خبر : في تقرير لوكالة الانباء الصينية : لا أفق لتحقيق السلام بعد 19 عاما على اتفاق أوسلو مع إسرائيل

الأحد 16 سبتمبر 2012 07:34 م / بتوقيت القدس +2GMT
في تقرير لوكالة الانباء الصينية : لا أفق لتحقيق السلام بعد 19 عاما على اتفاق أوسلو مع إسرائيل



رام الله – شينخوا:  بعد 19 عاما على توقيع اتفاق أوسلو للسلام المرحلي، بين الفلسطينيين وإسرائيل، تبدو فرص الانتقال إلى تنفيذ الشق النهائي من الاتفاق "شبه معدومة"، بحسب ما يراه مراقبون. ويقول المراقبون، إن ممارسات إسرائيل على الأرض طوال السنوات التي أعقبت الاتفاق الذي قام أساسا على حل الدولتين، جعلت تنفيذه أمرا عقيما ويدور في أفق مسدود. ويتضمن اتفاق أوسلو للسلام الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في البيت الأبيض بواشنطن في 13 سبتمبر عام 1993 سعيا لإنهاء عقود من الصراع، إعلان مبادئ حول ترتيبات الحكومة الانتقالية الذاتية. وكان هدف المفاوضات في حينها تشكيل سلطة فلسطينية انتقالية ذاتية في الضفة الغربية وقطاع غزة لمرحلة انتقالية لا تتعدى الخمس سنوات وتؤدي بعدها إلى تسوية نهائية.  وضمن الاتفاق للفلسطينيين إقامة سلطة حكم ذاتي وعودة مئات آلاف الفلسطينيين إلى الداخل وبناء مؤسسات دولة وتحسين مستوى المعيشة للمواطن الفلسطيني إلى حد ما غير أنه لم يوفر حتى الآن اتفاقا نهائيا للسلام وإقامة دولة فلسطينية مستقلة. ويحمل الفلسطينيون على المستوى الرسمي إسرائيل المسؤولية كاملة عن انسداد أفق التوصل إلى هذه التسوية، فيما توقفت آخر محادثات السلام بين الجانبين منذ مطلع أكتوبر عام 2010 بسبب الخلاف على استمرار البناء الاستيطاني الإسرائيلي. وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات لوكالة أنباء ((شينخوا))، إن كل حكومات إسرائيل المتعاقبة عملت على "إهدار" فرص السلام التي أتاحها اتفاق أوسلو من خلال فرض سياسة الأمر الواقع. ويتهم عريقات إسرائيل، بالعمل بشكل ممنهج على تدمير اتفاق أوسلو واستحقاقاته فيما يتعلق بقيام الدولة الفلسطينية "حتى تبقي احتلالها أمرا واقعا ولا تمنح الفلسطينيين الحد الأدنى من حقوقهم". ويعكس الواقع على الأرض نفسه في خيبة أمل الفلسطينيين إزاء الوعد الذي تلقوه من إسرائيل والمجتمع الدولي بإقامة دولة مستقلة لهم. ففي الضفة الغربية تسيطر إسرائيل على نحو 60 في المائة من الأراضي وتصعد عمليات البناء الاستيطاني الذي يقول الفلسطينيون إنه يدمر أي فرص لتطبيق حل الدولتين. أما قطاع غزة الذي أخلته إسرائيل بشكل أحادي الجانب في العام 2005 فيخضع لسيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) منذ منتصف يونيو عام 2007 بعد جولات من الاقتتال الداخلي ما حوله إلى ما يشبه كيانا منفصلا. ويرى الكاتب والمحلل السياسي من رام الله خليل شاهين، أن عدم حصول الفلسطينيين على دولتهم الموعودة بعد اتفاق أوسلو، ناتج عن أن الاتفاق في الواقع كان تعبيرا عن الانتقال لمرحلة جديدة عنوانها "المزيد من التشرذم وتجزئة الشعب الفلسطيني وأرضه". ويشير شاهين، إلى أن الاتفاق قسم الأراضي الفلسطينية والشعب الفلسطيني بموافقة قيادة منظمة التحرير بين فلسطينيي الداخل والخارج وقطاع غزة والضفة الغربية. وأحال اتفاق أوسلو التوصل لاتفاق نهائي للسلام إلى مرحلة تالية تتضمن ست قضايا رئيسة جميعها محل شكوى فلسطينية من عدم وفاء إسرائيل بالتزاماتها فيها. بين هذه القضايا القدس التي يريد الفلسطينيون أن يكون الجزء الشرقي منها عاصمة لدولتهم، فيما تصر إسرائيل على أنها عاصمة موحدة لدولتهم رغم اعتراف المجتمع الدولي بذلك. كما أن اختلافات كبيرة تشوب باقي القضايا المتعلقة بالاستيطان والمياه والحدود والأمن إلى جانب استمرار