خبر : كيف نفهم العلاقه بين انهاء الانقسام وحصار غزه ؟! ...بقلم : علاء أسعد الصفطاوي

الخميس 20 سبتمبر 2012 12:14 م / بتوقيت القدس +2GMT
كيف نفهم العلاقه بين انهاء الانقسام وحصار غزه ؟! ...بقلم : علاء أسعد الصفطاوي



بسم الله الرحمن الرحيمبالرغم من كل الاتفاقات التي تم توقيعها بين حكومتي رام الله وغزه وشاركت فيها غالبية فصائل العمل الفلسطينيه لإنهاء الانقسام بين سلطني رام والله وغزه ..، إلا أنها بقيت حبرا أسودا على ورق الوطن الأبيض ..، شخصيا لم أكن يوما متفائلا بانهاء الانقسام بين الجانبين ..وبرأيي أن الانقسام تعمق أكثر من أي وقت مضى ليأخذ أحيانا أشكالا عديده منها الطابع الثأري للعلاقه بين الحكومتين ..خاصة بعد سيطرة حركة " حماس" على كل مقاليد السلطه في قطاع غزه والتي كانت أصلا قد استحوذت عليها شكليا بعيد انتخابات عام 2006م با ستثناء ما بقي للرئيس الفلسطيني من سلطات سبق أن حوّل غالبيتها لرئيس الوزراء..على الأرض هناك انقسام جغرافي طبيعي يفصل بين القطاع والضفه حاولت اتفاقية أوسلو  وما تلاها من اتفاقات تلافيها باختراع ما اصطلح على تسميته ب ( الممر الآمن) الذي يضمن تنقل جزء هام من الفلسطينيين بين الضفه وغزه والذي تم تفعيله لبضعة شهور ثم ما لبث أن سقط تحت ضغط وحجج حاجات الأمن لدولة الكيان ..وتفصيلات أخرى ..ولكن أهم ما في الأمر أن الكلمه الأولى والأخيره على منطقتي الضفه والقطاع بقيت بيد الاحتلال الذي له وحده حق بالسماح لأي فرد أو مجموعه بالتنقل بين المنطقتين ..على المستوى السياسي والتنفيذي يقضي أحد بنود اتفاق أوسلو بأن منطقتي الضفه وغزه هما وحده جغرافيه وسياسيه واحده ..لكن سيطره حركة حماس العسكريه على القطاع منتصف العام 2007 ومن ثم اقالة الرئيس عباس لحكومة اسماعيل هنيه وتشكيله لحكومه منفرده برئاسة فياض في الضفة ساهم في كسر هذه القاعده وتعزيز الانقسام بين الجانبين أكثر من أي وقت مضى ..،لذلك يطرح السؤال هنا نفسه بالحاح شديد ..اذا كانت الكلمه الأولى والأخيره بشأن هذه الوحده السياسيه والجغرافيه بين غزه والضفه قد بقيت بيد الاحتلال ..فكيف يمكن اعاده اللحمه بين الطرفين دون موافقة الاحتلال على ذلك ؟؟! ، واذا كان أحد طرفي الانقسام وهو حكومة غزه لا زال يعترض على كثير من الالتزامات الأمنيه والاقتصاديه التي وردت في اتفاق أوسلو ومنها التنسيق الأمنى بل ويرفض الاعتراف أصلا ب (شرعية) وجود اسرائيل في المنطقه  فكيف يمكن لاسرائيل أن ترضى عن هذا الطرف وبالتالي أن تسهّل اعاده اللحمه بين الطرفين ..في تقديري المتواضع ..هناك أمرا واحدا يمكن أن يقبل فيه الكيان انهاء الانقسام بين الجانبين ..ألا وهو تراجع حماس عن رفضها الاعتراف بالكيان وقبولها بتنفيذ الالتزامات الأمنيه التي وردت في اتفاق أوسلو وعلى رأسها التنسيق الأمني ..وهو أمر لا أعتقد أن حركة حماس يمكن أن تقبل   به في أسوأ أيامها سوادا ..أولا لتعارض هذا الأمر مع ثوابت جماعة الاخوان المسلمين ..وثانيا خشية تعرضها للانقسام من داخلها ..وتفصيلات أخرى.. لذلك لا أرى أفقا حقيقيا قريبا لانهاء الانقسام بين سلطة غزه وسلطة رام الله لأنه لايمكن أن يقترب طرف من الطرف الآخر فيما الطرف الآخر يستمر في التنسيق الأمني مع الاحتلال ويعتقل كل رموز المقاومه في الضفه ..