لا نريد العودة إلى التاريخ بما فيه من حوادث وعبر لنذكركم بما فعله هتلر على سبيل المثال عندما أراد أن يعيد بناء الشخصية الألمانية المشبعة بالإحساس بالقوة والقدرة على امتلاكها وبحقهم في استخدام هذه القوة في إخضاع الآخرين من شرفة أنهم الجنس المفضل على باقي الأجناس مثلما يعتقد اليهود مثلا وهو السبب خلف ذبحه لعدد منهم.حيث قام هتلر في تلك الحقبة من التاريخ بذات الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في عصرنا الحديث عندما تريد تغيير شيء نظاما كان أو معتقدا ما، فإنها تتبع وسيلة الضخ الإعلامي المتواصل بما يضمن تدفق متواصل للصورة بأشكال ووسائل مختلفة، الأمر الذي يعمل على بناء فرضية من لاشيء، ثم تدفع المتلقي للتعاطي مع هذه الفرضية تصديقا أو تكذيبا، ثم تصل به إلى التصديق بالفرضية تصديقا واثقا مطلقا.ولنا في الحرب على العراق مثالا حيا واقعيا عملت عليه الآلة الإعلامية الغربية حتى دفعت العالم كله وربما حتى الشعب العراقي نفسه للتصديق بأنهم يمتلكون أسلحة نووية أو جرثومية وكيماوية وأنها بالفعل تشكل خطرا ويجب على الغرب التدخل عسكريا للقضاء على هذه الترسانة كي لا تدمر جيران العراق ولا تدمر العراقيين أنفسهم، حتى دفعت جزءا كبيرا من الشعب العراقي كي لا يندمج في إطار المقاومة للعدوان الخارجي بل كانوا عونا للمحتل ظنا منهم أن المحتل هو المخلص لهم من الدكتاتور صدام، ثم اكتشفوا الحقيقة ولكن بعد فوات الأوان.ما فعله هتلر في تلك الحقبة مشابه تماما ولكن مع فارق أن الإعلام كان جزءا من آلة التغيير فيما كانت الرموز الجزء الأهم في معادلة التغيير. فحول هتلر في إطار إقناعه للشعب الألماني بقوته وبقدرته على امتلاك أسباب القوة إلى تحويل كافة الرموز التي تبني الشخصية الألمانية إلى جزء لا يتجزأ من منظومة بناء القوة، فكانت طوابير العمال في المصانع تقوم بالتمارين العسكرية في الصباح وتؤدي التحية للرايخ الألماني وتعمل بانضباط عسكري على الآلات التي لم تتوقف ليلا أو نهارا، وحول الرموز حتى الأقلام والطباشير في مدارس الأطفال إلى أشكال للرصاص والصواريخ فيما حول مساحة السبورة إلى دبابات وهكذا عمل مع باقي الرموز التي تعامل فيها الشعب الألماني خصوصا الجيل الناشئ منهم، فأنشأ الشبيبة التي فاقت في أعدادها أعداد الجيش الألماني الرسمي، والذي في مرحلة ترجمة القوة الألمانية إلى جيش غزا به الاتحاد السوفييتي حيث تجمدت أحلامه.وفي واقعنا الفلسطيني تقود المقاومة في فلسطين حركات وفصائل كثيرة وضعت نفسها في قوالب وضيقت على نفسها بحدود مصطلحات ومسميات لا تصلح إلا في الأنظمة المستقلة المستقرة.في فلسطين المحتلة يقبع احتلال يزرع في عيوننا وفي ذاكرتنا ليل نهار ويحفر في أذهاننا صوره المرعبة والمقززة لممارساته البشعة لينثر في هواجسنا الرعب من مقاومتة.في فلسطين المحتلة وزارات وحكومات ووزراء يسمون أنفسهم بأصحاب المعالي والسعادة والفخامة والعطوفة ...الخ من المسميات المخملية المترفة، في الوقت الذي كان من الواجب فيه أن يتسموا وفاءا للثور والثوار بالمجاهدين والمناضلين.وأن يعملوا على استبدال المسميات الوزارية التي خلقتها نكبة أوسلو بمسميات أخرى تليق بتضحيات شعب يقتل ويموت كل يوم تحت بساطير الاحتلال، وتليق بمن يسهرون ليلهم مرابطين على ثغور الوطن وفي الخنادق.وأن ينثروا في شوارع الوطن رموز المقاومة من أشكال فنية ومجسمات وصور شهداء ومسميات للشوارع والرموز البارزة في أرضنا المحتلة تخدم المقاومة عمليا ومعنويا.وأن يجترحوا أساليب تربوية للجيل الناشئ في المدارس وحتى في رياض الأطفال تزرع في عقولهم وفي مخيلتهم فلسطين بحدودها، والقدس بثرائها التاريخي والديني والجهاد والمقاومة بما لها من قدسية.جميل أن تقرر وزارة التربية والتعليم حصص الفتوة لجيل الثانوية رغم أنها خطوة متأخرة لكنها جيدة، والأجود منها أن تكون حصص الفتوة جزء من خطة شاملة لتربية جيل كامل على الاستعداد للجهاد وللمقاومة فكرا وممارسة وعملا كي يكونوا جنود جيش الفتح القادم.بات على حكومة المقاومة مهمات وأعباء كبيرة في خطة الـ100 يوم التي أقرتها لنفسها فضيقت واسعا، لم نر فيها شيء يخدم تثبيت رموز المقاومة في واقعنا علما أن الخطة تستهدف إسناد صمود شعب المقاومة.تثبيت رموز المقاومة يجب أن يشمل جميع مناحي حياة شعبنا، فيزرع في الناشئة ليحصد في الرجال الرجال ثمار الحرية والتحرير... صحفي وباحث سياسي - غزة