعامل معها كما هي ازمة انسانية بحته . ولعل ما يتمناه كل فلسطيني في غزة اليوم هو زوال ازمة الكهرباء ، وما هو مطلوب لحل هذه الازمة رغم اعتقاد البعض بتعقيدات الطرح هو جلوس الفرقاء جميعا ومن مختلف التيارات متحليين بروح وطنية مسئولة بعيدة عن الخلافات والمناكفات على ان تُشرك جهات الاختصاص كافة شرائح المجتمع الفلسطيني السياسية والحزبية والمؤسسات الفكرية والطاقات الفلسطينية والخبراء والمفكرين ورجال الاعمال ومؤسسات المجتمع المدني التي يجب ان يكون لها دور باز في التفكير برؤية موحدة واليات عملية للخروج من الازمة وصولا الى لجنة وطنية عليا يشارك فيها الكل الفلسطيني تحت شعار واحد هو ( حل ازمة الكهرباء ورفع المعاناة عن المواطن) ومحاولة الخروج ببرنامج عمل موحد للتعاطي مع الازمة ومن ثم التواصل مع العالم الخارجي لتقديم العون . وفي الختام فان احد لا ينكر ان ازمة الكهرباء هي ازمة عامة ومعقدة ، ولكن الاجدر بذلك ان يكون الجميع شركاء في التفكير بالحلول ، فغزة اليوم ليست بحاجة لمزيد من المناكفات او بحاجة لمزيد من الشرح عن اسباب ازمة الكهرباء او تحميل للمسؤوليات فهذه امور سئم الموطن من سماعها ، لكن غزة اليوم بحاجة ماسة وعاجلة لتظافر جهود الكل الفلسطيني لرؤية حلول لا مناكفات والتعامل مع الازمة بمسؤولية وطنية بطابعها الانساني لا غير انطلاقا من اثارها الكارثية على المواطن . Bilal1978@hotmail.com