لا نكذب على أنفسنا ..هذه هي الحقيقه وعلى الجانب الآخر تكمن مشكله قيادة رام الله في أنها لا تستطيع ولا تملك قرارها المستقل لاعتبارات أساسها أن مصدر الدعم المالي لديها هو الاحتلال وما تحوله اسرائيل لهذه السلطه البائسه من أموال شهريا تجبيها من رسوم الضرائب على السلع الوارده الى مناطق السلطه عبر الموانىء والمعابر الصهيونيه ..لذلك سبق أن قلت أنني يائس من مسألة انهاء الانقسام الى أبعد الحدود ..لأن سبب ذلك سلطة رام الله أساسا ..وليس الانتخابات ..فالانتخابات حتى لو أجريت فستفرز حتما أشخاصا سيتمسكون بخيار المقاومه ومجلس تشريعي أقرب الى رفض أوسلو ونصوصه المجحفه..وهو ما لن توافق عليه دولة الكيان ..وستضغط ماليا على السلطه الجديده التي بالحتم  لن تصمد لأن 85 في المائه من ميزانيتها الجاريه هي رواتب لحوالي مائه وخمسن ألف موظف عسكري ومدني ..وبالتالي سيستمر ارتهان سلطة رام الله للقرار الصهيوني وستبقى في بيت طاعته للأسف..وبين ذلك وذاك ..تستمر حكومه الضفه في تسيير أعمالها وتطوير خطابها الداخلي والخارجي ومع الاحتلال في مسعى يائس عموما للتوفيق بين محاولة صياغه أفق حقيقي لمستقبل الدوله الفلسطينية الموعوده عن طريق طرحه في أروقة الأمم المتحده وبين قدراتها التي بدأت تتآكل أكثر فأكثر على ادارة شئون الضفه دون مساس بما تبقى من شعبيتها الضعيفة أصلا هناك  وهو ما بدأت تفشل فيه فعليه وانتفاضة أهل الضفه مؤخرا خير شاهد على ذلك ..أما حكومة غزه فبعد أن نجحت في الصمود لخمسة أعوام خلت من الحصار الذي طورت خلاله العديد من الأساليب الابداعية الناجحة لكسر الحصار عن مواطني القطاع وومحاولاتها تحصين نفسها عسكريا للحيلوله دون التهامها من قبل جيش الاحتلال و عدوان 2008-2009 شاهد هو الآخر على هذه المحاولات ،  فقد ظهر لها أفق جديد واعد تمثل بانتصار الثورة المصريه وتولى الاخوان المسلمين – أشقائها- مقاليد الحكم فيها ..وهو الأمر الذي أدخل سلطة رام الله في حالة ارتباك وتوتر وقلق شديده ليس من مغبة ازدياد هوة الانقسام بينهما ..ولكن في الحقيقة من مغية سحب البساط من تحت أرجلها وانتقال الشرعية الثمثيليه العربيه للفلسطينيين من قيادة سلطة رام والله وما تبقى من منظمة التحرير الى قيادة سلطة غزه ومن معها من فصائل المقاومه ..لذلك سعت سلطة رام الله الى استخدام كل ما لديها من وسائل وعلاقات عربيه ودوليه لمحاصرة أي محاوله سياسية من قبل قيادة قطاع غزه لفك العزله عن نفسها واستمرت سلطة رام الله في ملاحقة وتتبع أي طرف عربي أو دولي  يقدم على استقبال اسماعيل هنيه في بلده ..لكن ذلك لم ينجح بالدرجة الكافيه التي يمكن فيها اقناع قيادة مصر الاخوانيه الجديده مثلا بالابقاء على حصار غزه وعدم استقبال ممثليها لديهم ..وإن كان نجح موقتا في ( فرمله ) الاندفاع المصري الجديد باتجاه فك حصار غزه بشكل كامل ..وذلك رأينا صالح رأفت مسئول حزب "فدا" والذي يمثل حزبه في الشعب الفلسطيني ربما نسبة لا تتجاوز الواحد  في المائه من شعب فلسطين..يطالب مصر بعدم استقبال هنيه بحجه أن ذلك يمس بوحدة التمثيل الفلسطيني .. كذلك كان قد صرح بركات الفرا السفير الفلسطيني(عفوا سفير عباس ) بالقاهرة، إن ( اسماعيل هنية لا يحمل أي صفة رسمية، وإن استقباله في مصر يجب أن يكون بصفته قياديا في حركة حماس..