"الربيع الفلسطيني"، هكذا وصف رئيس السلطة أبو مازن الانتفاضة التي بدأت قبل اسبوع في شوارع الضفة، فيما كان يقصد ان تتطور الأحداث العنيفة التي سيطرت على الشارع الفلسطيني الى شيء أخطر بكثير من غضب جماهيري على غلاء المعيشة. واشتدت الاضطرابات أمس. متظاهرون في نابلس أحرقوا اطارات للسيارات في مركز المدينة ورشقوا الحجارة على محطات الشرطة ومبنى البلدية. المحافظ جبريل البكري ومسؤولون آخرون يحاولون تهدئة الجماهير ولكن دون نجاح. الغضب كبير جدا. في رام الله، بيت لحم وفي الخليل تعطلت الاعمال التجارية، وآلاف سائقي السيارات العمومية أضربوا عن العمل، وأغلقت الشاحنات المفترقات في رام الله. في كل الأحداث يستهدف الجمهور عدوين – رئيس الوزراء سلام فياض والاتفاق الاقتصادي مع اسرائيل، اتفاق باريس. وفي اسرائيل ينظرون بقلق الى التطورات ويخشون من ان يوجه الاحتجاج أساسا الى اسرائيل ويؤدي الى نشوء انتفاضة ثالثة. لا يوجد مال للراتب اشارة بدء الانتفاضة كانت قرارات مشابهة لتلك التي اتخذت في اسرائيل. قبل اسبوع أعلنت الحكومة في رام الله عن رفع أسعار الوقود وضريبة القيمة المضافة، الامر الذي من شأنه ان يؤدي الى ارتفاع في أسعار كل المنتجات، وعلى رأسها المنتجات الأساسية مثل الحليب والخبز. في السنوات الثلاثة الاخيرة ارتفع سعر الوقود في السلطة بـ 55 في المائة وسعر ليتر البنزين اليوم هو 7.89 شيكل. وأدى البلاغ برفع معدل ضريبة القيمة المضافة بـ 1 في المائة لتصبح 15.5 في المائة الى اخراج الشباب الى الشوارع. أما في الحكومة ففسروا الاسعار الجديدة بارتفاع اسعار الوقود ومعدل ضريبة القيمة المضافة في اسرائيل، ولكن التفسير ليس فقط لم يهديء روع المتظاهرين بل أثار الخواطر أكثر فأكثر وأدى الى دعوات لالغاء اتفاق باريس، الملحق الاقتصادي لاتفاقات اوسلو الذي يربط اقتصاد السلطة باسرائيل. وتلقت هذه الادعاءات تعزيزا من تصريحات مسؤولي السلطة في ان اتفاق باريس هو عبء على الاقتصاد الفلسطيني بل ان أبو مازن أمر وزير الشؤون المدنية في السلطة، حسين الشيخ، برفع طلب رسمي لاسرائيل لاجراء تعديلات على الاتفاق، ولكن من القدس لم يأت جواب. وأدى ارتفاع الاسعار الى تآكل في أجور الفلسطينيين. ويشدد المتظاهرون على أنه بينما الحد الأدنى للأجور في اسرائيل هو أكثر من 4 آلاف شيكل، ففي الضفة هو 1.200 – 1.800 شيكل فقط، الامر الذي لا يسمح بالعيش. واذا كان هذا ليس كافيا، بسبب الوضع الاقتصادي الصعب للسلطة، فانها غير قادرة على دفع كامل رواتب شهر آب لموظفيها، الامر الذي يشعل أكثر فأكثر الأجواء ضد فياض والسلطة. واليوم ايضا ستنطلق مظاهرات في رام الله، يدعو فيها المتظاهرون الى سلسلة من الخطوات: مقاطعة البضائع الاسرائيلية، تشجيع استهلاك المنتجات الفلسطينية، الغاء اتفاق باريس، رفع الضرائب والجمارك على المنتجات المستوردة، والاستثمار في الزراعة في الاراضي التي في المنطقة ج الواقعة تحت السيطرة الامنية الاسرائيلية لمزيد من المساهمة في الاقتصاد الفلسطيني. السياسة التي في الخلفية رغم المشاهد الأصيلة للمتظاهرين العاصفين ثمة من يشعل نار المظاهرات ويضفي عليها ألوانا سياسية. ففي عدد من المدن رُفعت أعلام فتح الصفراء، ومسؤولون كبار في الحركة يلقون بالذنب على رئيس الوزراء سلام فياض قُبيل الانتخابات المحلية، ويستغلون كراهية الجمهور له كمن هو المسؤول عن رفع الاسعار لترجمة ذلك الى اصوات في صناديق الاقتراع في الانتخابات في الشهر القادم. كما ان المنظمة المنافسة، حماس، لا تجلس مكتوفة الأيدي. فوسائل اعلامها تغطي بتوسع الأحداث وكبار مسؤولي المنظمة يجلدون فياض والمسؤول عنه أبو مازن. "الاحتجاج هو نتيجة السياسة الفاشلة للسلطة الفلسطينية وتنسيقها الأمني مع الاحتلال"، قال الناطق بلسان حماس، فوزي برهوم. وعضو المجلس التشريعي عن المنظمة في الضفة، احمد عطوان، هو الآخر دعا الى إقالة فياض.