بعد لغط قيادي فلسطيني حول التقدم إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على عضوية دولة مراقب، قررت القيادة الفلسطينية التوجه إلى المنظمة الدولية بهذا الطلب، إلاّ أنها على الأرجح لا تزال مترددة في طريقة عرض هذا الطلب والتصويت عليه، ففي وقت سابق أعلن وزير الخارجية رياض المالكي أن السلطة الفلسطينية لن تقدم طلب عضوية فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر، على أن يقدم في وقت لاحق والتي تبدأ هذا الشهر وتستمر حتى أيلول 2013، وبدلاً من ذلك، فإن الرئيس عباس ـ حسب المالكي ـ سيطلب من رئيس بعثة فلسطين في الأمم المتحدة "الشروع في اتصالات" مع المجموعات الإقليمية في الأمم المتحدة ومع سكرتيرها العام في شأن أفضل الصيغ لتقديم الطلب وأفضل توقيت لضمان الحصول على أغلبية كبيرة. وقد عكست هذه الأقوال اتجاهاً فلسطينياً بالاستجابة لمجمل الضغوط الدولية، الأميركية منها على وجه الخصوص، وتردد بعض الدول العربية في بذل جهد لإقناع الدول الصديقة لدعم الطلب الفلسطيني، غير أن موجة من الانتقادات العلنية لهذا الموقف، عجلت في اتخاذ القيادة الفلسطينية موقفا يدعو إلى التوجه إلى الجمعية العامة، إلاّ أن هذا الموقف ظهر مرتبكاً، حين أشار إلى أن تقديم الطلب، لا يعني الطلب بالتصويت عليه حالياً، الأمر الذي أوجد إرباكاً إضافياً على حقيقة الموقف الفلسطيني بهذا الشأن. من المعروف أن هناك موقفاً تقليدياً مؤيداً للقضية الفلسطينية في الجمعية العامة، إلاّ أن الحصول على عدد أكبر من المؤيدين هو أمر ضروري، ويجب أن تبذل جهود حثيثة للحصول على ما يقارب الاجماع بدلاً من الأغلبية، خاصة وأن صياغة الطلب الفلسطيني الخاص بالحصول على عضوية مراقب للدولة الفلسطينية، سيتضمن عناصر بالغة الأهمية، حيث يتوجب أن يتضمن نصاً واضحاً على أن القدس الشرقية هي عاصمة هذه الدولة التي تتحدد حدودها كما كانت في الرابع من حزيران عام 1967، وان هذه الدولة لا تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي، بما يفرض على المنظمة الدولية والمجتمع الدولي الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني لإجبار إسرائيل على الانسحاب الكامل والشامل من أراضي هذه الدولة. غير أن الأمر لا يتوقف عند هذه الصياغات أو غيرها، كسبب لتأجيل التصويت على الطلب الفلسطيني في الجمعية العامة، إذ إن هناك من يرى في القيادة الفلسطينية، ان تأجيل التصويت هو حل وسط بين التقدم بالطلب إلى الجمعية العامة، وبين تأجيل التصويت، كي تبدو السلطة الفلسطينية أنها أوفت بتعهدها والتزامها بالتوجه إلى الأمم المتحدة والجمعية العامة تحديداً، لعرض الطلب من ناحية، واستجابة للضغوط الدولية، الأميركية خاصة، بعدم التقدم بالطلب والتصويت عليه، باعتبار أن ذلك سيحرج إدارة أوباما التي تخوض معركة انتخابية رئاسية لولاية ثانية، وان بإمكان الفلسطينيين التوجه بطلب التصويت على الطلب في فترة تلي الانتخابات الأميركية، إذ إن دورة الجمعية العامة تستمر حتى أيلول 2013، عندها الأمور ستكون أكثر وضوحاً، إذا كان مترافقاً مع جهد فلسطيني وعربي لدى الدول المترددة في دعم الطلب الفلسطيني. وحسب تقارير صحافية، فإن القيادة الفلسطينية وجدت في الاقتراح الذي صاغه أمين عام الجامعة العربية نبيل العربي، مخرجاً لموقفها المحرج، اقتراح العربي يقضي بالاكتفاء بتقديم الطلب دون التصويت عليه، ويرجع البعض هذه الصياغة إلى أن هناك تردداً من جانب بعض الدول العربية في الوقوف في وجه الولايات المتحدة في فترة الانتخابات الرئاسية، على أمل أن تكون هناك فرص أفضل في حال فوز أوباما بولاية رئاسية ثانية، وكأن تجربة أربع سنوات هي ولاية أوباما الأولى، لم تكن كافية لإدراك هذه الدول، بما فيها السلطة الوطنية الفلسطينية على أن وقوف الولايات المتحدة إلى جانب إسرائيل بشكل مطلق، لا يتعلق بانتخابات أو تكتيكات، بل هو موقف استراتيجي يتوافق عليه الحزبان، الجمهوري والديمقراطي، والرهان على موقف أميركي متغير بهذا الشأن، هو مقامرة غير محسوبة وخضوع واستجابة لضغوط سياسية ومالية في إطار إسناد الحكومة الإسرائيلية. والواقع أن صياغة العربي للخروج من الموقف المحرج، لا يشكل مخرجاً بقدر ما يشكل إمعاناً في الخطأ ورهاناً فاشلاً لا يستقيم مع تجربتنا مع الإدارات الأميركية على اختلاف أشكالها وأحزابها، كما أن التردد في طرح الطلب للتصويت عليه، قد يشكل انشقاقاً بين الدول الداعمة لقضيتنا الوطنية، ثم ان أمر تقديم الطلب والتصويت عليه، قد بدأ منذ عدة أشهر كان يتوجب على القيادة الفلسطينية القيام بمساعيها لدى الدول الصديقة والحليفة والمترددة من أجل وضعه أمام ضرورة التصويت على الطلب، ومد هذه المساعي حتى أيلول القادم، يعني أن جولات الرئيس والخارجية والمبعوثين، لم تأت بإضافة عددية ونوعية على قائمة الدعم الدولي للطلب الفلسطيني، كما كانت تشير بيانات وتصريحات هؤلاء اثر كل جولة وكل زيارة. إن وضع القيادة الفلسطينية الشعب الفلسطيني في مناطق السلطة، بين خيار الوقوف في هذا الملف ضد الإرادة الأميركية ـ الإسرائيلية أو استمرار الدعم المالي والمادي للسلطة، يقع في جانب استخدام السلطة، هذه الضغوط، لتضغط بدورها على الشعب الفلسطيني من أجل الاستجابة للمتطلبات الأميركية ـ الإسرائيلية، واتخذت من التحركات الشعبية في مواجهة الغلاء والفساد مؤخراً، سبباً إضافياً لكي تختار الخيار الذي لا يتوافق مع الموقف الصحيح!! Hanihabib272@hotmail.com www.hanihabib.net