اعتقال إسرائيل أكثر من 4500 أسير فلسطيني. ويقول معارضون لاتفاق أوسلو، إنه لم يتبق منه سوء الشق المتعلق بالتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل التي تمتع بذلك باستمرار الاحتلال من دون دفع تكاليف. ويشير القيادي في حركة (حماس) صلاح البردويل لـ ((شينخوا))، إلى إن حركته تعتبر إسقاط اتفاق أوسلو بعد تجربة 19 عاما "أولوية وحاجة وطنية من الدرجة الأولى". ويعتبر البردويل، أن اتفاق أوسلو "باع الوهم للفلسطينيين ولم يفرز لهم سوى سلطة وظيفية أمنية تحت ظل احتلال عنصري مجرم يقوم على نهب الأراضي والمقدرات الفلسطينية بدون حسيب ". وعدا عن انسداد أفق الحل السياسي فإن الفلسطينيين يشتكون من أوضاع اقتصادية مزرية سببها برأيهم اتفاق أوسلو وملحقاته خاصة اتفاق باريس الاقتصادية. وطلبت السلطة الفلسطينية أخيرا من إسرائيل التفاوض بشأن تعديل اتفاقية باريس بعد أن تعرضت لموجة احتجاجات شعبية غير مسبوقة عمت الضفة الغربية تنديدا بالأوضاع الاقتصادية المتردية وغلاء المعيشة. وتقول وكالات الأمم المتحدة واقتصاديون فلسطينيون، إن الملاحق الاقتصادية لاتفاق أوسلو التي وضعت أطرها العامة في اتفاق باريس نفذتها إسرائيل بشكل انتقائي بما يحقق مصلحتها فقط. ويقول المعلق السياسي سامر عنبتاوي ل((شينخوا))، إن اتفاق أوسلو وملحقاته أفرزت اقتصادا فلسطينيا يتبع بشكل كلي لإسرائيل ليتيح لها السيطرة وحصار الأراضي الفلسطينية عبر فرض القيود الشديدة. ويشير عنبتاوي، إلى أن هذا الواقع أبقى الاقتصاد الفلسطيني مرهونا للمساعدات الخارجية وخاضعا للابتزاز الإسرائيلي خاصة فيما يتعلق بجباية الضرائب التي تقوم بها إسرائيل نيابة عن الفلسطينيين. ولفت عنبتاوي، إلى أنه بينما تورد إسرائيل للأسواق الفلسطينية منتجات بأكثر من أربعة مليارات دولار أمريكي سنويا، يترنح الاقتصاد الفلسطيني تحت ضغط أزمات اقتصادية ومالية لا تنتهي. واحتجزت إسرائيل في عدة مناسبات قيمة عائدات الضرائب التي تشكل ثلث الميزانية الفلسطينية وتبلغ نحو مليار دولار سنويا ردا على خطوات سياسية فلسطينية، كما أنها ترفض أي شروط مسبقة يحاول الفلسطينيون وضعها بوصفها التزامات مثل وقف الاستيطان قبل العودة إلى استئناف محادثات السلام. رغم ذلك لا يجاهر المسئولون الفلسطينيون مطلقا برغبتهم في التخلي عن اتفاق أوسلو، لكنهم يعملون على نيل اعتراف دولي بدولة مستقلة لهم على صعيد الأمم المتحدة. ويقدم الفلسطينيون هذا الشهر طلبا إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لنيل مكانة دولة غير عضو فضلا عن مكانة مراقب التي يتمتعون بها، رغم أنهم لم يقرروا بعد موعد طرح الطلب للتصويت. ويقول المفاوض الفلسطيني عريقات "خيارنا مازال حل الدولتين فقط مستندين بذلك إلى خيار القانون الدولي والشرعية الدولي الذي ينص على دولة فلسطينية على الحدود المحتلة عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وسنحقق ذلك من خلال الأمم المتحدة قريبا ". لكن حتى هذا المسار لن يضمن للفلسطينيين سوى خطوة رمزية تجاه إقامة دولة مستقلة لأن لا شيء سيتغير على الأرض في اليوم التالي كما يقول مدير مركز "بدائل" للأبحاث في رام الله هاني المصري. ويرى المصري في حديث مع ((شينخوا))، أن المطلوب فلسطينيا وبشكل ملح هو التركيز على إنهاء الاحتلال أولا "لأن التركيز على الدولة أدى إلى سلسلة لا تنتهي من التنازلات دون أن يفضي إلى شيء". ويضيف المصري، أنه "لا بد من إعادة تشكيل الحركة الوطنية الفلسطينية، وإنهاء الانقسام، واستعادة الوحدة وفق برنامج سياسي وشراكة حقيقية، ونقل الملف الفلسطيني برمته إلى الأمم المتحدة لأن مسار المفاوضات الذي أفرزه اتفاق أوسلو انتهى إلى الموت دون نتيجة".