، مضيفا أن هناك رئيس وزراء واحد اسمه سلام فياض ..!!للأسف اضطر عباس أن يزج بشخصياته السياسيه الضعيفه لزياده الهوّه بينه وبين حكومة غزه ..ولمنع أي تخفيف عن حصار غزه ..فبالنسبة له إن أي تخفيف عن حصار غزه ينقص من عمر وهيبة سلطته الفاشله والتي طالب شعب الضفه الباسل في مظاهراته الأخيرة  باسقاط حكومة فياض التي عينها..الرئيس عباس  وللأسف وبدلا من ايجاد خط لرجوع له ..بات اليوم  يحرق كل مراكبه مع غزه بحيث أصبحت هجماته على سلطة غزه هما شاغلا رئيسيا له وكأنه في ذلك يتناغم تناغما فارقا مع بقابا فلول نظام مبارك المخلوع وهم يستمرون في تسويق وهم أن غزه أصبحت خطرا على مصر خاصة بعد عملية رفح الجبانة..،وأن الأنفاق أساس هذا الخطر مع ان الأنفاق كانت موجودة في عهد مبارك بشكل أكبر مما هو عليه الحال اليوم ..ومع ذلك فلا زلت أؤمن أن مصدر الخطر الأكبر والأوحد على مصر .. هم من يدخلون سيناء حتى اليوم بالبطاقة الشخصيه ..وهم الصهاينه وعملائهم والذين أرجح انهم هم من قام بالعملية الجبانة ضد جنود مصر البواسل ثم قتلهم مشغّلهم الصهيوني ليخفي آثار جريمته ..الخطر منهم وممن تبقى من فلول النظام العاملين في جهازي المخابرات وأمن الدوله وعلى المعابر وخاصة معبر رفح والذين يرجح أن  بعضهم ما زال يرتزق من رسوم الأنفاق والصفقات المشبوهه.. وهؤلاء ينبغي في رأيي تطهير أجهزة الدوله الأمنية  منهم وهو الأمر الذي  في تقديري سيحدث عاجلا أم آجلا ..الخطر الأكبر على مصر هو من بقايا أجهزة دولة مبارك العميقة ممن ساهموا واشتركوا في بيع غاز مصر لعدوها بأقل من ثمن تكلفة انتاجه وأقل بستة أضعاف من السعر الدولي ولازالوا يعملون  في وزارات زمؤسسات هذه الدوله .. اعتقادي الراسخ أن غزه ستبقى مصدر فخر لمصر ..وللأمه لأن بها مفاومه فاز قادتها بأشرف انتخابات نزيهة في المنطقه - رغم أخطائهم الكبيرة أحيانا - ودحرأبناؤها الاحتلال بالرصاص والصواريخ التي صنعوها بأيديهم أو التي نبشوا الأنفاق بأظافرهم للحصول عليها.. وليس بطاوله المفاوضات المشبوهه التي أدت بنا الى سلطة التنسيق الأمني البائس في اوسلو- رام الله وهي نفس الطاولة التي أسهمت في استلام مصر لسيناء بعد كامب ديفيد منقوصه السياده وتدمير مقومات صمودنا في كل دوله عقدت اتفاقيه سلام واستسلام مع الصهاينه ,, -لا أفق لانهاء الانقسام بين غزه والضفه الا اذا تنازل أحد الطرفين عن ثوابته .وهو ما لن يحدث في رأيي في المستقبل القريب على الأقل عند الطرف الذي يدير قطاع غزه ..أو اذا تم احتلال غزه بالكامل من قبل الصهاينه ..والحاقها بسلطة رام الله التي تعيش هي الأخرى تحت الاحتلال وهو أمر في تقديري  لن يتمكن الكيان من دفع ثمن آثاره  بالمطلق سواء عسكريا بخسارة المئات من جنوده ..اوديمغرافيا بهجرة مئات آلاف المستوطنين الصهاينه في مدن عسقلان واسدود وبئر السبع وغيرها والتي ستتساقط عليها صواريخ المقاومة بشكل غير مسبوق ..، ولا سياسيا بخسارة ما تبقى له من رصيد سياسي عند مصر والعرب.. أنصح الرئيس عباس أن يأتي الى غزه وينقل سلطته اليها اليوم ..وقبل فوات الأوان . * الكاتب قيادي سابق في حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين