خبر : حمساوي وفتحاوي وشاب عادي ...بقلم: خليل أبو شمالة

الإثنين 17 سبتمبر 2012 02:12 م / بتوقيت القدس +2GMT
حمساوي وفتحاوي وشاب عادي ...بقلم: خليل أبو شمالة



حوار دار بين شابين يجلسان على شاطئ بحر غزة قبل يومين, ولم أكن أقصد أن أصغى لهما, لكن كنت جالساً قريباً منهما، وكانا يتجادلان بصوت مرتفع يسمعه القريبون.الشاب الحمساوي ملتح ويلبس جلابية بيضاء ويحمل مسبحه بيده, يقول في معرض رده أثناء المجادلة  مخاطباً الفتحاوي: لقد ضيعتم القضية عندما وقعتم على اتفاق أوسلو, وجلبتم الدمار بتوقيعكم على بروتوكول باريس الاقتصادي, وانتشرت الرذيله في عهد حكمكم للقطاع, ومارست قيادتكم الفساد بأنواعه, ونهبتم المال العام.وتابع: كان الكادر منكم يركب سيارة وله مرافق ويصرف له نثريات واتصالات من دون أن يعلم المواطن المقابل الذي يقدمه هذا الكادر للمجتمع.وواصل كيل الاتهامات فقال: أنتم أصحاب التنسيق الأمني, وأنتم من صافحتم الأعداء, وصادرتم القرار الفلسطيني وتجاهلتم الاجماع الوطني, وأنتم من إختطفتم منظمة التحرير ومؤسساتها, وأدرتم السفارات من خلال تعيين أناس أساءوا تمثيل الشعب الفلسطيني ولوثوا سمعته في البلدان المختلفة, ثم انقلبتم على الشرعية, ورفضتم نتائج الانتحابات, وشكلتم عصابات الموت التي مارست ابتزازاً ضد كثيرين.ثم وجه الشاب الحمساوي سيلاً من الاسئلة الاستنكارية للفتحاوي: لماذا قطعتم رواتب موظفي غزة، وما هي مصلحة من يستقبل تقارير من غزة، ولمصلحة من تجمع المعلومات عن المقاومة وفصائلها, ولماذا ضعفت سلطتكم أمام الضغوط في معركة تقرير غولدستون حول العدوان الاسرائيلي ضد غزة، ولماذا تمارس الأجهزة الأمنية الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية، ولماذا اعتقلتم قيادات حركة "حماس" في سجون السلطة، ولماذا مارستم سياسة تكميم الافواه ضد الصحافة والكتاب؟. وختم الشاب الحمساوي ثورته، وقد بدا عليه الهدوء نسبياً بعدما وضع حقائق وتساؤلات وما يحمل في عقله وقلبه وما في جعبته، فقال: فتح هي المسؤوله عن أوسلو, وهي التي مهدت الطريق لتدخلات واسعة من أطراف خارجية، ولا أعتقد أن هناك فرصة للمصالحة والاتفاق, لأن البرامج والأهداف متناقضة.جاء دور الشاب الفتحاوي الذي كان يحتسي القهوة ويدخن النرجيله, فقال: اتفاق أوسلو الذي تنتقده هو نفسه الذي جاء بكم الى الحكم, والانتخابات التي فزتم بها هي نتاج أوسلو وملاحقها, وما مارسناه لا يختلف كثيراً عما هو قائم اليوم اذا ما قارابناه من دون أن نقارنه. غضب الشاب الحمساوي وقال: اتقي الله يا رجل, كيف تقول هذا؟ فرد الفتحاوي طالباً منه أن يهدأ ويعطيه فرصة ويستمع لما سيقول, فكان له ذلك, واستمر الفتحاوي في حديثه: إن كانت سلطة "فتح" مارست القتل, فعمليات القتل كانت متبادلة, بغض النظر عن المخطئ والمصيب, خصوصاً أنه لم تجر أي عملية تحقيق مستقلة وقانونية في أي من عمليات القتل والقتل المتبادل, وإن كان المسؤولون والقيادات مارسوا فساداً ونهباً للمال العام, فقد كان لدينا مجلس تشريعي وجهات قضائية ومؤسسات مجتمع مدني مراقبة وتمارس نوعاً من المحاسبة, صحيح أنه لم يطبق ما صدر عن المحاكم, لكن أنتم لا أحد من غير حماس يعلم مصادر تمويلكم, وحجمها وأرقامها, وعندما تُسألون تقولون أن هذه أموال للحركة وهناك أموال للحكومة, مع أنها من المصادر نفسها، وجميعها تأتي أو تجمع باسم الشعب الفلسطيني, وتطالبوا الناس أن يتعاملوا بالشفافية, وأنتم غامضون وتحتكروا المعلومة, وتحجبونها عن الناس.وأردف:الكادر الفتحاوي كان يُصرف له سيارة واتصالات ونثرية, فهل كادر حماس وقادتها يمارسون حياة الزهد والتقشف في ظل الحصار؟ وهل هم محرومون من السيارات الفارهة, وسيارت الدفع الرباعي التي تحتاج كميات هائلة من الوقود, في وقت يعيش فيه القطاع أزمات متواصلة ومتلاحقة نتيجة نقص الوقود؟. وواصل الفتحاوي: السلطة مارست قطع الرواتب في حق أعداد كبيرة من الموظفين من غزة, لكن هل تستطيع أن تخبرني كم عدد الموظفين من خارج "حماس" يعملون في مؤسسات الحكومة في غزة وأجهزتها؟ وكيف تبرر أن الغالبية الساحقة من موظفي الحكومة هم من أبناء ومناصري وأصدقاء "حماس", في وقت يوجد ألاف الخريجين الذين لا يجدون فرصة عمل, ويسعون الى فرص بطالة إما في وكالة الغوث, أو مؤسسات أخرى؟. ثم انتقل الفتحاوي بمقارباته ليقول: في عهد السلطة كان الفساد وانتشار الرذيلة ومحلات بيع الخمور, واليوم الجميع يتحدث عن ظاهرة المواد المخدرة من الترامادول والحشيش وحبوب السعادة, وهناك تقارير تحدثت عن نسبة هائلة من المواطنين يتعاطون هذه المواد.ثم إن السلطة مارست ولا تزال سياسة تكميم الافواه والاعتقالات, وأنتم أيضاً مارستم سياسة الاستدعاءات والتهديد والوعيد, وفي وقت تمارس فيه الأجهزة الأمنية استقبال التقارير من غزة, أنتم تجبرون البعض على أن يطلعكم على كلمة السر لايملاتهم الشخصية وحساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي وتطلعون على خصوصيات هؤلاء من دون إذن من النائب العام, ناهيك عن مصادرة أجهزة الحاسوب من البعض تحت مبررات متعددة ومن دون استكمال الاجراءات. وزاد: إن سلطة "فتح" اعتقلت قيادات "حماس", وردت "حماس" بإعتقال وإهانة قيادات "فتح" "يعني مفيش حد أحسن من حد في هذا الموضوع"، السلطة فشلت سياسياً وتتعثر في إدارة الشأن العام, وهي في طريقها الى السقوط وطنياً, وترفض المصالحة بسبب الضغوط وبسبب ضيق أفق قيادتها ومراهنتها على وهم, و"حماس" تفشل في إدارة الشأن العام وحال الاحتقان تزداد في أوساط المواطنين, وترفض المصالحة بقرار داخلي وتحمل السلطة المسؤولية, أيضاً نتيجة حسابات الربح والخسارة الحركية. بعد هذه المجادلة, تدخل شاب كان يتابع الحديث، فقال: أنا شاب عادي, مش حمساوي ولا فتحاوي, لكن أنا مواطن من غزة, واسمحوا لي أن أقول لكما أن وضعنا مش راح يتحسن وماراح يكون في مصالحة ويا شماتة إسرائيل فينا, وانتما تمثلان قطبين لو التقيتما يمكن يكون وضعنا أفضل, لكن أنا مش شايف أمل, وبدي أطلب فنجانين قهوة لكما, علشان ترتاحوا شوية وتكملا موضوعكما, بس أنا عندي طلب يا ريت تلبياه لي, حاولا أن تتجادلا بصوت منخفض ولا تزعجا الناس بأصواتكما، لأن الناس زهقت كل التبريرات التي تقدم في ضياع الوطن والانسان!!.